من أبوظبي تنطلق دروب السلام وتصل واشنطن وسط تظاهرة إنسانية مشهودة
الثلاثاء، 06 فبراير 2018 04:44 م
وسط تظاهرة ثقافية إنسانية غير مسبوقة، وبزخم دولي مشهود، انطلقت فعاليات "مؤتمر واشنطن"، حيث يجمع المسلمون لأول مرة في تاريخ أمريكا المعاصر، القيادات الدينية المؤثرة في عائلة الديانات الإبراهيمية في الولايات المتحدة، على فكرة إنسانية عظيمة، غرضها وضع "خارطة طريق" لترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز السلم العالمي، من أجل إنقاذ البشرية من لوثة الأحقاد والكراهية وكل أسباب الفناء، ورسم أسس التلاقي والتعايش والتعاون والنماء؛ لإعمار الأرض بالخير والجمال والمسرة، ويستمر المؤتمر على مدى ثلاثة أيام (5-7 فبراير 2018) بدعم من "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"؛ برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن بيه، وبمشاركة ممثلي الأديان في العالم، وممثلين عن المنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني، وكافة المعنيين والمهتمين بصناعة ثقافة السلام.
ويستلهم "مؤتمر واشنطن" الدولي أفكار "إعلان مراكش التاريخي" لحماية حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية، الذي رعته دولة الإمارات العربية المتحدة، بالشراكة مع المملكة المغربية (في يناير 2016)، حيث أكد الإعلان بما لا يقبل الشك، أنّ اﺿـﻄﮭﺎد اﻷﻗـﻠﯿﺎت اﻟـﺪﯾـﻨﯿﺔ، وﻛـﺎﻓـﺔ أﺷـﻜﺎل اﻟـﻌﺪوان ﻋـﻠﯿﮭﺎ، هو ﻣـﺨﺎﻟـﻒ ﻟـﻘﯿﻢ اﻹﺳـﻼم من كل الوجوه، مشددًا على كـﻔﺎﻟـﺔ ﺣـﻖ اﻟـﺘﺪﯾـﻦ وضمانة الحريات وصيانة الحقوق، في إطار من المواطنة الناجزة واﻠﺘﻌﺎﯾـﺶ اﻟﺴـﻠﻤﻲ السعيد ﺑـﯿﻦ أبناء الوطن. وذلك بالاستناد إلى "صحيفة المدينة المنورة" اﻟـﺘﻲ أﻋـﻠﻦ ﻓـﯿﮭﺎ اﻟـﻨﺒﻲ ﺻـﻠﻰ ﷲ ﻋـﻠﯿﮫ وﺳـﻠﻢ اﻟـﺤﻘﻮق واﻟـﻮاﺟـﺒﺎت اﻟـﻤﺘﺴﺎوﯾـﺔ واﻟـﻤﺘﻜﺎﻓـﺌﺔ ﺑـﯿﻦ ﺟـﻤﯿﻊ ﺳـﻜﺎن اﻟـﻤﺪﯾـﻨﺔ ﻋـﻠﻰ اﺧـﺘﻼف دﯾـﺎﻧـﺎﺗـﮭﻢ وﺟـﺬورھـﻢ اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ ﻛﺄول دﺳﺘﻮر ﺗﻌﺎﻗﺪي، يكفل حقوق المواطنة في الإسلام.
