القوة الغاشمة نزلت بردًا وسلامًا على سيناء.. شهود عيان: سلاح الجو لم يخطئ هدفا.. المختطفون فروا من سجون الإرهابيين.. وشباب العريش يدشنون لجنة أزمات للعالقين والمساعدات
الإثنين، 12 فبراير 2018 02:02 مهشام السروجي
منذ اندلاع الأحداث الإرهابية في شمل سيناء، مع الشهور الأولى من ثورة 25 يناير المجيدة، لم تتوقف العمليات العسكرية الموجهة ضد تلك التنظيمات المسلحة، بمختلف مسمياتها ومشاربها وأهدافها، بداية من العملية نسر التي أطلقت عقب استشهاد 16 جنديا مصريا فيما عُرف إعلاميًا بمذبحة رفح الأولى، وصولًا إلى العملية القائمة "سيناء 2018" التي سماها البعض من أبناء القبائل بـ"غاشمة التطهير" في إشارة إلى استخدام القوة الغاشمة التي أكد عليها الرئيس السيسي في كلمته التي شدد فيها على حتمية القضاء على الإرهاب.
كان التوصيف في مجمله يحمل بعضا من الخوف لدى سكان شمال سيناء، وتحديدًا المقيمين في المناطق التي ينشط فيها تنظيم "ولاية سيناء" الإرهابي، الموازي للشريط الحدودي ومناطق وسط سيناء، لكن من الإعلان الأول للعملية في الصباح الباكر من يوم الجمعة الماضية 9 فبراير، كانت مفهوم الغاشمة الفعلي على الأرض، بردًا وسلامًا على الخائفين من سكان سيناء، بل أنه أثلج صدروهم بعد ما رأوه من احترافية المشاركين في العملية، وحسن المعاملة من ضباط وجنود القوات المسلحة والشرطة، الذين انتشروا في قري مدينتي الشيخ زويد ورفح وبسطوا سيطرتهم على الأرض.
إشادات الأهالي وضربات مركزة
شهود عيان طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أكدوا لـ"صوت الأمة" أن الضربات الجوية لسلاح الجو كانت غاية في الدقة ومركزة على البؤر الإرهابية، دون وقوع أية خسائر في منازل المواطنين أو في الأرواح، ما يكشف خطة عسكرية محكمة، معتمدة على قاعدة بيانات وافية عن الأهداف الإرهابية ومناطق تواجدها وتحركاتها.
أحد شهود العيان من سكان مدينة الشيخ زويد بالقرب من معسكر الزهور، يؤكد أن العمليات العسكرية التي استهدفت تنظيم داعش في سوريا والعراق أوقعت ضحايا بين صفوف المدنيين بالخطأ، لكن العلمية الشاملة كانت دقيقة منذ اللحظة الأولى من انطلاقها، وأضاف "لم نسمع عن إصابات أو قتل بالخطأ في النساء والأطفال لأن الطائرات المقاتلة ضرباتها دقيقة ومركزة".
شاهد عيان آخر يسكن على بُعد 2 كيلومتر شرق نجع شيبانة بمدينة الشيخ زويد، يشدد على أن الروح المعنوية لدى المواطنين مرتفعة، فالجنود والضباط يتعاملون بأسلوب راقٍ يحترم عادات وتقاليد المجتمع البدوي، حيث يستأذنون أهل البيت قبل تفتيشه، ويطالبون "بسترة" النساء، ويقومون بعملهم في هدوء دون أي تجاوز يذكر، ويصطحبون رجل البيت خلال تفتيشهم المنازل، ويطالبون الجميع بالإبلاغ عن أي تحرك للعناصر المسلحة، دون أن يعرض المبلغ نفسه للخطر.
"والله ما ضربة واحدة أصابت منازل أو طرق أو سيارة، فجميع المناطق المآهولة بالمدنيين آمنة"، هكذا أكمل شاهد العيان حديثه مع "صوت الأمة" مشيرًا إلى أن الاشتباكات والقصف تحدث في مناطق تم تهجيرها من قبل وسيطر عليها التكفيريون مثل نجع شيبانة والمهدية والتومه وغيرهم.
