المحكمة الإدارية تلقن محافظة القاهرة درسا في العدالة الاجتماعية

الأربعاء، 07 فبراير 2018 02:00 م
المحكمة الإدارية تلقن محافظة القاهرة درسا في العدالة الاجتماعية
هيئة المحكمة
أحمد سامي

لقنت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة فحص، درساً للمسئولين في العدالة الاجتماعية، بعد أن رفضت بإجماع الآراء الطعن المقام من محافظ القاهرة لسحب مساحة 49 مترا من مواطن يضع يده عليها  منذ عام 1965 بمنطقة عين شمس، أقام عليها منزل له ولعائلته من دور أرضى مسقوف بعروق الخشب والصاج وسدد قيمتها عام1965، إلا أن محافظ القاهرة  تريد سحب الـ 49 مترا بحجة أنه يجب أن يدفع ثمن المثل في الألفية الجديدة ومكنت المواطن من منزله وعائلته، وألزمت المحافظ المصروفات.


الفقراء والدستور

 

هناك الملايين من الأغنياء وضعوا أيديهم علي مئات الفدانين من الأراضي ولم تتخذ الإجراءات القانونية ضدهم لنجد الدولة تسرع  نحو الفقراء وتسحب منهم الأراضي البسيطة متغافلة عن  تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على السلام الاجتماعي، وذلك وفقا لما أوردته المحكمة في حيثياتها  نصا " بأن الإدارة ضاقت عليها مساحة 49 متراً لمواطن فقير يستر أسرته والأولى بها أن يكون لديها ذات الضيق بذات القدر لآلاف الأفدنة للدولة التي يستولى عليها الخارجون على أحكام القانون وأن يكون تطبيق وتنفيذ قواعد القانون لديها سواء لدى الأثرياء والفقراء، أو على الأقل لا يُغبن فيها الفقراء الذين يتعففون عن الناس ولم يمدوا كفوفهم يسألونهم الكفاف من الرزق والعون في الحياة تحسبهم الإدارة أغنياء من التعفف وهم لا يسألون الناس إلحافاً".
 
وقد أكدت المحكمة علي إن أحد المواطنين أتخذ  من مساحة 49 متراً مربعا منزلا له ولعائلته من دور أرضى وقد قام بتقنين وضع يده عليها منذ 53 سنة  دفع للدولة الانتفاع السنوي منذ عام 1964 بمبلغ 385 جنيهاً إلا أن المحافظ طالب المواطن دفع السعر الجديد الذي وضعته الحكومة بمبلغ 8458.655 جنيه،  وبمقابل انتفاع سنوي بواقع 7 % و متأخرات قدرها 7981.70 جنيه بخلاف ما يستحق من غرامات  بحجة أنها قريبة من العمران، فلجأ المواطن وأسرته وأحفاده المقيمين ب 49 متر فقط  للمحكمة طالباً العدل والإنصاف واحترام تقنين وضعه منذ 53 عاماً.

الدولة مسئولة دستوريا عن معاملة المواطنين بالمثل فلا تفرقه بين غني وفقير هذا ما أوضحته المحكمة في حيثيات حكمها قائلا:" أنه كان الأولى بالجهة الإدارية أن يكون لديها ذات الضيق بذات القدر لآلاف الأفدنة للدولة التي يستولى عليها الخارجون على أحكام القانون، وأن يكون تطبيق وتنفيذ قواعد القانون لديها سواء لدى الأثرياء والفقراء، أو على الأقل لا يُغبن فيها الفقراء الذين يتعففون عن الناس ولم يمدوا كفوفهم يسألونهم الكفاف من الرزق، و تطبيق قواعد القانون دون استجداء أو استثناء تطبيقاً صحيحاً متلمساً حكم القانون وحكمته في إن واحد.