وقد استلهمت كوكبة من العقلاء الأصفياء في الديانات الإبراهيمية إعلان مراكش في تشكيل "قافلة السلام الأميركية"، التي رعتها دولة الإمارات العربية المتحدة؛ بمحطاتها الثلاث، الأولى (في أبوظبي مايو 2017)، والثانية في (الرباط في أكتوبر 2017)، والثالثة والأخيرة في واشنطن، حيث يبحث المؤتمرون خلاصة أعمال القافلة، ونتائج ورش العمل والمشاورات، التي شارك بها ممثلوا الديانات الإبراهيمية في أكبر أربعين مدينة أميركية؛ بغرض التوصل إلى رسم "خارطة طريق" للتعايش الإنساني السعيد، وفق ﺻـﯿﻎ وبرامج ﻋـﻤﻠﯿﺔ، تضمن التوافق ﺑـﯿﻦ ﻣـﻤﺜﻠﻲ الأدﯾـﺎن على ﺘشكيل "ﺣـﻠﻒ ﻓـﻀﻮل" ﻋـﺎﻟـﻤﻲ جديد، يدعو للأمن والأمان، ويعزز التعاون بين جميع الثقافات، وﯾـﺴﮭﻢ ﻓـﻲ اﻟـﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣـﻦ آﻻم اﻟﺒﺸـﺮﯾـﺔ، وﯾﻌﺎﻟﺞ مشكلات اﻟﻔﻘﺮ وﯾﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﯾﺎت، وﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﻧﺒﺬ اﻟﻈﻠﻢ وحل المظلوميات بكل أشكالها ومستوياتها.
افتتح أعمال المؤتمر معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، فرحب بالحضور، وأثنى على حضور القساوسة والحاخامات والأئمة من الغرب والشرق، مؤكداً أن لقاء واشنطن غرضه الأول والأخير هو تعزيز السلم العالمي، ذلك لأن العالم اليوم يشهد الكثير من الحروب والمآسي، وأحيانًا تتلبس هذه الحروب اللبوس الديني، إلا أن الأديان ليست سبباً بالحروب، وإنما هى دعوة للمحبة والسلام.
وقال الشيخ ابن بيه إن اللقاء في واشنطن تعود بداياته إلى الاجتماعات الأولى مع القس مكاري وفندلي والحاخام روبر في مراكش، على مائدة حقوق الإنسان والحريات والسلام، حيث أصدرنا إعلانًا تاريخيًا، قدمنا فيه رؤية ورواية الإسلام عن حقوق الإنسان والمواطنة التعاقدية، ومنذ ذلك الوقت تذاكرنا واجتمعنا كثيراً في مقر المنتدى في أبوظبي وفي الرباط، وتحادثنا حول أهمية السلام، إضافة إلى التأكيد على المكاسب التي حققناها من خلال إعلان مراكش، وبخاصة على مستوى حرية التدين وحقوق الإنسان والحريات عامة.
وأكد معالي الشيخ عبدالله بن بيه إن ﺗـﻔﻌﯿﻞ ﻤﺒﺎدئ إعلان مراكش وﺗـﻌﺰﯾـﺰ ﻤﺒﺎدرات قافلة السلام الأمريكية، ﺿـﺮورة ﻣـﻠﺤﺔ؛ ﻟـﻤﻮاﺟـﮭﺔ اﻟﺘﺤـﺪﯾـّﺎت اﻟـﻜﺒﯿﺮة، التي تواجه الإنسانية ﻋـﻠﻰ كل اﻟﻤﺴـﺘﻮﯾـﺎت، وبخاصة ﻓـﻲ ظـﻞّ اﻟـﻌﻨﻒ المستشري واﻟـﮭﺸﺎﺷـﺔ ﻏـﯿﺮ اﻟﻤﺴـﺒﻮﻗـﺔ، التي تسم الأوضاع الراهنة على مستوى العالم، ﺣـﯿﺚ ﺗـﺘﻔﺎﻗـﻢ ﯾـﻮﻣـًﺎ ﺑـﻌﺪ آخر مشكلات الفقر والبطالة واﻟـﻨﻤﻮ اﻟـﺴﻜﺎﻧـﻲ، واﻟـﺘﺪھـﻮر اﻟـﺒﯿﺌﻲ، واﻧﻌﺪام اﻷﻣﻦ، واﻟﺘﻤﯿﯿﺰ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻌﺮﻗﻲ. ﻣـﻦ ھـﻨﺎ ﺗـﺒﺮز أھـﻤﯿﺔ تشكيل "حلف فضول عالمي"، يستقطب ﻋـﻘﻼء اﻟـﻌﺎﻟـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﻘﯿﺎدات اﻟـﺪﯾـﻨﯿﺔ؛ للقيام ﺑـﺪورھـﻢ ﻓـﻲ ﺻـﻨﺎﻋـﺔ ﺟـﺒﮭﺔ ﻓـﻜﺮﯾـﺔ ﻣـﻮﺣﱠـﺪة، وﺻـﯿﺎﻏـﺔ ﺗـﺤﺎﻟـﻒ إﻧـﺴﺎﻧـﻲ، ﯾـﻘﻮم ﻋـﻠﻰ ﺗـﻔﻌﯿﻞ دواﺋـﺮ اﻟﻤﺸـﺘﺮﻛـﺎت، اﻟـﺘﻲ أدى ﺗـﺠﺎھـﻠﮭﺎ إﻟـﻰ الكثير ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻜﺮاھﯿﺔ والدمار.
