التوتر سيد الموقف.. وعلى الجميع التزام الهدوء
الأحد، 04 فبراير 2018 10:00 ص
الخوف الناتج عن التوتر يجعل الناس يتحدثون كثيرا عن الموت.. المشكلة تتفاقم والنتائج السلبية تتراكم إذا أهمل المتوتر نفسه
بعيدا عن السياسة ومتاهاتها، والاقتصاد ودهاليزه، أشعر أن هناك حالة من التوتر تصيب قطاعا عريضا من الناس، تحاصر أفكارهم، وتضعف قراراتهم، وتشتت قواهم، وتحول صحيحهم مريضا، وغنيهم فقيرا، وقويهم ضعيفا.
التوتر، يجعل الناس يندفعون نحو التشاؤم، ويسكنون كهوف الخوف، ولا يثقون فى مستقبلهم، ينظرون لكل مجهول قادم بأنه عدو، وكل خير قادم؛ هدوء يسبق العاصفة، ومع كل طارق للباب تخرج على الفور كلمة «استر يا رب».
المصريون غارقون حتى أذنيهم فى ما يسميه المثقفون بالتوتر العصبى، فى حين يسميه علماء النفس بعصاب القلق النفسى، ولو أدرك الناس خطورة ما أصيبوا به، لوقفوا بالطوابير أمام عيادات الطب النفسى.
يتكوّن جسم الإنسان من العديد من الأجهزة الحيوية التى تعمل مع بعضها البعض ليل نهار دون توقف؛ من أجل الحفاظ على حياته، فلكل جهاز أهمية كبيرة للجسم، بحيث أن لكل واحد دورا معينا يقوم به دون أن يطغى أى منها على الآخر، وفقا لدراسة قديمة منشورة على موقع «موضوع».
ومن أمثلة أجهزة جسم الإنسان هو الجهاز العصبى الذى يتكون بدوره من الدماغ والنخاع الشوكى والأعصاب التى تنتشر فى جميع أنحاء الجسم، وذلك لتنقل الإشارات العصبية بين الدماغ والنخاع الشوكى وباقى أجزاء الجسم، كما أنها هى المسئولة عن المشاعر والأحاسيس التى يشعر بها الإنسان، إلّا أنّه فى بعض الأحيان قد يصاب الإنسان بمشكلة معينة فى الأعصاب تسبب له العديد من الاضطرابات.
عندما يضرب توتر الأعصاب جسم الإنسان، يحدث ارتفاع فى ضغط الدم وتبدأ الأطراف فى الارتجاف، ويختل عمل الجهاز الهضمى، فتضرب شهية الإنسان فى مقتل، وقد تزداد حالات التعرق، ويقبع الحلق فى واحة من الجفاف.
الخوف الناتج عن التوتر يجعل الناس، تتحدث كثيرا عن الموت، وتصبح المفردات المصاحبة لأخبار الوفاة، جزءا أصيلا من مفردات مريض التوتر، حتى فى الأمور التى لا علاقة لها بالموت، كأن يحدثك أحد عن تقلبات الطقس، فترد على هذا الكلام بقولك: «الحياة قصيرة»، أو «لقد اقترب خريف العمر يا صديقى»، أو «ما دايم إلا وجه الله».
غالبا ما يتسلل الشعور بالبكاء للشخص المتوتر، فإن كان رقيق المشاعر، مرهف الأحاسيس، تخونه قدرته على السيطرة على القناة الدمعية، فتنفلت منه الدموع أمام الناس، فى حين أن بقية المتوترين قد يلجأون للبكاء فى الغرف المغلقة، أو فى دورات المياه.
وكلما زاد توتر الشخص، كلما ارتبك أمام الأحداث غير المتوقعة، فقد يصاب المتوتر بتقلص عضلى فى قدمه، لو أن سيارة توقفت أمامه فجأة، أو ينحبس صوته، إذا ما اكتشف أن أحدا ما ينصت إليه وهو يغنى منفردا، أو يسقط منه كوب الماء إذا ما وضع شخص يده على كتفه.
وقد يكون المتوتر شخصا ذا قوة عضلية، وبنيان جسدى بارز، لكنه قد يقع فريسة الهلع الشديد، يصل لحد الإعياء الحاد، إذا ما تجرأ شخص أضعف منه بكثير، وأقل شأنا، على تحقيره أمام الناس، وقد لا يسعفه الموقف على إخفاء التوتر، أو رد التحقير فورا، لذا سيخاصمه النوم فترة ليست بالقصيرة، ما سينعكس على صوته وحركاته وتفكيره، حتى يهدأ ويعبر الأزمة.
المشكلة تتفاقم، والنتائج السلبية تتراكم، إذا أهمل الشخص المتوتر نفسه، وعاند واستكبر، ورفض الانصياع للعلم والمنطق، فبالتأكيد سيصاحب التوتر العصبى مرض آخر لا يقل سوءًا عنه وهو مرض القلق المزمن.
عندما يصاب الشخص بالمرضين معا، تسوء حالته النفسية أكثر وأكثر، وتتسرب آثاره نحو جسده بشكل ملفت، ويشعر بآلام جسدية عديدة، ما يجعله يقبل على تناول المسكنات والمهدئات، التى بالتالى ستنعكس على قدرته الذهنية، فيبدأ فى تصور أمور مستحيلة، ويستعيد ذكريات يتمنى عقله الباطن تكرارها، فيتخيل تكرارها بالفعل، ما يجعل صورته تهتز أمام من حوله نتيجة قرارات غير منطقية يتخذها، وردود أفعال مبالغ فيها تساعد على عدم صوابية تفكيره.
هل رأيتم كيف تنحدر الأمور لمستويات غير معقولة نتيجة التوتر العصبى، أضف إلى كل هذا، الضغوط الاقتصادية الناتجة عن عمليات الاصلاح التى تجريها الحكومة لترشيد الدعم، وتقليص عجز الموازنة العامة للدولة، وما ترتب عليها من آثار تحاصر الجميع.
النصيحة التى من الممكن أن أسديها فى هذه الفترة، هى تنفيس الغضب فى أمور مفيدة كالرياضة المناسبة للعمر والصحة والبيئة المحيطة، ثم إعادة ترتيب الأولويات المعيشية، بحيث يتم الاستغناء المؤقت عن بعض بنود الميزانية الشخصية، بشكل ديمقراطى قدر الإمكان داخل الأسرة، لحين تجاوز الفترة حتى منتصف يوليو 2019.