قواعد العدالة الاجتماعية

 

الإرهاب ليس تطرف فكري وديني فقط بل إن غياب تطبيق قواعد العدالة الاجتماعية يولد فكر إرهابي، فقد كشفت المحكمة من خلال حيثياتها بأنه " لا ينبغي ألا يغيب عن ذهن جهات الإدارة الحريصة على تطبيق قواعد العدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورتي الشعب في زمن وجيز ، أن أسباب الإرهاب لا ينحصر فحسب في التطرف العقائدي في الدين بل كذلك نتيجة الإخلال الجسيم بأبسط حقوق الإنسان في الحياة  على نحو يجعله لا يؤمن بفكرة الانتماء للوطن مما يكون له أثاره الوخيمة على فكرة المواطنة، ولا ريب أن مطالبة الدولة باسترداد مساحة 49 متراً للمطعون ضده هي مسكنه مع عائلته يؤدى إلى تمزيق أسرته وتفريقها وتشريدها في الوقت الذي يتطلب منها تعقب ألاف الأفدنة من أراضى الدولة التي تذهب سدى للمعتدين".

تقرير الخبير انتهى بأن سعر المثل للأرض البالغ مساحتها 49 متراً وقت وضع المطعون ضده يده عليها هو مبلغ فقط ألف جنيه سعراً لها وأن مقابل الانتفاع السنوي لها  مبلغ مقداره 385 جنيه، دون أن يغيب عن وجدان هذه المحكمة أن الجهة الإدارية قد ضاقت عليها مساحة 49 متراً لمواطن بسيط أقام فيها مسكنه على تلك المساحة وأسقفها بعروق الخشب والصاج لضيق ذات اليد ليجد فيه سكينته ويحفظ عليه آدميته، مطيعاً لأحكام القانون وإرادته متوسلاً تطبيق أحكامه، حالماً بالمسكن الذي كفله الدستور راغباً في الاستقرار ساعياً للأمان  على نحو ما رآه الخبير ودونه حسرة في تقريره.

 

معايير القانون

 

 وأوضحت المحكمة أنه يجوز للجهات الإدارية التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة لواضعي اليد عليها قبل العمل بأحكام القانون رقم 31 لسنة 1984 بالطريق المباشر وبثمن المثل في تاريخ وضع اليد عليه وأن قرار رئيس مجلس الوزراء  رقم 857 لسنة 1985 المعدل بقراره رقم 1107 لسنة 1995حدد عدة حالات للتصرف في الأراضي الفضاء منها، أن يكون واضع اليد قد أقام على الأرض ذاتها منشاَت أو مبان يترتب على إزالتها ضرراً يتعذر تداركه أو تفويت مصالح جوهرية له وأن  سعر ثمن المثل هو المعيار المعول عليه الواجب محاسبته عليها وقت وضع يده إعمالاً لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء المذكور،  إلا أن الإدارة العامة للأملاك بمحافظة القاهرة استبعدت الطريق القويم وابتدعت معايير أخرى لم ينص عليها القانون  في تقييمها لسعر المتر تمثلت في موقع الأرض وقربها من العمران وتوافر المرافق الأساسية بالمنطقة بدلاً من قيامها بتقدير سعر المثل وقت وضع اليد كما حدده القانون. 
 
وانتهت المحكمة إلى إخلال تصرف الإدارة  بحق المطعون ضده الدستوري في المسكن الآمن فإنه مخلاً كذلك بحق دستوري أخر يقوم عليه أساس المجتمع  في التضامن الاجتماعي وقد الزم الدستور الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة للمواطنين خاصة الفقراء منهم على نحو ما كشفته عوراته أوراق الطعن الماثل، وتسجل المحكمة أن من واجبها  أن تحقق من خلال ما تفرزه من عدالة أواصر الأمن والسلام الاجتماعي بما يحفظ للمواطنين حقوقهم ومنهم المطعون ضده، وقضت بإجماع الآراء برفض طعن المحافظ
 
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد منصور نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين ناصر رضا عبد القادر والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي  نائبي رئيس مجلس الدولة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق