"لو كان هيكل روائيا لما كان لنا عيش في هذا البلد".. هكذا تحدث صاحب نوبل عن الأستاذ
السبت، 17 فبراير 2018 11:00 صكتب- محمد أبو ليلة
"لو كان هيكل روائياً، لما كان لنا عيش في هذا البلد".. قالها الروائي العالمي نجيب محفوظ في إحدى جلساته المسائية مع أصدقاءه، عندما كان الحديث عن الأستاذ محمد حسنين هيكل.
في العلاقة بين نجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل تتبدى ملامح كثيرة في شخصية الأثنين، الأول أديب عالمي وصل صيته عنان السماء، والثاني صحفي يُعتبر هو الأشهر في القرن العشرين على الإطلاق.
أولاد حارتنا
حتى أوائل ستينيات القرن الماضي لم تكن العلاقة بين هيكل ومحفوظ قد توطدت بعد ، لكن هيكل كان يعرفه قيمة محفوظ جيداً، فعندما سلم محفوظ روايته "أولاد حارتنا"، إلى على حمدي الجمال أحد محرري الأهرام في الستنينات كي ينشرها، وبدروه عرضها الجمال على رئيس التحرير أنذاك محمد حسنين هيكل، الذي ألقى نظرة عليها في مكتبه، وأخذها معه إلى منزله وقرأها بعناية أدرك حجم المشاكل التي يمكن أن تُثيرها نشر الرواية.
وحسب شاهادة الروائي يوسف القعيد فإن الأهرام في ذلك الوقت، كانت تنشر حلقات من أي رواية في عدد أهرام الجمعة – من كل أسبوع-، لكن هيكل قرر نشر رواية أولاد حارتنا بصفة يومية وكانت المرة الأولى والأخيرة التي تنشر فيها رواية يومياً وليس أسبوعياً، حتى يفوِّت على أي جهة خاصة الأزهر الشريف أن يكون لديها رد فعل على نشرها.
وأثناء نشر الرواية تحرك علماء في الأزهر، وطلبوا وقف نشرها، فسأل عبد الناصر هيكل عن الحكاية، وعندما عرف الموضوع قال هيكل: هذه رواية كتبها نجيب محفوظ ولا بد من نشرها، حتى آخر كلمة.
عيد ميلاد محفوظ
وفي عام 1961، حين بلغ نجيب محفوظ الخمسين من عمره، ذهب الشاعر والكاتب الكبير صلاح جاهين إلى هيكل ليستأذن في تخصيص قاعة الأهرام الكبرى للاحتفال بعيد ميلاد نجيب محفوظ، في ذلك الوقت لم يكن نجيب كاتباً في الأهرام، ولم يكن قد نشر شيئاً من أعماله فيها، إلا رواية "أولاد حارتنا" التي أثار نشرها آنذاك جدالاً واسعاً وصارت أزمة كبيرة.
وقتها قال هيكل لـ جاهين: نحن أولى بأن نقيم هذا الاحتفال لنجيب محفوظ، وكانت المرة الأولى، في الواقع الثقافي المصري، التي يقام فيها احتفال على مستوى رفيع حضرته أم كلثوم، وعدد كبير من المثقفين والفنانين في مصر وقتها.
ومنذ ذلك الحين وأصبح نجيب محفوظ موظفاً في الدور السادس بمبنى الأهرام- ذلك الدور الذي خصصه هيكل للأدباء والمثقفين وقتها "قلت لنجيب محفوظ لا أريد منك أن تفعل شيئأ غير أن تهتم بفنك الروائي كل ما أتمناه أن تنشر كل عام رواية جديدة، على حلقات، أردت بوجود محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكي نجيب محمود ولويس عوض وبنت الشاطئ أن أؤسس لصحافة القيمة والارتفاع بمستوى الحوار العام وأن يكون المثفون والأدباء والمفكرون الكبار في قلب المشهد يتابعون ما يجري فيه ويكتبون عن معرفة".. هكذا روى هيكل للكاتب الصحفي عبد الله السناوي شهادته على وجود مثقفي هذه الفترة في الأهرام ومن بينهم نجيب محفوظ.
لم هذه هي المرة الأولى التي يحتفل فيها هيكل بعيد ميلاد نجيب محفوظ، ففي سنة 2004 وفي عيد ميلاده الثالث والتسعين فاجأ هيكل الأديب الكبير بزيارته في منزله ليقول له: كل سنة وأنت طيب يا نجيب، ولم يكن محفوظ يعرف مسبقاً بالزيارة، ولا كان يتوقعها، فلم يحدث ولا مرة أن زاره هيكل في بيته، حتى باب بيته، وجد محمد حسنين هيكل أمامه بكامل أناقته وألقه و حضوره، بينما كان محفوظ يرتدي ملابس منزلية فوقها الروب فبادره بالقول ممتناً وشاكراً: أنت أكرمتني مرتين، هذه المرة جمال المفاجأة جعل الفرح بها مضاعفاً، لا تتصور مدى سعادتي وفرحتي بهذه الزيارة الكريمة، والمفاجأة نفسها جعلت الفرحة فرحتين، بل آلاف الفرحات.