البطالة الزائفة فى مصر
الجمعة، 02 مارس 2018 03:01 م
استوقفني كلام الرئيس السيسى بالأمس خلال تدشين مدينة العلمين والمدن السكانية الجديدة فى عدد من محافظات مصر حول احتياج المشروعات القومية فى مصر الى ضعف العدد الحالى من العمالة فى أكثر من 11 ألف مشروع فى كافة أنحاء مصر.
عدد العمال فى المشروعات الحالية بما فيهم مهندسين وفنيين وغيرهم- وفقا لما أعلنه الرئيس – يبلغ حوالى 5 ملايين عامل ونحتاج الى ضعف هذا العدد والشركات الأجنبية العاملة فى هذه المشاريع طلبت من الرئيس جلب عمالة من الخارج لسد احتياجاتها وسرعة تنفيذ المشاريع وهو ما رفضه السيسى، فكيف يبلغ عدد السكان فى مصر ما يقرب من 100 مليار نسمة غالبيتهم من الشباب وتحت قوة العمل ونستورد عمالة من الخارج..؟!
كلام الرئيس يؤكده واقع سوق العمل الذى يحمل مفارقات مدهشة لا تعكس حقيقة الأرقام المنشورة عن معدلات البطالة فى مصر. ويؤكده ايضا استيعاب سوق العمل لملايين الأشقاء من سوريا وليبيا واليمن الذين استطاعوا العثور على فرص عمل حقيقية ويعمل لديهم مصريون أيضا.
وقائع كثيرة فى سوق العمل فى مصر الآن تكشف أن ما لدينا نوع من البطالة التى يمكن تسميتها بـ"البطالة الزائفة"
وخلال مناقشة مع اللواء أبو بكر الجندى خلال توليه الجهاز المركزى للاحصاء وأثناء استعراض التعداد السكانى قبل الاعلان عنه رسميا، اتفق معى أن أرقام البطالة بالفعل لا تعكس الحقيقة الأن فى ظل الثورة العمرانية والمشروعات القومية الضخمة فى مصر.
جهاز الأحصاء كان قد أعلن فى أخر بياناته إن معدل البطالة فى البلاد تراجع إلى 11.9% فى الربع الثالث من هذا العام مقابل 12.6 % قبل عام.
و أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 3.513 مليون عاطل بانخفاض 127 ألفا عن الربع المقابل من 2016 ، لكن بزيادة 17 ألف عاطل عن الربع الثانى من هذا العام.
هل هذا معقول..؟
كيف تتطلب احتياجات المشروعات الحالية 5 مليون عامل جديد والبطالة لدينا لا تتجاوز 3.5 مليون عاطل..؟ .. مفارقة غريبة بالطبع فى ظل الفرص المتاحة فى هذه المشروعات كثيفة العمالة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة وأنفاق قناة السويس والطرق الجديدة. والمليون نصف فدان وغيرها.
فى علم الاقتصاد تعرف البطالة بأنها ظاهرة تشير إلى وجود عدد كبير من الأيدي العاملة القادرة على العمل وترغب به ولكن لا تجد فرصة لذلك، وتعتبر أحد المؤشرات الاقتصادية التي تدلّ على ضعف الاستثمار والتنمية، أمّا فيما يتعلّق بمفهوم معدّل البطالة فيتمثّل في نسبة عدد الأشخاص العاطلين عن العمل إلى معدّل القوى العاملة الكلي، وسنتناول في هذا المقال قضية البطالة في مصر والتي تعتبر من أخطر القضايا التي تهدّد أمن الجمهورية واستقرارها على كافة الأصعدة والمجالات. وأن من بين أنواع البطالة، البطالة القسرية التي تتمثل في عجز الحكومة المصريّة عن توفير فرص العمل الكافية للأعداد الهائلة من الخريجين والمهنيين في القطاع العام.
فهل هذا ينطبق على واقع سوق العمل فى مصر الآن. أظن أن الاجابة لا تحتاج جهد لتأكيد ظاهرة " البطالة الزائفة " فى مصر حاليا.
كل ما نحتاجه هو اعداد قاعدة بيانات بالشرائح الاجتماعية القادرة على العمل وتأهيلها وتدريبها وفق احتياجات السوق الآن، واعادة النظر فى نظام التعليم بأكمله بما يتوافق مع حاجة سوق العمل.