وأضاف معالي الشيخ عبد الله بن بيه أنّ اﻟـﺪﯾـﺎﻧـﺎت اﻟـﻤﻨﺘﻤﯿﺔ إﻟـﻰ اﻟـﻌﺎﺋـﻠﺔ اﻹﺑـﺮاھـﯿﻤﯿﺔ؛ ﻋـﻨﺪﻣـﺎ ﺗـﺘﺼﺎﻟـﺢ وﺗـﺘﺼﺎﻓـﺢ؛ ﺑـﻤﺎ ﯾﺠـﻤﻌﮭﺎ ﻣـﻦ ﻣﺸـﺘﺮﻛـﺎت اﻟـﻘﯿﻢ واﻟـﻔﻀﺎﺋـﻞ، ﺗﺴـﺘﻄﯿﻊ أن ﺗـﻌﺰّز روح اﻟﺴـﻼم ﻓـﻲ اﻟـﻌﺎﻟـﻢ، وﺗﺴﮭّﻞ ﺳﻠﻮك طﺮﯾﻖ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺨﯿﺮ، وﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ واﻟﻤﻈﻠﻮﻣﯿّﺎت. مشددًا على أنّ تلاقي ھـﺬه اﻟـﺪﯾـﺎﻧـﺎت، ھـﻮ اﻟﺴـﺒﯿﻞ الرشيد الوحيد إﻟـﻰ ﺗـﻌﺰيز اﻟﻤﺸـﺘﺮﻛـﺎت ﻓـﻲ داﺋـﺮة اﻟـﻌﻼﻗـﺎت اﻹﻧـﺴﺎﻧـﯿﺔ، اﻟـﺘﻲ ﺗـﺘﻮاﺻـﻞ ﻓـﯿﮭﺎ داﺋـﺮة اﻹﻧـﺴﺎﻧـﻲ ﻣـﻊ دواﺋـﺮ اﻟـﺪﯾـﺎﻧـﺎت واﻟـﻔﻠﺴﻔﺎت اﻟـﻜﻮﻧـﯿﺔ، اﻟـﺘﻲ ﺗـﻌﻠﻲ ﻣـﻦ ﺷـﺄن اﻟـﺤﯿﺎة، وﺗـﺮﺳـﺦ ﻣـﺒﺪأ اﻟـﺘﻌﺎون ﻋـﻠﻰ اﻟـﺨﯿﺮ، واﻟـﺒﺤﺚ ﻋـﻦ اﻟـﻔﻀﯿﻠﺔ؛ ﺑـﺤﺜًﺎ ﻛـﻮﻧـﯿًﺎ ﻋﺎﺑﺮًا ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎت وﻣﺘﺠﺎوزًا ﻟﺤﺪود اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت.
