كيف يكون التدخين حراما ولم يكن موجودا في زمن النبي والصحابة؟
الأحد، 25 فبراير 2018 02:00 مكتب:حسن الخطيب
عرف "التبغ" وهو المكون الأساسي "للسجاير والمعسل" كنوع من أنواع التدخين في العصور الوسطى، أي بعد مرور قرون على ظهور الإسلام، حيث يرجح علماء التاريخ أن "التبغ" عرف بعد اكتشاف القارة الأمريكية، فقد كان يزرعه السكان الأصليون بها، وكانوا يستخدمونه في طقوسهم الدينية.
وبعد أن اكتشف كريستوفر كولومبوس للقارة الأمريكية، في العام 1500، أحضر معه التبغ عند عودته إلى أوروبا، للدلالة على اكتشاف القارة الجديدة، بعد أن وجده لدى سكانها، واستطاب رائحته، معتقدا أنه يشفي من الأمراض، وخلال سنوات انتشر استخدام التبغ بسبب هذا المعتقد.
ومع حلول العام 1600، تحول التبغ إلى نبات مطلوب بسبب رائحته وارتباطها بمزاج الأوربيين، ومع بداية القرن التاسع عشر صمم الفرنسيون أول سيجارة من أوراق التبغ، وبعدها عرف العالم التدخين باستخدام التبغ في السجائر، وفي ال"الجوزة" التي كانت تصنع في بدايتها من جوزة الهند.
ومع أن التدخين قد جاء بعد الإسلام بقرون عديدة، ولم تكن موجودة في زمن النبي، ولا الخلفاء الراشدين، ولا الصحابة حتى انتهاء الدولة الأيوبية، فكيف حرمه الإسلام ولم تنزل فيه آية صريحة كما نزلت بالخمر؟
يقول الدكتور محمد حسن مهدي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن التدخين محرم في الإسلام، بإجماع العلماء وفقهاء الزمان الذين ادركوا ظهور التدخين، مشيرا على أن الحكم جاء بناءا على مايسمى بـ"الاستنباط" في الإسلام، وهو علم من علوم أصول الفقه التي تجيز الاجتهاد في المسائل والمستجدات العصرية، منوها على أن الإستنباط هو استنتاج الأحكام من الأدلة الشرعية والعقلية، وهو الطريق الصحيح لاستخراج الأحكام من القرآن الكريم، حتى أن العالم المسلم جلال الدين السيوطي عده علم وكتب أنه من علوم القرآن الخامس والستين، وقد أسس منهجا خاصا فيه.
وأوضح أستاذ العقيدة والفلسفة، أن التدخين حرام شرعا لاستنباط الأحكام من القرآن الكريم من قوله تعالى "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ"، فاستنبط العلماء الحرمة في أن التدخين من الخبائس التي تضر النفس، والتي كفل الإسلام حمايتها وصيانتها وجعلها من الكليات أو الضروريات الخمس التي كفل الله حمايتها.
وتابع أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر، بأن لما يترتب من إلحاق الضرر بالنفس من التدخين وجدت العلة التي من أجلها حرم التدخين، عملا بقوله تعالى "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، فاعتبر العلماء أن التدخين من الخبائس والمضار والمفاسد التي تلحق الأذي بالنفس والصحة والمال.
فيما يؤكد الدكتور رجب سيف قزامل أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، بأن التدخين حرام لعلة الإضرار بالنفس، وتجعل النفس تشرف على الهلاك والله تعالى يقول: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا"، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم، عن الإضرار بالنفس فقال: "لا ضرر ولا ضرار" وانطلاقا من هذه القاعدة الفقهية العريضة فإن التدخين بكل أنواعه المضر بالصحة حرام بإجماع الأمة.