دماء ضحايا قطار البحيرة حائرة بين البرلمان و"النقل".. ونائب للوزير: "مش جايبينك استشاري"
الخميس، 01 مارس 2018 02:20 م
صرخات وعويل.. جثامين تناثرت أشلاؤها على القضبان.. ودماء لطخت أرجاء المكان.. حالة من الهلع أرجفت القلوب ومرارة الألم أصابت الحلقوم.. ومصابين ينتظرون فرق الإنقاذ لتسحب أيديهم من براثن الموت وهم يصارعونه.. مشهد متكرر لحوادث الطرق والقطارات ولايعلم من المسئول عنه.
انطلق "القشاش" كعادته اليومية في الثانية عشرة من ظهر أمس الأربعاء، قادما من مدينة إيتاي الباروج بالبحيرة، ووجهته إلى ميدان رمسيس بقلب القاهرة، إلا أنه لم يكن يعلم أن نهاية الرحلة تكمن في بدايتها، فبعد نحو ثلث ساعة من انطلاق القطار رقم 678 على خط سكة الحديد "المناشي"، حاملا في عرباته المئات من المواطنين المقدر لهم أن يكونوا ضمن إحدى حلقات مسلسل الإهمال والموت على الطريق، اصطدم "القشاش" بقطار آخر للبضائع كان قابعا على يسار القادم منتظرا لأن يكتب نهايات عديدة لمستقليه.
عورات وتبادل اتهامات
الحادث الذي راح ضحيته 12 مواطنا، وأصيب خلاله 39 آخرين كشف عوار وزارة النقل، وهيئة السكة الحديد، وخرج مسئوليها يؤكدون أن ماوقع كان نتيجة سوء حالة السكك الحديد على مستوى الجمهورية، وهو السبب الأبرز الذي يريجه إليه مسئولي الوزارة أسباب العديد من الحوادث الأخيرة وراح ضحيتها المئات من المواطنين على مستوى الجمهورية.
في مثل تلك الحوادث يتبع المسئولين عادة إسلوب تبادل الاتهامات بينهم وبين الحلقة الأضعف التي وضعها حظها العثر في طريقهم، والتي كان يلعب عامل المحطة، أو المزلقان، أو التحولية، الدور الرئيسي فيها، إلا أن في تلك الواقعة صرح الدكتور هشام عرفات وزير النقل، بأن السكة الحديد متهالكة وتحتاج إلى 200 مليار جنيه للتطوير، في إشارة منه إلى القاء المسئولية على البرلمان، الأمر الذي قوبل بالرفض من أعضاء لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.
البرلمان يحرج الوزير
من جانبه نفى النائب مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، ماتردد عن علمها باحتياج وزارة النقل لهذا المبلغ لتطوير السكة الحديد، مؤكدا أن اللجنة لم تتلق حتى الآن قائمة باحتياجات الهيئة لتطوير المنظومة بشكل رسمي.
وقال وكيل اللجنة، في تصريحات له اليوم الخميس، إن لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان هى المعنية بمناقشة الموازنة العامة للدولة وموازنة الهيئات، لافتا إلى أن اللجنة أوصت باعتمادات إضافية لعدد من الوزارات بموازنة العام المالى الحالى وتم اعتمادها، ومنها على سبيل المثال وزارة التعليم العالى التى تقدمت للجنة بخطة واضحة تتضمن احتياجاتها وأوصت اللجنة باعتماد إضافى قدره 500 مليون جنيه لصالح المستشفيات الجامعية ودخلت حساب الوزارة بالفعل.وأضاف سالم أنه بناءً على عدم وجود خطة واضحة من الوزارة أو الهيئة لتطوير المنظومة فقد أوصت اللجنة فى تقريرها عن الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة عن العام المالى 2015/2016 بتشكيل لجنة تقصى حقائق برلمانية للوقوف على الحاجة الفعلية لضخ موارد مالية جديدة بالهيئة، واستبيان أسباب القصور الشديد الذى يشوب أداء منظومة السكة الحديد فى مصر وإن كانت أسباب مالية فقط أم أن هناك أسباب أخرى.
وأكد النائب هشام عبد الواحد، رئيس لجنة النقل والمواصلات بالمجلس، أنه لن تتهاون اللجنة في رصد أسباب الواقعة وتحديد المسئول عنها، ومعرفة ملابساتها، قائلا في تصريحات له اليوم الخميس: "مش هنقبل عزاء الناس اللي راحت إلا لو خلصنا الهيئة من تراكمات الأخطاء عندها"، مشيرا إلى أن الوقت حان لتطهير هيئة السكة الحديد من الأخطاء التي تراكمت وتسببت في وقوع العديد من الضحايا خلال السنوات الماضية لإيقاف نزيف الدماء على قضبانها.
وأضاف، إن البرلمان انتهى من إعداد كافة البنية التشريعية الكاملة والكافية التي طبلتها الحكومة، وتم تعديل كافة الفقرات التي تقدمت الحكومة بطلب تعديلها أو إلغائها أو إضافتها بما يخدم سير العمل بالمؤسسات الحكومية ويحد من انتشار الأخطاء المتسببه في تلك الكوارث.
تقصي الحقائق ومعدل الحوادث
وأشارالنائب مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى أن لجنة تقصى الحقائق تعمل على الوصول إلى الأسباب الحقيقية لنزيف الخسائر المستمر بالهيئة، ووضع خطة لتطويرها وهيكلتها، ومراجعة أعمال الإدارة والنظافة وبيع المشروعات والأراضى ومدى التزامها بمبادئ الشفافية، مؤكدا أن منظومة السكة الحديد فى حاجة إلى إعادة النظر فى شكل الإدارة، والاهتمام بتدريب العنصر البشرى بالهيئة والصيانة الخاصة بالجرارات والعربات.
وقال النائب محمد بدراوي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية، إن معدل حوادث القطارات في الـ6 أشهر الأخيرة، مايمثل أعلى معدل خلال أخر 10 سنوات، موضحا أن مطالبات وزير النقل بتوفير الإمكانيات المالية لتطوير السكة الحديد لا يعفيه من مسئولية الإهمال الإداري و دور ورش الصيانة و تدريب العنصر البشري، و مدى انتظام عمل هيئة السكة الحديد.
وأضاف بدراوي، أنه من الضروري أن يخرج وزير النقل على البرلمان بخطة زمنية واضحة لتطوير مرفق السكة الحديد، خاصة وأنه حصل على قروض للتطوير ولم يظهر حتى الآن خطوات تحسين ملحوظة في ذلك، منها قرض بـ 118 مليون دولار لتطوير الإشارات، مشيرا إلى أن وزير النقل عليه أن يجاوب بالأرقام و بالتفاصيل على خطته للتطوير و ما فعله و ما سيقوم به.
ولفت عضو «اقتصادية النواب»، أن عامل الإهمال في هذا الحادث أكثر من العامل المادي، مستنكرا عدم تقدم وزير النقل للبرلمان بخطة واضحة لاستهلاك الـ 200 مليار التي يطالب بها، كما أنه لم يتقدم بأفكاره لتطوير المرافق، قائلا: «احنا مش جايبين استشاري».
وأشار إلى أن الوزير أكد أنه لديه 7 مليون متر قابلين للاستثمار بما يدر على الهيئة عشرات المليارات، و لكن ما هو دور الوزارة في استثمار أموال الهيئة مطالبا بالاستغناء عن القطارات المكهربة، وأن الأولى بالتطوير هو الخطوط الحالية.