وأكد الشيخ عبدالله بن بيه أن إعلان مراكش وثيقة إسلامية أصيلة، تستمد فحواها ومضمونها من صحيفة المدينة المنورة، التي عقدها الرسول الكريم مع اليهود في المدينة، ما يعني أن العنف والظلم الذي يلحق بالأقليات الدينية في العالم الإسلامي في الوقت الراهن ليس بسبب الإسلام، وإنما بسبب منحرفين ومتطرفين أختطفوا الدين لغايات سياسية، فألحقوا الأذى بالأقليات، وربما بشكل أكثر بالأكثريات. ولا حظ معاليه أن "المهم اليوم أننا وصلنا إلى مرحلة من التفاهم، تؤهلنا إلى عقد تحالف بين عائلة الديانات الإبراهيمية؛ لنبرهن للعالم كله، بأن هذه العائلة وما تحمله من القيم يمكن أن تمثل نموذجًا صالحًا للسلام. وأن معاليه يتفق مع الفيلسوف نيتشة، الذي يقول في كتابه "ماوراء الخير والشر": إن الذين أوجدو القيم في البشرية قلة في التاريخ ومنهم موسى وعيس ومحمد. وأنه سيتوسع لاحقًا (غدا) في هذا الموضوع.
وفي الختام تذكر معالي الشيخ ابن بيه، شخصية فذة في خدمة السلام، هو القس دوغلاس كوك، الذي رحل عن الدنيا منذ فترة قصيرة، وأن هذا الرجل الراسخ اليقين بثقافة التسامح والتعايش الإنساني السعيد ما كان له أن يتأخر عن لقاء اليوم فيما لوكان حيًا. وثمن الشيخ ابن بيه مسيرة الراحل، ورحب بأسرته، داعيا إلى تكريمها بما يليق بإرث القس كوك الإنساني، الذي كان يدعو الكونغرس لتخصيص وقت للسمو الروحي بعيدًا عن مشاكل الدنيا. وتذكر الشيخ جلسة خاصة جمعته بالقس الرحل في منزله، وأنه كيف فاض بدفئه الروحي وغمره بفيض روحاني عميق، وأنه لن ينسى هديته، التي لا يزال يحتفظ بها، وأظهرها الشيخ بيده، وكانت عبارة عن مجسم صغير لكوكب الأرض، قرأه الشيخ بأنه "في كل مكان من هذا الكوكب، يمكن أن نجد أقوامًا محبين للسلام، ونحن نبحث عن هؤلاء، وأن بعضهم بيننا اليوم في هذا اللقاء، فشكرًا لكم جميعًا".
الجلسة الأولى
الحاخام ديفيد ثابرتبين أدار الجلسة الأولى، وتحدث بشكل موجز عن أهمية تحالف الأديان والتواصل مع المختلفين من أجل خدمة السلام. مؤكداً أنه لا مناص من الحوار للحفاظ على مستقبل الإنسانية، لا بل تدعو الضرورة إلى الوقوف بحزم ضد جرائم الكراهية والتطرف والإقصاء، وأن "نقوم بجهد أوسع وأكبر لتوصيل صوت السلام إلى الجميع، من خلال الإعلام". وأثنى على إعلان مراكش باعتباره وثيقة إنسانية متقدمة تعبر عن وجه الإسلام الحقيقي.
الإمام محمد ماجد، إمام مركز آدم في فيرجينيا، تحدث بدوره فقال إنه تعرف على القس دوغلاس كوك عندما أصبح رئيس جمعية المسلمين في أميركا الشمالية. أما الاشارات المشجعة لمواصلة مشوار السلام فأكد انه تأثر بمجسم الكرة الأرضية الذي كان يحمله الشيخ ابن بيه، وأن هذا الكوكب مهدد، وأن مواصلة العمل المشترك هو الذي يحفظه من الخطر. أما الاشارات غير المشجعة فلاحظ أن الجهود الكبيرة التي تبذل في سبيل إرساء ثقافة التسامح وتعزيز التعايش الإنساني، ولكنها لا تصل إلى الإعلام كما يجب. وتطرق ماجد إلى إعلان مراكش، ملاحظاً أن 57 دولة وافقت عليه بالإضافة إلى المنظمات الفرعية في الأمم المتحدة. هذا فضلاً عن تعليمه للأئمة في نيجيريا، وكذلك في الولايات المتحدة.
