فتنة الأرز تشعل غضب المزارعين.. نقيب الفلاحين: قرار خفض المساحة المزروعة يؤثر على غذاء المواطن
الأحد، 25 فبراير 2018 04:00 ص السعيد حامد - أمل غريب
فى 27 يناير الماضى، أصدر الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، قرارًا بتخفيض المساحة المنزرعة بمحصول الأرز الموسم المقبل من مليون و76 ألف فدان إلى 724 ألف فدان فقط، معللا القرار بأنه يهدف إلى الحد من إهدار مياه نهر النيل والحفاظ عليها من سوء الاستخدام، لكن القرار أثار المخاوف من ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، علاوة على الأزمة التى سيواجهها الفلاحون فى زراعة محصول بديل للأرز. وتواجه مصر منذ عشرات السنوات فقرًا مائيًا، بسبب حصة المياه الثابتة التى تحصل عليها من مياه نهر النيل (تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا بينما يصل استهلاكها 80 مليار متر مكعب)، منذ أن كان تعداد سكانها 20 مليونًا، حيث يتضاءل نصيب الفرد كل عام، فضلا عن «سد النهضة» الذى يقول عنه خبراء إنه سيؤثر على حصة مصر نظراً لفترة ملء الخزان وانخفاض دائم بسبب التبخر من خزان المياه.
قرار تخفيض زراعة الأرز يأتى ضمن خطة الحكومة لتقليل زراعة المحاصيل الزراعية التى تستهلك كثيرًا من المياه، بحسب المهندس عبداللطيف السعيد، رئيس قطاع الرى بوزارة الموارد المائية والرى، مشيرًا إلى أنه تمت دراسة وتجهيز المساحات المصرح بزراعتها، مع تواصل جهود القطاع فى دعم وتفعيل منظومة السياسة الترشيدية للاستخدامات المائية على مستوى المحافظات المعنية، لتحقيق الاستغلال الأمثل لأى أمطار تسقط على الوادى والدلتا والاستفادة منها استفادة كاملة.
قال حسام الإمام، المتحدث باسم وزارة الرى، إن قرار تخفيض المساحة المزروعة بالأرز يهدف للحد من إهدار مياه النيل والحفاظ عليها من سوء الاستخدام، مشيرًا إلى أن التجاوزات فى زراعة الأرز تخطت خلال العام الماضى المساحات المحددة لزراعته بنحو 500 إلى 600 ألف فدان.
وأضاف الإمام فى تصريحات صحفية: «يمكن تعويض محصول الأرز بمحاصيل أخرى، بينما يتصدر ترشيد استهلاك المياه أولوية فى الوقت الحالى، خاصة أن الحكومة بدأت منذ عام 2017 فى تطبيق خطة قومية لإدارة الموارد المائية».
وأكد أن المساحة الجديدة تغطى احتياجات السوق المحلية، وأن القرار دخل حيز التنفيذ، وتم توزيعه على كل الجهات، وتابع: «أى شخص لن يلتزم بالقرار سيتعرض للغرامات».
بدوره، كشف الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة، عما أسماه «عدة إجراءات لترشيد استهلاك المياه»، مثل حظر إنتاج بعض التقاوى الشرهة للمياه، وتحديد المحاصيل الموفرة للمياه، مؤكدًا أن التحول إلى مشروعات ترشيد استهلاك المياه «ضرورة» لحماية الموارد المائية، واستكمالا لخطة الدولة التى تنفذها وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة الرى والأجهزة المعنية بهدف ترشيد استهلاك المياه واتباع أفضل النظم الحديثة فى الرى.
ورغم أن القرار يهدف لمواجهة الفقر المائى الذى تعانى منه مصر، إلا أنه أثار استياءً وغضبًا عارمًا بين الفلاحين الذين أصبحوا بين سندان القرار ومطرقة المحاصيل البديلة، بحسب حسين أبوصدام نقيب الفلاحين، الذى قال فى تصريحات صحفية، إن القرار يضر بمصلحة الفلاح وحده ويقضى على زراعة الأرز فى مصر لصالح الاستيراد من الخارج.
