الدين بيقول إيه.. هل يجوز الطلاق بسبب "تشخير الزوج"؟
الأحد، 04 مارس 2018 07:00 مكتب:حسن الخطيب
جميعنا لاينسى العمل الدرامي الذي يدور حول قيام زوجة بإقامة دعوى خلع عن زوجها أمام المحكمة بحجة أنها " تخاف ألا تقيم حدود الله"، وكان السبب الرئيس الذي دفعها لتقدمها بطلب الخلع أن زوجها "يشخر" أثناء النوم، ذلك العمل الدرامي يكاد يلامس حقيقة واقعنا الحالي، خاصة وأن نسبة كبيرة من الرجال تكاد تصل إلى 60% تشخر أثناء النوم، إما بسبب عارض مرضي، أو بسبب ضغوط الحياة اليومية، ولكن من الناحية الشرعية هل شخير الزوج أثناء النوم من العيوب التي تبيح فسخ الزواج بين الزوجين.
المصري معروف بشخيره
عرف عن الأزواج المصريين بأنهم في حالة صراع يومي مع الحياة من أجل لقمة العيش،وهو مايجعل الزوج المصري عند دخوله في النوم في يصدر الأصوات والهمهمات، بالإضافة إلى أن الرجال بعد بلوغ سن الخامسة والثلاثين يصبحون أكثر عرضة للشخير، وذلك بسبب ارتخاء عضلات الجسم بفعل السن، وبالتالي ارتخاء سقف الحلق كعضلة من العضلات الموجودة بالجسم.
ولأسباب اجتماعية فإن الشخير أثناء النوم مشكلة صعبة، وتأثيرها الاجتماعي كبير، فقد يصل الأمر بسببه إلى الطلاق بين الزوجين، حيث أن الشخير أثناء النوم يجعل الطرف الآخر وغالبا ماتكون الزوجة في حالة نفسية صعبة، كما أن المشخر بسبب معايرة الزوجة له قد تطرأ تغيرات نفسية على شخصيته، فيبدأ في تجنب الآخرين، ويسهر لينام بمفرده محاولا تغيير طبيعة حياته ليتفادى المشاكل مع الزوجة.
الأزهر بيقول إيه؟
الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية، أكد لـ"صوت الأمة" بأن "تشخير" الزوج أو الزوجة أمر عارض قد يحدث لأسباب عديدة إما اسباب مرضية أو بسبب ضغوط الحياة اليومية، ولهذا فإنه ليس من العيوب التي تبيح فسخ عقد الزواج أو سببا من أسباب الطلاق.
وأشار عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن أهل العلم في الوقت الحالي أباحوا الطلاق أو الخلع بسبب التشخير بشرط أن يكون هناك تضررا من هذا التشخير، فإذا كان هناك ضررا بشكل لايطاق من الزوج أو الزوجه، وبعد فشكل كافة السبل للعلاج والإصلاح فيما بين الزوجين، ولم يستطع صاحب الأمر التحمل ولحق به ضرارا بالغا، فقد أعطى الفقهاء الحق للطرف المتضرر أن يطلب فسخ عقد الزواج.
بينما يرى الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية واستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن الفقهاء أجازوا للمرأة طلب الطلاق من زوجها في حالات عديدة، من ضمنها إلحاق الضرر بها، فإذا كان صوت "التشخير" سواء للزوج أو الزوجة يلحق الضرر بأيهما فإنه يحق للمتضرر منهما طلب الطلاق.
وأوضاف استاذ الفقه بجامعة الأزهر، بأنه في حالة تحمل الطرف الآخر لصوت "التشخير" ويمكن الا يكون هناك مؤثرات على الحياة بينهما، فإنه يصبح الضرر هنا ساقط، محذرا من افتعال الضرر لطلب الطلاق أو فسخ العقد، مستدلا بحديث ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ).
غير مبرر للطلاق
الشيخ علي ابو الحسن رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، يؤك على أن التشخير سواء للزوج أو الزوجة ليس مبررا لطلب الطلاق او فسخ العقد، لأن الطلاق فيه هدم للأسرة، والإسلام حريص كل الحرص على الحفاظ وحماية الأسرة في الإسلام.
واضاف رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، بأن طلب الطلاق والخلع بغير ضرر يوقع الزوج أو الزوجة في معصية، ولكن على كل منهما تحمل الطرف الآخر ومحاولة إيجاد علاج وحلول لمشاكلهم.
مبررات الطلاق
وأبرز رئيس لجنة الفتوى الأسبق، عددا من الأمور التي يحق معها للمرأة طلب الطلاق، مشيرا إلى أن الشرع الحنيف أعطى الزوجة الحق في طلب الطلاق أو الخلع عندما ترى من الزوج ما يضرها في دينها أو نفسها أو أخلاقها، ويكون الضرر معلوم بالضرورة، كان يكون هناك كراهية المرأة لزوجها، أو إكراه الزوج لزوجته على المعيشة، أو سوء خلق الزوج، أو إذا وقع عليها الضرر النفسي والجسدي والمعنوي، واستحالة الحياة بين الطرفين.
وتابع رئيس لجنة الفتوى الأسبق قائلا: ومن ضمن المبررات التي يحق للزوجة فيها طلب الطلاق، أيضا إذا رأت الزوجة بزوجها عيب يضر بحياتهما معا كالعقم، أو عدم القدرة على المعاشرة الزوجية، أو مرض خطير منفر، أو في حال تضرر الزوجة سواء من سفر طويل أو من حبس في السجن مدة طويلة، أو بفسوق الزوج كأن يكون شاربا للخمر أو مدمنا.
"التشخير" عند السلفيين
يرى أقطاب السلفيين وعلمائهم بأن التشخير أثناء النوم للزوج أو الزوجة من المبررات التي يحق للزوجة فيها أن تطب الطلاق، فيفتي ابن العثيمين بأن في سؤال ورد إليه عن الطلاق بسبب تشخير الزوج أثناء النوم فقال " أنه لاضرر ولا ضرار في الإسلام" وهي قاعدة فقهية اصيلة، فينبغي أن يراعي الزوج مشاعر زوجته، ويجتهد في الابتعاد عن أذيتها، فإن النوم ضرورة ، وإذا لم تأخذ الزوجة كفايتها من النوم فقد يلحق بها ضررا بالغا في نفسيتها، وهو ماسينعكس في حياتهما الزوجية، وعليه فإن للزوج أن يبادر في علاج نفسه".
بينما يرى ابن تيمية أن الطلاق للزوجة بسبب عارض يلحق بها الضرر هو أمر معلوم من الدين بالضرورة، ويحق لها في حالة وقوع الضرر ولم تستطع الاحتمال أن تطلب الطلاق من زوجها.