"السلايم" فيه سم قاتل.. لعبة تحمل الموت للأطفال وتحليلها يكشف كارثة
الأحد، 25 فبراير 2018 09:30 مهناء قنديل
فجأة ودون مقدمات انتشرت هذه اللعبة بين الأطفال، وصار الكثيريون منها يقضون يومهم في اللهو بها، في ظل أنها رخيصة الثمن، ولا يتجاوز سعرها 20 جنيها، كما أنها منتشرة بأيدي الباعة الجائلين، الذين لا يعرفون مصدرها، وإنما يحصلون عليها من التجار الذين يسرحونهم، ويتعاملون معهم.
اللعبة عبارة عن قطعة لدنة مطاطية سهلة التشكل، تشبه "اللبان"، يستخدمها الأطفال في صناعة أشكال متنوعة، كما كان يفعل أطفال زمان بالصلصال، لكن المفاجأة أن هذه اللعبة التي غزت مصر دون رقيب ممنوعة في أمريكا، ودول الخليج، بعد أن تم تحليلها، والكشف عن مكوناتها التي تحمل "بلاوي"، تهدد صحة الأطفال.
مرض قاتل
أم ماجد، والدة أحد الأطفال الذين اقتنوا هذه اللعبة، تقول إن ابنها بدأت تظهر عليه أعراض مرضية، بعد 3 أيام من اقتناء هذه اللعبة، حيث ارتفعت حرارته، ودخل في نوبة قيء، وإسهال شديدين.
وأضافت لـ"صوت الأمة": "الطبيب أمر بحجز الطفل في المستشفى، واتخاذ إجراءات عاجلة لعلاجه من حالة تسمم، ناتجة عن تلوث معوي، لكن دون أن نتبين سبب هذه الإصابة".
ولفتت الأم أن الشيء الوحيد الجديد الذي طرأ على حياة ابنها قبل إصابته بفترة وجيزة جدا هو تلك اللعبة، لذا اعتبرتها المسؤول الأول عما أصابه وتخلصت منها فورا.
انتشار مروع
"صوت الأمة" تتبعت هذه اللعبة، لتكتشف أنها منشرة بشكل مروع، وسعرها لا يتجاوز في أقصى الحالات ارتفاعا 20 جنيها، لذا فهي مغرية جدا للأطفال، في ظل تجاوز أسعار أرخص اللعبات الأخرى 50 جنيها.
سألنا الباعة من أين يأتون بها، لم يتفق إثنان على رأي، ومنهم من أكد أنها مستوردة، وآخرون أشاروا إلى أنها مصنعة في مصر، لكن الجميع لم يستطيعوا أن يوضحوا بجلاء مصدر هذه اللعبة، وكيف تدفقت كمياتها على الأسواق.
أما التجار الذين مدوا الباعة الجائلين بهذه اللعبة، فرفضوا تماما الإفصاح عن مصدرها، بل إن بعضهم راوغ في سبيل إخفاء كيفية حصوله على اللعبة.
المثير في الأمر أن هذه اللعبة الخطيرة، غير موجودة إلا بين يدي الباعة الجائلين، فالمحال الكبيرة، والشهيرة، وحتى تلك العادية المتخصصة في بيع لعب الأطفال، لا تعرف عن "السلايم" شيئا.
أحمد يحيى أحد مستوردي لعب الأطفال، بمحافظة الشرقية، يؤكد أن الألعاب المنتشرة على الأرصفة، وبين أيدي الباعة الجائلين، هي ألعاب مستوردة من الصين، يتضح أن بها عيوب، فيعاد بيعها للباعة الجائلين لتسويقها علي الأرصفة بأسعار رخيصة، بدلا من إتلافها.
وعلى غرار الرأي السابق، يؤكد محمد محمود صاحب شركة لبيع لعب الأطفال، أن الأزمة العالمية، أثرت على سوق لعب الأطفال، حيث تراجع البيع والشراء، مما دفع بعض التجار إلى استيراد أنواع رخيصة، وغير مطابقة للمواصفات من الألعاب، خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن المواصفات القياسية الجديدة، التي أصدرتها مصر، ستعمل على وقف انتشار هذه الألعاب، خاصة أنها تماثل المواصفات الأوروبية.
تحليل المكونات
تحليل مكونات اللعبة أجراه قسم السموم بمدينة الملك فهد الطبية، في المملكة العربية السعودية، موضحا أنه بعد زيادة أعداد الأطفال الذين يصابون بأنواع مختلفة من التسمم، واكتشاف أن هذه اللعبة كانت العامل المشترك بينهم جميعا، تم تحليلها ليتبين أن مكوناتها تضم مواد كيماوية خطيرة، منها صمغ وحمض البوريك، وهو المكون الأساسي في صناعة المبيدات المكافحة تقف وراء حالات التسمم التي تصيب الأطفال.
وحذرت المدينة الطبية، في تغريدة على حسابها بـ"تويتر"، الأسر من اقتناء أبنائهم لهذه اللعبة، القادرة على إصابة الطفل بأمراض شديدة الخطورة، منها السرطان، والفشل الكلوي.
الطب الشرعي يؤيد
الدكتورة هبة يوسف، أستاذ ورئيس قسم الطب الشرعي والسموم، بكلية الطب في جامعة بورسعيد، أبدت اتفاقها مع تحليل المكونات، والتحذير الذي أصدرته الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية.
أكدت أن هذه اللعبة، ومثلها الكثير من الألعاب ذات الألوان المتوهجة، والأشكال الجذابة للأطفال، وبخاصة رخيصة الثمن، تعتمد على مواد رديئة، تجلب الأمراض.
وأوضحت أن أعراض التسمم الحاد، تنتج من تناولها بالفم أو الملامسة بالجلد، حيث يؤدي ذلك إلى القيء، والتقلصات المؤلمة بالجهاز الهضمي والأمعاء، وعدم التحكم في البول أو البراز، مع إسهال شديد، وحكة جلدية شديدة نتيجة التلوث الناجم عن ملامسة الجلد لفترة أكثر من ساعتين دون غسل اليدين جيدا، بالإضافة إلى تهيج الجيوب الأنفية، والصداع.
جهود المواجهة
أشرف إسماعيل، رئيس الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، أكد تكثيف جهود مواجهة انتشار هذه اللعبة القاتلة، وشدد على اتخاذ جميع إجراءات التنسيق بين الهيئة، والجهات المعنية، ومنها مصلحة الرقابة الصناعية، والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات؛ لمتابعة إلتزام المستوردين، والشركات المنتجة في مصر لهذه اللعبة، ومصادرة الكميات غير المطابقة للمواصفات القياسية، ومعاقبة المسؤولين عن نشرها بالأسواق.
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أوضح أن قائمة استيراد المصريين للعب الأطفال خلال عام 2017، تكلف 20 مليون دولار، لافتا إلى أنها تنوعت بين ألعاب زينة بقيمة 294 ألف دولار، وألعاب تلامس الفم بقيمة 88.1 ألف دولار، وألعاب كالمسدسات والبنادق بقيمة 12.3 ألف دولار، وبالونات بقيمة 43.4 ألف دولار.
وأشار إلى أن الواردات من الاسكوتر تكلفت 12.4 مليون دولار، والبلياردو ولوازمه 126 ألف دولار، وألعاب الفيديو بقيمة 943 ألف دولار، وألعاب مجتمعات بقيمة 2 مليون دولار، وزلاجات مائية بقيمة 773.4 ألف دولار.