فيسبوك ليس بريئا من داعش.. تطبيقات تستخدمها التنظيمات الإرهابية في تجنيد مقاتليها
الأربعاء، 07 فبراير 2018 03:00 ممحمد الشرقاوي
جلسات يومية في أروقة المحاكم الدولية لمحاكمة عناصر منتمين لتنظيمات إرهابية، وآخرين بتهمة تجنيد عناصر للتنظيمات، الأمر أمام القضاء "سيان"، فأغلب التحقيقات والاعترافات أكدت أن مواقع التواصل الاجتماعي هي بوابة الطريق إلى الإرهاب.
الأثنين الماضي، نشرت مواقع عراقية، نص اعترافات سيدة مغربية تدعى لمياء محمد قوسيج تنتمي لداعش، تحمل الجنسية الألمانية، أكدت أن موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" كان سببا في انضمامها لتنظيم داعش الإرهابى في سوريا والعراق، إضافة لمحادثات من فتيات، جعلتها فى التعرف على التنظيم أكثر في معاقله.
الاعترافات ليست جديدة على مسامع المحاكم وأجهزة، فلا تزال التنظيمات الإرهابية ذات تواجد على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول دراسة مراكز متخصصة في رصد الجماعات إن التنظيمات عمدت إلى تطبيقات بعينها لتجنيد عناصرها (فيس بوك وتويتر وتليجرام).
الإرهاب الإلكتروني من جديد
مراكز بحثية، قالت إن الإعلام الإلكتروني الإرهابي يتزايد بشدة، فالتنظيمات تسعى إلى التكريس لوجودها بالمنصات المشفرة على شبكة الإنترنت، وأن المواجهات الأمنية لتعقب الحسابات الإرهابية، على مواقع التواصل الاجتماعي ضعيف.
ورغم غلق مئات الآلاف من الحسابات الداعشية في عشرات الدول، إلا التنظيم مازالت لديه القدرة على التحرك، عبر عدة تطبيقات بعينها أبرزها (تليجرام).
مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، قال في عرض بحثي له، إن تطبيق "تليجرام" يستحوذ على مساحة هامة من أنشطة التنظيمات الإرهابية، في ظل الضغوط والخسائر العسكرية التي تعرضت لها.
التليجرام.. الأكثر خصوصية
وتابع العرض البحثي، أن التليجرام له مكانة خاصة في عقل الجماعات الإرهابية، لما يوفره التطبيق من مزايا رئيسية، لعل أهمها قوة التشفير الخاصة بالتطبيق بصورة تجعل المراسلات عليه أكثر أمنًا مقارنة بتطبيقات أخرى، ومن ثمَّ يصعب اختراقه من جانب الأجهزة الأمنية، ناهيك عما يتيحه التطبيق من إمكانية تحديد الجمهور المستهدف بدقة.
يتسم التليجرام، بخاصية تشفير الرسائل من النهاية إلى النهاية (end-to-end encrypted messaging apps)، والتي تمنع أي شخص -باستثناء المرسل والمتلقي- من الوصول إلى الرسائل المتبادلة، وتعتمد تقنية التشفير الخاصة بالتطبيق على هواتف المستخدمين، وليس عبر خادم وسيط، وهو ما يفرض صعوبات على إمكانية التجسس على محادثات المستخدمين.
وبالتالي شجع التنظيم في بدايته أتباعه على "تويتر" ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى على التواصل مع منسقي "داعش" ومجنديها إلى الدخول على "تليجرام"لمناقشة"مسائل حساسة"، مثل السفر إلى الأراضي التي يسيطر عليها "داعش"، وأنشأ "داعش" أيضًا قنوات عامة على "تليجرام" لبث تحديثات إخبارية عن أنشطته، ونشر مواد دعائية أخرى من خلال وكالات الأنباء التابعة له.
تحول "تليجرام" إلى التطبيق المفضل للإرهابيين خلال السنوات الأخيرة؛ حيث ظهرت بصمات التطبيق في العديد من الهجمات الإرهابية التي شهدتها دول مختلفة، على غرار هجمات باريس 2015، وهجوم سوق عيد الميلاد في برلين 2016، وكذلك هجوم ليلة رأس السنة الجديدة 2017 على ملهى "رينا الليلي" في إسطنبول. وتنوعت توظيفات تطبيق "تليجرام" في هذه الهجمات وغيرها، وبدا خلالها أن التطبيق يتداخل في مراحل استقطاب وتجنيد العناصر الجديدة وتنفيذ الهجمات الإرهابية.