تعامل راقٍ وفرار المختطفين
في السياق نفسه، كتب الناشط حسن حنتوش المنسق لحملة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في شمال سيناء، منشورا على فيسبوك، قال فيه "سعيد جدًا من انتشار قوات الجيش والشرطة في أرجاء مدينة الشيخ زويد، وما أسعدني بحق التعامل بأسلوب راقٍ جدًا وهذه شهادة حق مني بذلك".
وأضاف في منشور آخر "بالنسبة لمناطق شرق العريش ومدينة الشيخ زويد ورفح فالأوضاع شبه مستقرة.. تم قصف منطقة شيبانة والشلالفه وأماكن تواجد العناصر التكفيرية بالمناطق غير المأهولة بالسكان".
من جانبه، أكد موسى المنيعي أحد أبناء قبيلة السواركة في منشور على فيسبوك، أن عددا من المختطفين لدا تنظيم "ولاية سيناء" نجحوا في الفرار، بعد أن ضيقت القوات الخناق على التنظيم وفر عناصره، حيث قال في المنشور "هروب المختطفين لدى التنظيم الإرهابي من قرية شيبانة جنوب رفح بعد تضييق الخناق عليهم من القوات المسلحة، وصرح أحد المختطفين أن التنظيم الإرهابي منهار من الداخل وأن أغلبهم من أبناء الوادي".
الشباب على الجبهة
نجاح العملية لم يتوقف على الجانب الاستراتيجي فقط، بل عزز روح التأخي والتعاون المجتمعي بين أبناء شمال سيناء، حيث نشر الزميل إيهاب المالح مراسل قناة المحور في شمال سيناء، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن عددا من شباب مدينة العريش شكلوا لجنة أزمات مؤقتة وتطوع فيها كل من إيهاب المالح، إسلام عروج، محمد حجاج، هشام الشعراوي، أمجد الشريف، حسن النخلاوي، محمد البلك، أحمد راضي، عمرو الكاشف، وتختص فقط بخدمة المواطنين خلال العمليات الأمنية ومساعدتهم فيما يختص بالظروف الصحية والمواد الغذائية، على أن تكون هذه اللجنة مؤقتة، والباب مفتوح للتطوع لأي شخص يرى أنه يستطيع العمل على خدمة المواطنين في هذه الأزمة.
بعد التدشين بساعات قليلة، قدم متطوعين عدد كبير من الشقق في خمس محافظات لأستقبال العالقين من ابناء سيناء والذين لم يتمكنوا من العودة نظرًا لبدء العملية واغلاق منافذ سيناء، كذلك أربع شقق بالعريش للعالقين من خارج المحافظة والذين لم يتمكنوا من الخروج من مدينة العريش.
كما تم توفير سيارتي إسعاف داخل المحافظة للتحرك الفوري لأي مكان يتم إخطار اللجنة به، وتطوع أحد رجال الأعمال الشباب بمقر شركته بكل إمكانياتها لتكون مقرًا للجنة المؤقتة، ووضعت أربعة مستشفيات خاصة في القاهرة إمكانياتها للحالات الحرجة والمحتاجة تدخل جراحي خاص، وسيارتين اسعاف يتم تواجدهم في الاسماعيلية منذ السبت.
تمكنت اللجنة من توفير مستودعات مواد غذائية بسعر الجملة متوفرة داخل مدينة العريش، وسخر عدد من سائقي سيارات ملاكي وأجرة سياراتهم للطوارئ من شباب العريش.
أعلن عدد من التجار بمدينة العريش تعاونهم مع اللجنة وعمل تخفيضات كبيرة في المجالات كافة، وأكد العديد من رجال الأعمال داخل وخارج المحافظة استعدادهم للتبرعات المادية والعينية تحت أي ظروف.