وأكد أن القرار لن يثنى الفلاحين عن زراعة الأرز، خاصة أن معظم الأراضى التى تزرع به لا تصلح لزراعة محاصيل أخرى، لأن معظمها يتم ريه عن طريق مياه الصرف الزراعى، نظرًا لقربها من البحر، وليس عن طريق النيل، فضلا عن وجود محاصيل أخرى أكثر استهلاكًا للمياه من الأرز، مثل الموز. وأضاف أبوصدام: «تقليص المساحات المنزرعة فى البلاد يهدد غذاء المواطن، ويجب تقليص مساحات الموز والبرسيم اللذين يحتاجان كميات كبيرة من المياه، والابتعاد عن محصول استراتيجى مثل الأرز الذى يعتمد عليه الكثير من المصريين فى غذائهم».
وتابع: «من الخطأ تقليل مساحات الأرز لأن الأراضى المزروعة به فى الدلتا شديدة الملوحة ولا تصلح إلا فى زراعته، وفى حالة توقف زراعته ستفقد الأرض خصوبتها وتتعرض للبوار، ويزحف عليها البناء، وهذا ما نرفض حدوثه».
وتابع٬ «يجب استخدام طرق الرى الحديثة، وزراعة سلالات أرز غير شرهة للمياه، لكن ما يحدث أننا لا نرى سياسة واضحة لوزارة الزراعة تحدد الأراضى التى ستزرع أرزا من عدمه، وليست لدينا دورة زراعية».
يباع الأرز فى المنافذ التموينية بـ 6.5 جنيه للكيلو، بينما يتراوح سعر الأرز السائب بين 7 و10 جنيهات للكيلو والمعبأ بين 6.5 و13 جنيها، وارتفاع الأسعار، كان أحد أكبر مخاوف الخبراء، خاصة أن الأرز من السلع الأساسية للمواطن، ويصرف على بطاقة التموين، رغم التأكيدات الصادرة من وزارة التموين، حول التزامها بتعزير أرصدة الأرز فى فروع شركتى الجملة «العامة والمصرية» لسد حاجة الاستهلاك للبطاقات التموينية، بشكل مستمر وتوفيره للبقالين التموينيين.
يقول رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة الحبوب فى اتحاد الصناعات، إن تخفيض المساحات المزروعة بالأرز، يؤثر بشكل مباشر فى الأسعار، لأن ذلك سيؤدى إلى تراجع المعروض فى السوق. مشيرًا إلى أن تنفيذ القرار يتوقف على التزام المزارعين به وليس صدوره فقط، مؤكدًا ارتفاع الأسعار، خاصة مع قدوم شهر رمضان. موضحًا: «مصر تمتلك مخزونًا استراتيجيًا كافيًا حتى الآن، لكن بالطبع سيتأثر هذا المخزون مع تقليل المساحات المزروعة».
وتوقع شحاتة أن يرفع تطبيق القرار، أسعار الأرز إلى نحو 12 أو 15 جنيها بدءً من 2019، خاصة أن التسعير سيتحدد حينها وفقًا لأسعار السوق العالمية، لافتًا إلى أنه تتم زراعة نحو مليون و800 ألف فدان إلى مليونى فدان سنويًا لتغطية الاستهلاك المحلى، مشيرًا إلى أن القرار يسهم فى الحد من زراعة الأرز المصرى، والإقبال على أنواع منافسة مثل الأرز الهندى.
وزارة التموين بدورها، قالت فى بيان لها، إن الأرصدة الاستراتيجية من الأرز آمنة وتكفى مقررات البطاقات خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى حرصها على متابعة موقف السلع الأساسية بالمحافظات من الأرز والزيوت والسكر وغيرها، وأنه يتم الدفع بالكميات المطلوبة لتوفير احتياجات المواطنين وتلبية الطلب.