عرض الطيران الإسرائيلى للبيع فى فيلم سينمائى جديد
السبت، 17 فبراير 2018 04:07 م
إسقاط الطائرة الإسرائيلية فى سوريا شىء غير متوقع، الحادثة تمثل درسا تاريخيا تعلمته إسرائيل بتكلفة عالية.. يوم السادس من أكتوبر عام 1973 كان يوما فارقا فى تغيير العقيدة العسكرية الإسرائيلية للأبد، تعلمت إسرائيل فى هذا اليوم، الذى مثّل بالنسبة لها تهديدا وجوديا غير مسبوق، أن تكثيف حضور عسكرى متطور بالقرب من حدودها أمر لا تستطيع تحمل عواقب التسامح معه.
استقطبَ خبر إسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية فى الأجواء السورية اهتمام العرب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، فمع الساعات الأولى للتطور الأمنى فى المنطقة تشارك رواد مواقع التواصل فى التعبير عن مخاوفهم من تطور الأمور، ودخول لبنان فى المعركة بين سوريا وإسرائيل، خصوصا أن إسقاط الطائرة جاء بعد أسابيع من التهديدات الإسرائيلية للبنان وسوريا، وبعد إعلان الجيش الإسرائيلى أنه لا يرغب بتدهور الأمور عسكريا، وطلب من موسكو وواشنطن التدخل، باختصار تحوّل الخبر إلى مادة دسمة للسخرية.
وكعادتهم أبدع رواد السوشيال ميديا فى التعليق على الأحداث، حيث انتشرت صورة فى صفحات مواقع التواصل الاجتماعى لإحدى اللافتات قيل إنها من بلدة عيتا الشعب الجنوبية كتب عليها «طائرتكم سقطت» ومترجمة للعبرية مع وجه ضاحك، لم تكن هذه الصورة يتيمة، بل تبعتها العشرات من الصور التى هزأت من سلاح الجو الإسرائيلى.
رسالة مهمة من خلال هذا المشهد المهم، مفادها أن القضية الفلسطينية تستقر فى ضمير كل عربى، وأن المأساة العربية واحدة مهما اختلفت فصولها، وأن السارق الصهيونى مهما بلغت قوته، سيظل يطارده شعور مرضى بالخوف القهرى، لأنه يدرك فى قرارة نفسه حقيقة ما اقترفه، مما يجعله فى مواجهة مستمرة مع ضحاياه، لذلك يفرط فى العنف، أملا فى إخماد صوت الحق وطمس الحقائق، بينما يتغافل عن حقيقة مهمة ألا وهى أن العنف النفسى المُترسِب فى ثنايا هؤلاء المُغتَصَبة حقوقهم أشبه بـ«قنبلة» موقوتة ستقصف «واقعهم الافتراضى» الذى أحالوه فى لحظة غاشمة إلى واقع مُعاش، لا نبرأ منه حتى الآن، لكننا حتما سنبرأ يوما ما.
ولكن ما أحزننى هو عدم اهتمام الإعلام المصرى بهذا الحدث الذى يعتبر مهما ولم يحدث منذ عدة عقود، كما كنت أتمنى من شباب العمل السينمائى أن يتم توثيق هذا الحدث من خلال عدة أفلام قصيرة تهزأ من أكذوبة قوة الجيش الإسرائيلى الذى استطاعت سوريا إسقاط طائرة له وهى فى حالة حرب مع الإرهاب.
والواقع أثبت أن «التطبيع» مع العدو الأزلى للعرب وهو إسرائيل، لا يعدو عن كونه مجرد مراوغة فكرية وغطاء هادئ يستمر خلفه تأجج الصراع، وقد سبق وتناولت السينما المصرية منذ توقيع «كامب ديفيد» وحتى الآن فكرة «التطبيع» بزوايا متعددة، تباينت خلالها أساليب المعالجة والتحليل، فكلما مر الوقت ازدادت القراءات فهما ووضوحا. فى النهاية هذه حادثة من النوع الذى لا يتكرر كثيرا، لا إسرائيل مستعدة للانزلاق إلى صراع قد يتطلب تدخلا بريا فى المستنقع السورى بما يعنيه ذلك من خسائر بشرية لا تستطيع تحملها، ولا الروس جاهزون للانشغال بحرب جانبية تعقّد حلا يبدو أن تفاهماته وصلت إلى مراحلها النهائية، على الأقل دبلوماسيا، ومع كل ما يُبذل من محاولات التطبيع، مهما تُعقد من اتفاقيات، ستظل إسرائيل هى عدونا الأول والأخير، ويجب ألا تنسى السينما المصرية ذلك أيضا.