بنتحدى الجبال
الجمعة، 09 فبراير 2018 06:22 م
أمنية عفيفي تكتب:
عّن التحدي.. والجبل.. في سن 38 سنة.. بزياده وزن حوالي 15 كجم.. وعدم ممارسه أي رياضة لمدة أكتر من 15 سنة.. طلعت جبل ارتفاعه 1770 متر.. ابتدينا الطلوع الساعة 4 الفجر.. وصلنا القمه الساعه 6 وربع عشان نشوف أحلى منظر لشروق الشمس.. ورحلة النزول أخدت 3 ساعات من سبعة إلى عشرة الصبح.
قرار الطلوع كان بسيط جدا بالنسبالي.. مكتوب على النت إن ممكن أي حد بمستوى متوسط من اللياقة البدنية يقدر يطلعه.. طبعا خلال رحلة الطلوع اكتشفت إني أبعد ما يكون عن المستوى ده.. بداية الطلوع بليل فارتفاع الجبل مش باين.. نقدر نقول إني دخلت على حاجة أنا مش قدها نهائي وغير مدركة تماماً لأبعادها و لا حجمها.. أنا ماعنديش تقدير أساسا لـ 1770 مترا.. ابتديت الرحلة بليل فمش شايفة أصلا أنا رايحة فين ولا جاية منين.
الجبل واحنا طالعينه بيكون معانا فلاش لايت وعصاية.. أول ساعة بتشوف أنوار متقطعة.. بعد ساعه الأنوار بتكون شكل زجزاج متواصل.. لأن الجزء ده صعب والحركة بطيئة جدا والناس كلها ورا بعض بتحاول تطلع.. الحجر في أوقات بيتحرك تحت رجليك.. في أوقات بتطلع بإيديك ورجليك لأن المسافات كبيرة..
الفكرة.. إن بعد ساعة كل اللي كنت بفكر فيه.. لأنا ليه عملت كده في نفسي؟ أنا لا يمكن أقدر أكمل.. أنا لا عندي الصحة ولا الطاقة ولا القدرة أساسا إني أطلع.. أنا كبرت أوي إني اعمل كده في نفسي.. أنا كبرت إني أعمل حاجة جديدة وكبيرة كده.. هو الموضوع فعلا مستاهل؟ حيحصل إيه طيب لو وقفت في النص وما كملتش طلوع؟
أنا اصلا لو كملت طلوع لايمكن حاعرف أنزل أساسا.. وفي وسط الأفكار دي الجايد يقولي كويس أوي فاضل ساعة.. فاضل نص ساعة.. والوقت ما بيعديش والتعب بيزيد.. وأقوله مش قادرة أطلع.. يقولي بس إنتي فعلا بتطلعي.. شوية واسأل.. فاضل ربع ساعة.. عشر دقايق.. ابتديت أفكر إنه خلاص هانت.. وأكمل شوية.. استحمل شوية.. وأفكر ليه الناس المجانين بتطلع الجبال؟.. ليه بيعملوا في نفسهم كده؟.. و افتكر إن كان عندي مقولة إني لا يمكن أطلع جبل.. لأن ببساطة أنا لا يمكن أعمل حاجة أما أقرر في النص إني أرجع في كلامي فيها ما أقدرش..
أما ابتدت الدنيا تنور أدركت يعني إيه 1770 مترا، شفت طلعت قد إيه من الجبل و فاضل قد إيه منه.. عرفت حجم الصعوبة.. وحجم الإنجاز.. أما وصلت القمة حسيت إحساس غريب جدا.. طب ما هو أنا قدرت أهو.. ما هو المستحيل بالنسبالي ممكن يتعمل أهو.. حسيت إني صغيرة.. شابة.. حسيت إني قادرة.. قادرة أعمل حاجات أكتر من إللي أنا عارفها.. حسيت أن أما ما بيكونش عندك خط رجعة بتقدر تعمل أكتر بكتير من قدراتك أو إدراكك لقدراتك..
على قد ما رحلة الصعود كانت متعبة.. على قد ما رحلة الهبوط كانت جميلة.. مريحة وسعيدة.. لأن الشخصية اللى طالعة غير إللي نازلة.. إللي طلعت الجبل شايله الهم، تقيلة، ضعيفة، بتحسبها، محدودة.. لكن اللي نازلة سعيدة، قوية، بسيطة، قادرة، مقبلة و لسه عايزه تجرب و تعمل حاجات تانيه كتير.. منظر الشروق كان جميل فعلا.. لكن هل يستحق المحاوله ولا الصعوبة؟ مش منظر الشروق اللي يستحق المحاولة.. أنت.. روحك و شخصيتك اللي تستحق المحاولة.. إدراكك لقوتك وقدراتك الحقيقية يستحق المحاولة.. تحديك لنفسك ولتصورك عن نفسك و لتصور الآخرين عنك يستحق المحاولة..
الجبل هو التحدي إللي فوق قدرتك.. فوق قوتك.. فوق منطقك.. فوق حساباتك.. وفوق تصوراتك.. الجبل هو التحدي إللي مالوش بديل ولا خط رجعة.. الجبل هو القمه إللي بتقف عليها وتقول.. أيوه.. أنا قادر وقدرت وبقدر وحاقدر.. كلنا في حياتنا جبال بنبص عليها ونقول .. مش حاقدر.. مش عارف.. لايمكن.. بس الحقيقية إن ده ممكن.. إنك حتقدر.. وإنك حتعرف.. ما تقللش من قدراتك.. ولا قوتك.. سيب نفسك.. واطلع الجبل.. صدقني مش حتندم.. بعد ما نزلنا من الجبل روحنا مطعم شربنا فيه قهوة قدام الجبل مباشرة.. الفكرة إنك أما بتشوف حجم إنجازك أوصعوبته من بعيد بيجيلك إحساس غريب بالراحة ووشك بينور بابتسامة.. ابتسامه ثقة.. آه عادي جدا ده الجبل إللي طلعته وبتنسي حجم التعب والإرهاق.. بتفتكر بس الإنجاز..
أفتكر دايما في أي تحدي بتعمله في حياتك إنك تقف.. تبص على إنجازك.. تسجله وتستمتع بيه.. خد وقتك.. ما تجريش.. عيش اللحظة.. ابتسم لنفسك وقول: أنا قدرت.. أنا أقدر. تاني يوم روحنا جزيرة بعيده شوية.. معروف أن منظر الشروق فيها حلو أوي.. صحينا بدري.. كان المدهش أن الجبل إللي طلعناه وعلى بعد آلاف الكيلومترات كان ظاهر في الشروق.. بنتي كانت قاعدة جنبي.. في ثقة شاورت على الجبل وقولتلها: شايفة الجبل إللي هناك.. هو ده إللي طلعته من يومين.. عشان نظرة الانبهار والفخر إللي في عينيها بنتحدى الجبال.
