بعد ضبط شبكة "المعصرة".. كيف تستخدم العصابات مواقع التواصل الاجتماعي في تجارة الأعضاء البشرية؟
السبت، 24 فبراير 2018 01:15 مأحمد سامي
"تجارة الأعضاء البشرية" شهدت في الآونة الأخيرة حالة من الرواج الكبير، وتحول الاتجار بأعضاء البشر إلي سوق تحكمه الآليات والسرية في ظل غياب القانون الذي يحكم هذه التجارة، في داخل علب الليل والشقق المفروشة وبعض المراكز الطبية غير المرخصة، حيث يتم إجراء عمليات نقل وسرقة الأعضاء البشرية بمقابل مادي متفق عليه بين الضحية وأعضاء التجارة، وفي أحيان أخرى يكون الأمر بمنتهى الانحطاط من سرقة العضو من صاحبه دون اتفاق مسبق أو مقابل مالي، ومع ارتفاع معدلات هذه التجارة والتي أصبحت تتخذ شكل دولي، فقد أحكمت الأجهزة الرقابية والأمنية السيطرة علي سوق تجارة الأعضاء حتى تمكنت من إسقاط عدة شبكات كبرى، كان آخرها شبكة المعصرة، "صوت الأمة" ترصد في التقرير التالي تفاصيل أبرز العصابات التي تم ضبطها بتهمة الاتجار في الأعضاء البشرية.
شبكة المعصرة استخدمت الفيس بوك وسيلة للتواصل
اعلانات مبهمة انتشرت علي مواقع التواصل الاجتماعي، قامت من خلالها جماعات الليل من استقطاب عدد من ضحاياها، واستغلال ظروفهم في الاتفاق علي بيع العضو البشري المطلوب مقابل مادي، واتخذت الشبكة الجديدة من منطقة المعصرة مقراً لها من خلال شقة مفروشة تجري بداخلها المقابلات وعقد المفاوضات، وبعد الاتفاق يسافر الضحية للخارج لإجراء العملية.
تمكنت مباحث القاهرة من القبض عليها، من خلال معلومات وردت لمدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، تفيد بإنشاء أشخاص شبكة لتجارة الأعضاء البشرية واتخاذ شقة مفروشة بدائرة قسم شرطة المعصرة مسرحاً لمزاولة النشاط الإجرامي وعقد الاتفاقات.
بدأ فريق البحث في التأكد من صحة المعلومات الواردة وبعد مداهمة الشقة مقر العصابة، تم ضبط 9 أشخاص، وأوراق ومستندات مستخدمة في عمليات سفر الضحايا إلى خارج البلاد، وبعض التقارير الطبية الخاصة بالعمليات المشبوهة، وعملات أجنبية.
كما تم ضبط أجهزة حاسب آلي مدون عليها جميع العمليات التي تم تنفيذها وتفاصيل جميع الجرائم التي ارتكبتها الشبكة، وتبين قيامهم بتسفير الشباب إلي خارج البلاد بدول أوروبية لتنفيذ عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية مقابل مبالغ مالية
و كشفت التحقيقات إن الشبكة يتزعمها أن الشبكة يتزعمها 4 أشخاص يحملون الجنسيات اليمنية، و5 أشخاص مصريين بينهم سمسار يدعي م ر، وتستخدم موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لاستقطاب ضحاياها عن طريق بعض الإعلانات، واستقطابهم إلي شقة مفروشة بالمعصرة لإتمام عقد الصفقات المشبوهة والاتفاق على المبالغ المالية، التي يتم بعدها تسفير الضحايا إلي دول خارجية لإتمام العمليات الجراحية.
شبكة أبو النمرس للاعضاء البشرية
بمستوصف صحي داخل منطقة أبو النمرس تمكنت قوات الأمن من ضبط تشكيل عصابي مكون من 16 شخصاً، بينهم أطباء وممرضين وعمال وسماسرة، أثناء إجرائهم عملية جراحية لاستئصال كلى وجزء من كبد أحد المواطنين، تمهيداً لزرعها لسيدة "خليجية"، وذلك بمقابل مادي 10 آلاف دولار.
جاءت البداية بتلقي أجهزة الأمن بلاغاً من شخص يدعى "جمال" ضد طبيب يدعى "عزت" مقيم في عابدين، يمارس تجارة البيع في الأعضاء البشرية، على نطاق واسع، من خلال أحدي المستشفيات الخاصة بمنطقة أبو النمرس في الجيزة يتم إجراء العمليات الجراحية بها في الخفاء بعيداً عن أعين الأجهزة الرقابية، فتم استهداف المستشفى عقب تقنين الإجراءات وضبط المتهمين الـ8 .
وأثناء اقتحام المستشفى، تبين وجود سيدة خليجية تقوم بزرع كلى بعد شراءها من أحد الأشخاص، الذي تنازل عنها مقابل 20 ألف جنيه، وتبين هروب صاحب المستشفى، وتم التحفظ على الأحراز، عبارة عن عينات وتحاليل، وسيارة لأحد الأطباء، وبعض الأوراق والمستندات.