إلى ذلك تحدثت السيدة أغاثا المديرة التنفيذية ل"جمعية بنات مريم"، التي تجوب مناطق النزاع بين المسلمين والمسيحيين في شمال نيجيريا، وتسعى جاهدة مع رفيقاتها المسلمات لمواجهة الحرب والفتن الطائفية، فقالت: إن ما يشجعها على مواصلة مسيرة بناء السلام في نيجيريا، أن "أصواتنا مسموعة وليس كما الماضي. ولكن ما يؤسف له، أن جهود السلام لا تصل إلى غاياتها الحقيقية، فنشعر ببعض الخيبة، وربما الكثيرين من المتطرفين لا لا يفهمون معنى دينهم. لذلك أعتقد أن نشر إعلان مراكش وتوزيعه على نطاق واسع، سيكون مفيداً للجانبين ، مسلمين ومسيحيين؛ لأنه سيشرح للمسلمين تسامح دينهم وحرصه على حماية الأخرين، وسيكشف للمسيحيين حرص الإسلام على حرية التدين والمعتقد وحمياة حقوق المواطنة".
وتطرقت أغاثا إلى العلاقات التي تنسجها الجمعية مع الأخوات المسلمات، المهتمات بثقافة التسامح والسلم وأنها عقدت لقاءات كثيرة، لدرجة أنها صارت تُسأل عن سر هذا الشغف بالعلاقة مع المسلمين؟ فيكون الرد دائما: "هكذا اصبحت حياتي سعيدة وحافلة بالطمأنيينة. ويسالوني أيضاً عن سبب تعليق إعلان مراكش في كنيستي الكاثوليكية، فاقول لهم أريد أن تعرفوا أن الإسلام يدعو إلى حمايتكم وحماية حقوقكم وكرامتكم والمحافظة على إنسانيتكم بمعتقداتكم".
وتحدثت كاثرين المديرة التنفيذية لمنظمة "كتفاً بكتف"، التي تقوم بجهود كبيرة في إطار الدفاع عن المسلمين، فقالت إن أهم الدروس التي تعلمتها هو وجود الشعور بعدم الاستقرار طالما هنك تميز وكراهية ولإقصاء، وأنها تعرف ماذا يحصل لبعض الأقليات، وأن المنظمة مستعدة للدفاع عنهم بأشكال مختلفة، سواء بالدفاع عنهم قانونياً، أو بمساعدتهم لنيل حقوقهم، أو على مستوى البحث عن وظائف.
القس بوب روبرت رئيس الكنيسة الانجيلية في تكساس يقول أنه يعرف أن أحوال ولايته ليست كما يرام؛ بسبب سلوك بعض القساوسة الإنجيليين المتعصبين، الذين ينظرون بسلبية إلى المسلمين. وهذا بعكس ما يدعو إليه ديننا. ولذلك علينا أن نخلق لغة مختلفة، تعبر عن الانتماءات المختلفة. أما الدروس التي تعلمتها، من تجربتي مع منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وإعلان مراكش التاريخي، هو ضرورة مواصلة القيام بأعمال مشتركة، بدءاً من تبادل الزيارات، مروراً إلى الأعمال المشتركة في الإطار الخدمي للمحتاجين وغير ذلك من الأعمال الإنسانية في جوهرها، فهي الوسيلة الوحيدة التي تجعلك أقرب الآخرين.
من جهتها تحدثت مريم ابراهيم نائب رئيس مؤسسة الكاردينال أونيكان، وعضو في مؤسسة التنمية الزراعية في نيجيريا، فقالت أنها من شمال نيجيريا وهي منطقة أغلبيتها إسلامية، و"القصة المؤثرة أننا خلقنا في منطقة لم تعرف التمييز، ولم نُعرف بانتماءاتنا الدينية، فكان التزاوج المختلط، وكانت الحياة سهلة وجميلة، فماذا حصل لنا في هذه الأيام، إنه أمر مؤسف، ولذلك أدعو الأخوات للقيام بزيارات متواصلة للتذكير بماضينا الجميل، والحث على الاختلاط مجدداً بين الديانتين للتعرف على بعضنا البعض، واكتشاف مدى أهمية الآخر في حياتك، من أجل سعادتك وأمنك والمستقبل.
الجلسة الثانية
خصصت الجلسة المسائية الأخيرة عن مناقب القس الراحل دوغلاس كوك، فتحدث القس روبرت عن مناقب القس الراحل دوغلاس كوك، التي كان أقلها أنه جمعه مع الإمام محمد ماجد، وكان معهما الحاخام جوناثان ساكس، وكانت بينهم جملة من الحوارات، أدت إلى لقاء "الشيخ ابن بيه، فأخذت بشخصه". وعندما سئلت عنه من قبل كوك وساكس قلت لهما: لماذا لا تدعوانه إلى صلاة الشكر الوطني. وهكذا كان، وانفتح الحوار مع الشيخ ابن بيه، وانفتحت القلوب على بعضها البعض. وانطلقت عجلة الحوار، الذي انتهى تشكيل "قافلة السلام الأميركية" ومن ثم اللقاء في أبو ظبي والرباط، وجرى ما بين اللقائين تنظيم أكثر من ثلاثين لقاء مع "أتباعي الكنيسة الانجيلية، الذين وصل عددهم إلى نصف مليون"، وأكد أنه لن يمر العام الجاري إلى ويصل العدد إلى ثلاثة ملايين.
وتحدث القس توم جون جنكنز فقال إن كنيسته يرتادها 12 ألف انجيلي، وهو عضو في الكثير من الجمعيات الأهلية والخيرية. ولكن تجربته مع قافلة السلام هي تجربة مميزة وأنه حريص أن ينقلها إلى أتباع كنيسته بالزخم الإنساني الذي يحس به الآن. وتحدث عن تجربته فلاحظ أنه راعي الكنيسة التي تعلم فيها الدين، وأن يكن السخط على المسلمين، وكيف التقى دوغلاس كوك، ومن خلاله تعرف على بعض الأئمة المسلمين، وزار مساجدهم وبخاصة مسجد الإمام ماجد، الذي "رد بزيارة كنيستي". وهكذا تغيرت وجهة نظره بشأن المسلمين، وبهذه الطريقة يصر "على تغيير وجهة نظر أتباعي في الكنيسة".
عضو الكونغرس كوم ستاك عن ولاية فيرجينيا قالت إنها عملت مع دوغلاس كوك في التسعينيات، وهو شخص معروف بكونه أنه يعرف من أين تأتي القوة، لقد كان مدركاً أن قوته الحقيقية مصدرها الله، فهو كان يرى بكل وجه، لذلك كان حبه للناس صافياً. وعندما راح يتساءل الإعلام من أين يستمد قوته، كان يضحك، ويقول لسائليه من وجوهكم، دون ان يفقهو ذلك. لقد كان دوغلاس كوك حالة خاصة، ومن خلاله تعرفت على الإمام ماجد.
وأخيراً تحدثت زوجة الفقيد دود كود، مؤكدة كم كان يحب زوجها الحديث عن الله الرحمة والمحبة، ويسهب ويستطرد في ذلك. وتقدمت بالشكر إلى الجميع. وفي الختام جرى تقديم لوحة.
وفي الختام قدم الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة والشيخ حمزة يوسف هانس نائب رئيس المنتدى من أرملة القس دوغلاس كوك بحضور بعض أبنائه، صورة تذكارية، تجمع الشيخ عبدالله بن بيه والقس دوغلاس كوك في مناسبة مشتركة.