ما الذي ينتظر الفتاة غير المتزوجة في الجنة؟
السبت، 17 فبراير 2018 08:30 محسن الخطيب
لا نكاد ننسى ذلك المشهد الذي تظهر فيه الممثل الشابة "زينه" في فيلم "بنتين من مصر": وهي تقول متسائلة "فيه سؤال هموت واعرف إجابته، مش الحور العين دي بتبقى مكافأة الرجالة الصابرين اللي أطاعوا ربنا طول حياتهم؟ إحنا بقا البنات والستات مكافأتنا إيه؟"، فأجابتها الفنانة صبا مبارك قائلة "مفيش حاجة اسمها حور عين للمرأة، بس الست الصالحة هتُبعث مع شريك حياتها"، فردت "زينه" "طب احنا بقى متجوزناش. هنبعث يعني لوحدنا؟ عشان يبقى هنا وفوق كمان؟".
ذلك السؤال الذي طرحتة الممثلة "زينه" هو سؤال جميع بنات جنسها، عبرت عنه في محاولة لمعرفة مصيرهن في الحياة البرزخية، في الجنة.
فجميع كتب التفاسير والسنن تحدثت عن الرجال وعما وعد الله تعالى لعباده من الرجال في الجنة، وعن الحور العين التي تنتظر الذكور، وعن الأزواج ومتعتهن الجنسية في الجنة، بينما لم تذكر مصير النساء في الجنة، فهل لهن الغلمان المخلدون أم لهن حور عين من الرجال، وهل في الجنة جنس أم تأويل مفسرين؟
الجنة ليس فيها جنس
تعد النزعة الجنسية لدى الإنسان غريزة فطرية، فطر عليها الإنسان في الدنيا بهدف التناسل والتوالد، فقد ربط الله تعالى العملية الجنسية لدى الإنسان بالتناسل وجعلها وسيلة لإعمار الكون والإنجاب والتناسل حفاظا على النظام الكوني، فاعتبار أن الجنس في الإنسان غريزة فطرية دنيوية بهدف التناسل ينفي وجودها في الحياة الأخرة في الجنة، لأنه ابتلاء من الله في الدنيا ليختبر الإيمان والصبر لعباده.
وعلى ضوء هذا الرأي فسر العلماء بأن الجنة ليس فيها جنس لأن الدواعي الجنسية تنعدم فيها، حيث أن الأعضاء التناسلية ستختفي في الآخرة، لأن الله وصفها بالسوأة، فقال تعالى "فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة" حيث ذهب بعض العلماء أن الله تعالى أخرج آدم وزوجه من الجنة إلى الأرض بسبب ظهور السوأتين بعد أكلهما من الشجرة، لأن الله عز وجل تاب عليهما، ولكن بسبب ظهور السوأتين لم يعودا مؤهلين للبقاء في الجنة فأخرجهما منها.
فالجنة لا جنس فيها لأن الأجهزة التناسلية للإنسان تختفي لأنه ليس في حاجة إليها في الجنة، كما ليس في حاجة إلى كل الغرائز الأخرى التي كانت له في الحياة الدنيا، كغريزة الخوف، وغريزة حب الشهوات وغيرها من الغرائز الدنيوية، فالجنة ليس فيها جنس وليس فيها خوف، بل تنعدم فيها الغرائز.
واعتبر العلماء أن الاستمتاع الجنسي في الجنة يكون بالحور لما منحهم الله تعالى من حسن الصورة والهيئة، والخلقة والخلق، معتبرين أنه استمتاع معنوي لا ندرك مداه بعقولنا الدنيوية، ولايمكن ان تجري قوانين الآخرة على قوانينا الدنيوية، فللدنيا شأنها وللآخرة شأنها.
ماذا أعد الله للنساء في الجنة؟
يقول الدكتور محمد حسن المهدي استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بأن النداء القرآني في الغالب يشمل الرجال والنساء، دون تخصيص، فلم نجده يقول يا أيها الرجال، وإنما يقول يا أيها الذين آمنو، ولم يقل يا أيها النساء، ولكنه قال أيها المؤمنون، مشيرا إلى أن الجنة أعدت للمؤمنين والمؤمنات ع لى السواء دون تفرقة، فيقول تعالى " وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا"، فهنا يشمل الرجال والنساء دون تخصيص.
وأوضح مهدي بأن الإعتقاد بأن الجنة مختصة بالرجال فهو من قبيل الفهم الخاطيء، لأن الجنة سيدخلها المؤمنين من الرجال والنساء، فالنعيم في الجنة من النعيم المشترك بين الجنسين الرجال والنساء، مبينا أن الحديث عن الحور العين في الجنة متصل بالرجال والنساء، لان الحور العين هن وصيفات في الجنة على أغلب القول، حيث سيجعل الله تعالى للمؤمنين في الجنة قصورا ونعيما مقيما وخدما يقمن بخدمة عباده الصالحين الفائزين بالجنة، مبينا أن نساء الجنة هن من لم تتزوج في الدنيا، فسيكون لها ماسيكون للرجال في الجنة.
الإجابة الصحيحة
وساق أستاذ الفلسفة الاسلامية حديثا طويلا يلخص ويجيب على سؤال ماذا أعد الله للنساء في الجنة، ماجاء في البخاري، في باب وصف الجنة، عن أّم سلمة سألت النبي فقالت له: يا رسولَ اللهِ،، أخبِرْني عن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: (وحُوْرٌ عِيْنٌ)، قال: حورٌ بيضٌ عينٌ ضخامٌ، شفرُ الحَوراءِ، بمنزلةِ جَناحِ النّسرِ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، فأخبِرْني عن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)، قال: صفاؤُهُنّ كصَفاءِ الدُّرِّ الذي في الأصدافِ الذي لا تمسُّه الأيدي، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، فأخبِرْنِي عن قولِ اللهِ: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ)، قال: خَيِّراتُ الأخلاقِ، حِسانُ الوُجوهِ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، فأخبِرْني عن قولِه تعالَى: (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)، قال: رقَّتُهُنّ كرِقّةِ الجلدِ الذي في داخلِ البيضةِ ممّا يلِي القِشرَ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، فأخبِرْنِي عن قولِه: (عُرُبًا أَتْرَابًا)، قال: هُنَّ اللاتِي قُبِضْنَ في دارِ الدُّنيا عجائزَ رُمْصاً شُمْطاً، خلقَهُنّ اللهُ بعدَ الكِبَرِ فجعلَهُنَّ عَذارَى، قال: عُرُبًا؛ مُعشَّقاتٍ مُحبَّباتٍ، أتراباً؛ على ميلادٍ واحدٍ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أنساءُ الدُّنيا أفضلُ أمِ الحورُ العينُ؟ قال: نِساءُ الدُّنياُ أفضلُ من الحورِ العينِ كفضلِ الظِّهارةِ على البِطانةِ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، وبِمَ ذاك؟ قال: بِصلاتِهنّ وصِيامِهنّ للهِ عزَّ وجلَّ ألبسَ اللهُ عزَّ وجلَّ وجوهَهُنَّ النّورَ، وأجسادَهُنَّ الحريرَ بيضَ الألوانِ، خُضرَ الثِّيابِ، صُفرَ الحليِّ، مجامِرُهُنّ الدرُّ، وأمشاطُهُنّ الذّهبُ، يقُلْن: ألا نحنُ الخالداتُ فلا نموتُ أبداً، ألا ونحن النّاعماتُ فلا نبأسُ أبداً، ألا ونحن المُقيماتُ فلا نظعَنُ أبداً، ألا ونحن الرّاضياتُ فلا نسخطُ أبداً، طوبَى لِمَن كُنَّا له وكان لنا، قُلتُ: المرأةُ منّا تتزوّجُ الزّوجينِ والثلاثةَ والأربعةَ في الدُّنيا، ثمّ تموتُ فتدخلُ الجنّةَ ويدخُلون معها، مَن يكونُ زوجُها منهم؟ قال: يا أمَّ سلمةَ، إنّها تُخيَّرُ فتختارُ أحسَنَهُم خلقاً، قال: فتقولُ: أيْ ربِّ، إنّ هذا كان أحسنَهُم خلقاً في دارِ الدُّنيا، فزوِّجْنيه، يا أمَّ سلمةَ ذهب حُسْنُ الخُلُقِ بخيرِ الدذُنيا والآخرةِ).