مصير هشام جنينة.. أَمن العقوبة فى المرة الأولى فأساء إلى الوطن فى الثانية
السبت، 17 فبراير 2018 03:21 م
فى ديسمبر 2015 وعقب التصريح المثير للجدل للمستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات - وقتها - والقاضى وضابط الشرطة السابق، بشأن وجود فساد حجمه 600 مليار جنيه فى مصر
كتبت مقالا فى «اليوم السابع» وقلت إن كلام أى مسئول لا بد أن يكون موزونا ودقيقا وموثقا ومنطقيا وبحساب أيضا، لأنه يتولى جهة رقابية كبرى ولديه الكثير من الملفات، لكن أن يخرج علينا المستشار جنينة بهذا التصريح الغريب وفى هذا التوقيت والذى أثار أسئلة استفهام كثيرة، فإن عليه أن يبرهن كلامه بحقائق دامغة وأرقام محددة يعلنها للرأى العام حتى لا يثير الشكوك والبلبلة، ويعطى الفرصة للمتربصين بإلصاق هذا الرقم بفترة حكم الرئيس السيسى، التى لم تجاوز عاما ونصف العام - وقتها - وتصدير رسائل سلبية فى توقيت حرج وقبل ذكرى 25 يناير وإحباط الناس ودفعهم إلى عدم التصديق لأى أحاديث رئاسية أو حكومية عن محاربة ومواجهة الفساد، أم تصدير رسالة للمستثمرين بأن مناخ الاستثمار غير مشجع فى مصر بسبب انتشار الفساد فى أوصال الدولة، وكأن هذا الفساد قد تشكل فى النظام السياسى الحالى لأننا بصراحة لم نسمع من المستشار جنينة وجهازه أى بيانات وأرقام عن الفساد فى حكم الإخوان، ولم نسمع منه أى انتقاد لمسئول إخوانى منذ توليه الجهاز، وأن الأمر يستدعى تحقيقا عاجلا.
فى هذه المرة الأولى فشل «جنينة» فى إثبات حقيقة ما قاله أمام لجنة تقصى الحقائق عن حجم الفساد، ولم تتم معاقبته وفقا للقانون فى هذه الحالة ولم يحدث له شىء سوى أنه لم تمدد له فترته فى رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات، وتوارى عن الأنظار إلا من مناسبات اجتماعية، حتى ظهر فجأة على الساحة السياسية مع إعلان الفريق سامى عنان ترشحه للانتخابات الرئاسية.
المستشار جنينة، أَمِنَ العقوبة فى المرة الأولى فأساء للوطن بأكمله فى المرة الثانية، لكن هذه المرة ليست كأى مرة، فالوطن فى حالة حرب ضد الإرهاب و«رجل القانون» يصرّح لقناة فضائية معادية لمصر، ويدعى أن الفريق عنان لديه وثائق تدين أجهزة الدولة وشخصيات فيها فى الفترة من بعد 25 يناير 2011 وهذه الوثائق يحتفظ بها عنان بالخارج.
للمرة الثانية، لم يدرك جنينة خطورة ما يقوله، فإذا كان فى المرة الأولى لم يدرك حجم وأبعاد وطبيعة وحساسية منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، فإنه فى المرة الثانية يجهل تماما طبيعة الظرف السياسى والعسكرى للوطن وجنوده تحارب على جبهات القتال ضد الإرهاب فى سيناء.
هل يعلم «المستشار» الذى لا يتشرف به القضاء المصرى ورجالاته العظام أن هذه التصريحات وفى أوقات الحرب تعتبر عسكريا خيانة عظمى تؤدى بصاحبها لمحاكمة عسكرية، لأنه سرّب أسرارا لرجل عسكرى إلى خارج البلاد، وإلى أين هل إلى قطر أم تركيا؟
هل يعلم بحكم القانون الذى كان فى وقت ما نحسبه قاضيا ومسئولا عن تطبيق القانون أنه سيتم القبض عليه ومحاكمته، أم أنه أراد أن يقدم نفسه لتنظيمه الإرهابى كضحية للسياسة فى مصر، ويلعب دور «الشهيد» الذى لا يستحقه مهما فعل لأنه أدنى من ذلك، ولن يستطيع أن يشب إليه أكثر من كعوب بنادق جنودنا البواسل على الأرض فى سيناء.
أفلت جنينة - الذى لا يملك من اسمه نصيبا - من العقوبة فى جُرمه الأول فى واقعة الفساد، لكنه هذه المرة وقف وحيدا بعد أن كذّبه ابن الفريق عنان ومحاميه، بل وعنان نفسه.
فلماذا وضع جنينة نفسه فى هذا الموقف، فهو ليس بضحية ولن يكون شهيدا، بل رأس حربة لمخطط شيطانى ضد الدولة المصرية، وضد شعبها وجيشها يهدف إلى إشعال الفتنة فى وقت الحرب.
مجمل القول أن «جنينة» جنى على نفسه بغباء سياسى غير مسبوق وغير معهود سوى على جماعته الإخوانية، وعليه أن يلقى جزاءه ومصيره وبالقانون الذى كان يوما ما حارسا عليه ولم يصنه.