وكشفت التحقيقات، أن المتهمين شكلوا عصابة لتجارة الأعضاء البشرية ضمت أطباء وسماسرة وممرضين، واتفقوا فيما بينهم على قيام السماسرة باستقطاب الضحايا من المناطق الريفية والشعبية النائية بالقاهرة والمحافظات، وإقناعهم بالتنازل عن أعضائهم بعد إغرائهم بالمقابل المادي الكبير الذي سيتقاضونه نظير ذلك، بعدها يتم اصطحاب الضحايا إلى مستشفيات تابعة للمتهمين، ليتسلمهم الفريق الطبي، ويجرون لهم الفحوصات الطبية اللازمة، وبعد التأكد من سلامتهم الصحية يتم إجراء عملية نقل الأعضاء.
وأضافت التحقيقات، أن المتهمين استقطبوا بعض الأشخاص الذين يعانون من فشل كلوي لشراء الكلى منهم مقابل الأموال وبيعها لأشخاص من الخليج، وحددوا مبلغ 20 ألف جنيه للمريض الذي يتنازل عن أعضائه، بينما يحصل الطبيب الذي يجرى العملية الجراحية والذي يدعى "عزت" على مبلغ مالي قدره 10 آلاف دولار، ويحصل طبيب التخدير على مبلغ 5 آلاف دولار، ويحصل الممرض على 1,5 ألف دولار، ويحصل فني المعامل على 3 آلاف دولار.
وأوضحت التحقيقات، إن المتهمين كانوا يجبرون بعض الضحايا على توقيع إيصالات بتنازلهم عن أعضاءهم البشرية للآخرين، حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون، على أساس أنها عملية تنازل وليست بيع، لكن تبين أن البحث عن المال والاتجار بأعضاء "الغلابة" هو الأساس في الأمر.
شبكة الدولية لتجارة الأعضاء ضمت 20 طبيبا
في 12 أغسطس الماضي بدأت محكمة الجنايات أولى جلسات محاكمة 41 متهما لارتكاب جرائم نقل وزراعة الأعضاء البشرية، والاتجار في البشر، والتربح من أعمال الوظيفة العامة، من بينهم 20 من الأطباء الجامعيين والعاملين بالمستشفيات الحكومية من المتخصصين في الباطنة والجراحة العامة والتخدير، و10 ممرضين و9 سماسرة ووسطاء وعاملين ببنك الدم قاموا بـ 28 عملية جراحية لنقل وزراعة أحد الأعضاء البشرية من كلى المصريين لبيعها لمرضى أجانب وخليجيين.
وكشفت التحقيقات إن أعضاء الشبكة استخدموا مستشفيات دار الشفاء الخاصة بحلوان، ومستشفى الباشا التخصصي بفيصل، ومركز الأمل للجراحات العامة بالمريوطية، ومستشفى دار ابن النفيس، كما يدفع المريض الراغب في إجراء عملية زراعة الكلى مبلغًا يتراوح من 80 ألف دولار إلى 120 ألفًا لشراء الكلى ووصل عدد الوفيات نتيجة عمليات نقل وزراعة الكلى إلى 4 منهم مصرية واحدة تم استئصال الكلية منها، و3 من الأجانب المنقول إليهم الكلى المنزرعة.
وأوضحت التحقيقات أن المتهمين كونوا جماعة إجرامية منظمة، تهدف إلى ارتكاب جرائم نقب وزراعة الأعضاء البشرية، والاتجار في البشر، وتعاملوا مع الأشخاص الطبيعيين بمختلف الصور، وكان ذلك بأن ارتكبوا سلوك النقل والتسليم والإيواء والاستخدام والاستقبال للمجني عليهم، واستغلوا حاجتهم المالية، بغرض استئصال عضو الكلى لديهم، وزراعته في عدد من المتلقين من المرضى الأجانب، الذين يعانون من الفشل الكلوي، بالمخالفة للقواعد والأصول الطبية، وفي غير المنشآت المرخص لها بذلك، وهو ما ترتب عليه إصابة عدد من المجني عليهم بعاهة مستديمة، ووفاة أحدهم.
وأظهرت التحقيقات، إن جميع العمليات تمت دون إتباع القواعد والأصول الطبية المتعارف عليها والمتطلبة قانونا لإجراء تلك العمليات، والتي أجريت في بدروم أحد العقارات بمنطقة المقطم، وجميعها من غير المنشآت الطبية المرخص لها بإجراء عمليات زراعة ونقل الأعضاء، وهو ما ترتب عليه وفاة إحدى المواطنات المصريات ممن استئصال منها عضو الكلى و3 من الأجانب المنقول إليهم الكلى المزروعة، فضلا عن إصابة جميع المصريين من المنقول منهم هذا العضو بعاهة مستديمة، وذلك إثر تلك العمليات التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون.