كيف نظم القانون والقضاء غلق القنوات الفضائية؟.. أحكام القضاء تجيب
الإثنين، 05 فبراير 2018 05:10 مأحمد سامي
ما بين الحفاظ على الآداب العامة والتقاليد وحق الرأي والتعبير تقف قضية غلق القنوات الفضائية على حافة شائكة، خاصة أن القانون وضع قواعد تحدد كيفية وقف بثها والأسباب وراء اتخاذ هذا القرار وكيف يمكن الطعن عليها ومتى يحكم القضاء بوقف بث القنوات الفضائية؟.
وللإجابة على هذه التساؤلات لابد من البحث في أحكام القضاء الإداري بوقف بث القنوات الفضائية ومواد القانون التي نظمت عمل القنوات، حيث أكدت محكمة القضاء الإداري من خلال حكمها بوقف بث قناة الفراعين المملوكة للبرلماني السابق توفيق عكاشة على أنها أوقفت البث انتصارا للمبادئ والقيم الأخلاقية التي يقوم عليها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في نطاق الانحياز لحرية الرأي والتعبير المسئولة.
أحكام القضاء تفرق بين حرية الرأي والحفاظ علي التقاليد
ونظرا للحبل الرفيع بين حرية الرأي والحفاظ علي التقاليد، فأشارت المحكمة إلى أنها تنوه إلى أن مسئولية الجهة الإدارية خطيرة في ألا تقهر رأيا أو فكرا، وألا تحول بينه وبين حرية الوصول إلى جمهور المشاهدين والمستمعين، وأن تحمي الإعلام المستنير الداعم لحرية التعبير والمحافظ على تقاليد وأعراف وحقوق المشاهد والمستمع والقارئ، وفي ذات الوقت يقع على كاهلها حماية القيم والأخلاق وحماية الأسرة المصرية من انتشار الغث من التشهير والإساءة إلى سمعة المواطنين بغير مقتضى ، وأن تكون القدوة في تحقيق هذه الحماية.
انتشار الألفاظ البذيئة بالشارع ليس مبرر لترديها بالفضائيات
تغير ثقافة المجتمع هذا ما أكدته المحكمة بأنه سادت الألفاظ الهابطة مسامع ومرأى الأسرة المصرية، وتردت فيه لغة الخطاب والحوار، وتطايرت الألفاظ البذيئة والشتائم في كل صوب وحدب على الهواء، وفي المجالس المنتخبة وفي غيرها، وصارت سلاطة اللسان وتبادل الألفاظ القبيحة والمعاني الهابطة والتلاسن داخل أروقة المجالس على اختلاف أنواعها، وعبر القنوات الفضائية ،بألفاظ وعبارات خادشة للحياء ، وسيلة الكثيرين في الانتصار لرأيهم والحط من رأي وكرامة الآخرين ، خصوماً كانوا أو مخالفين لهم في الرأي ، وطال الانفلات قيادات الأصل فيها أنها القدوة ، لينفلت اللسان ليس بالشتائم وسب الأشخاص فحسب ، بل بوصف بعضهم البعض بأوصاف تعف مدونات الحكم أن تحتويها، وبلغ بعضها حد الإساءة إلى الدين ذاته في مناقشات برلمانية وأخرى في مناقشات فضائية ، تشبثاً بحصانة قد تحول بينهم وبين أن ينالهم عقاب على أفعال تصوروا على غير الحقيقة أنها قد تعصمهم من قضاء المشروعية ، فسادت قيم فاسدة لا تقيم وزناً لمشاعر الأسرة المصرية والنشء فيها، في وقت كان من المتعين أن تكون تلك القيادات والأجهزة الإعلامية وغيرها قدوة لجيل يعلق عليه آمال التقدم والرقي ، وهي ظواهر من شأنها أن تهدم البنيان الديمقراطي وتعوق مسيرة تطوره ، وإن شعبا بحجم وتاريخ وحضارة وأصالة وعراقة وريادة وأخلاق الشعب المصري لجدير بأن يكون موطناً للأخلاق الفاضلة ، وناشرا للقيم الإنسانية الرفيعة ، وليس مصدراً للسيئ من القول والفعل وللكلمات البذيئة والعبارات الساقطة والمعاني الهابطة . وعلى ذلك فإن تقاعس الجهات الإدارية عن اتخاذ الإجراءات التي أوجبتها القوانين واللوائح ومواثيق الشرف لهو دعوة لإطلاق العنان لبذاءات تهدد السلام والأمن الاجتماعي ، وتضرب الحريات العامة الملتزمة بالشرعية والقانون في مقتل، رغم أن الأصل فى الحوار أن "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضيه" ولكن الحفاظ علي قيم المجتمع أهم بكثير من الحفاظ علي هذا الود.
المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، قال في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة" إن قانون الموحد لتنظيم الإعلام والصحافة حدد في المادة (64) قواعد تأسيس القنوات الفضائية بأنه لا يجوز إنشاء أية وسيلة إعلامية مسموعة أو مرئية أو رقمية، أو تشغيلها، أو الإعلان عن ذلك، قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى.
القضاء الإداري يختص بالطعن علي رفض إنشاء فضائية
أما على كل من يرغب في إنشاء أو تشغيل أية وسيلة إعلامية مسموعة أو مرئية أو رقمية، أن يقدم طلبًا كتابيًا بذلك إلى المجلس الأعلى على النماذج التي يضعها المجلس، مصحوبًا بالبيانات والمستندات المطلوبة، ويبت المجلس في طلب الترخيص خلال مدة لا تجاوز تسعين يومًا من تاريخ استيفاء الطلب، وإلا اعتبر الطلب مقبولاً، وفقا للمادة 65 من القانون.
و في حال رفض إنشاء الوسيلة الإعلامية، أو تشغيلها، ذكر الجمل، إنه يجب أن يكون الرفض مسببًا، ويحق لذوى الشأن أن يطعنوا فيه أمام محكمة القضاء الإداري، وذلك بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار بالرفض، وهذه المادة منحت إي شخص حق الاعتراض القضائي علي رفض تأسيس القناة الفضائية وفقا للدستور الذي منح المواطن حق التقاضي أمام المحاكم.
الطائفية والتعصب سبب لرفض تأسيس قناة
ووضح الجمل، الحالات التي يجب فيها رفض منح الترخيص بإنشاء وسائل إعلامية مرئية أو مسموعة أو رقمية على أساس تمييز ديني أو مذهبي, أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل، أو على أساس طائفي أو عِرْقي، أو تعصب، أو على دعوة إلى ممارسة نشاط معادِ لمبادئ الديمقراطية، أو على نشاط ذي طابع سري، أو تحريض على الإباحية، أو على الكراهية والعنف والتمييز بين المواطنين. كما لا يجوز الترخيص بإنشاء محطات إذاعية وتليفزيونية على أساس حزبي.