تويتر.. واستدراج الزوجات والمثقفين
مثل تطبيق تويتر، حلقة وصل من وإلى التليجرام، فالتنظيم في بداية نشأته كانت هناك مئات الآلاف من الحسابات التابعة والداعمة له، كانت تستغل في بث دعايته على مواقع التواصل الاجتماعي وإنشاء حسابات وهمية لتجنيد الأشخاص.
ومع زيادة التحرك الدولي في مكافحة داعش معلوماتيا وأمنيًا، أغلقت شركة تويتر أكثر من 635 ألف حساب لتنظيم داعش منذ 2015.
في مقالة للكاتب الأمريكي روبرت إيفانز، نشرها في 2016، إن هناك 7 أشياء تعلمتها من قراءتى لكل أعداد مجلة دابق الداعشية من القدرة الإلكترونية الفائقة التى تعتمد عليها داعش فى مخاطبة الشباب والتأثير عليهم خاصة الحرفية التى يتمتع بها التنظيم فى استخدام تويتر واليوتيوب لتحقيق أغراضهم.
وتابع أن أعضاء داعش يستخدمون تويتر لتجنيد الجنود، وكذلك لاستدراج الزوجات، وهم يستهدفون الأطفال الصغار والضعفاء بذات الطرق التي يستخدمها المنحرفون جنسيًا على الشبكات الاجتماعية، كما يقوم الفريق الإعلامي لداعش بتركيب سلسة من مقاطع الفيديو التي تهدف جميعها لإقناع الشباب بالهجرة إليهم.
فيسبوك.. التتبع السهل
لم لداعش تواجدا ملحوظا على فيس بوك سوى في عام 2014، فالبرنامج الأكثر شيوعا من السهل تتبعه أمنيا، وبالفعل نجحت عشرات الدول في غلق آلاف الحسابات والقبض على أصحابها قبل تكوين خلايا.
بحسب تقنيين، فإن فيس بوك يتيح الخدمات المعلوماتية للأجهزة الأمنية، إضافة لاعتماد خاصية البلاغات عن الحسابات الوهمية، والتي تنشر منشورات متطرفة، وبالتالي أصبح من حق المشترك العادي الإبلاغ بالحساب الذي ينشرأفكار متطرفة.
في 2015، ونظرا لتتبع الحسابات، لجأ تنظيم داعش إلى تأسيس موقعًا للتواصل بسبع لغات أسماه "خلافة بوك" آملا منافسة "فيسبوك" بشكل خاص، وطلب ممن انضموا "الاجتهاد في نشره".
وشرح 5elafabook. com أنه "مستقل غير تابع للدولة الإسلامية، لكن انتماؤنا وولاؤنا التام والمطلق هو للدولة الإسلامية ولإخوتنا الموحدين شرقا وغربا ممن انتهجوا نهج الطائفة المنصورة علما وعملاّ وخلقا".
وجاءت اللغات في "خلافة بوك" فهي: الهولندية والإنجليزية والاسبانية والبرتغالية والتركية والإندونيسية، إضافة الى "الجاوية" المحكية في جزيرة جاوة بإندونيسيا وقسم من ماليزيا، والغريب أن الموقع تجاهل اللغة الفرنسية على أهميتها، ومعها تجاهل اللغة العربية أيضا، علما أن "التايم لاين" يقبل أي لغة يكتب بها أي مشترك، وهو لا يتضمن أي خانة لوضع الصور أو الشرائط المسجلة.
التشفير وأسرار المجاهدين
يقول العرض البحثي الذي عرضه مركز المستقبل معنونًا بـ"تهديدات مشفرة"، أن فكرة "التشفير" للمواقع الإلكترونية تُعد أحد الشواغل الرئيسية للتنظيمات الإرهابية لتجنب انكشافها أمام الأجهزة الأمنية.
ففي السنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001، تمكنت أجهزة الاستخبارات الغربية من إحباط بعض الهجمات لتنظيم "القاعدة"، على غرار مؤامرة تفجير طائرة عبر المحيط الأطلسي عام 2006 خلال رحلتها من لندن إلى الولايات المتحدة وكندا.
وقد دفع هذا الإخفاق التنظيمي "القاعدة" إلى التحرك بوتيرة متسارعة نحو الاتصالات والبرامج المشفرة، ولهذا أصدر التنظيم برنامجًا في عام 2007 باسم "أسرار المجاهدين" كبرنامج تشفيري يمكن استخدامه في التواصل الآمن بين عناصر التنظيم.