«جوز الست».. قلب أم كلثوم لم يعشق كل جميل

لم يغن أحداً للحب كما غنت هي، من يسمع لها ولا يقرأ عنها،  سيكون  صورة ذهنية لا علاقة لها بالواقع من قريب أو بعيد، سيتخيل كما كنا نتخيل صغاراً أنها سيدة ذاقت من الحب كل ألوانه، نعمت به وكلل حتماً بزواج سعيد هانئ مستقر، لا يقدر عليه سوى الموت، حتى ولو ضربت الخلافات وحدتهما كأي زوجين، فمؤكد أنها عندما تكرر الكرة ستتزوج أيضاً عن حب، لا ينقضي إلا بانقضاء عمرها.

كوكب الشرق أم كلثوم لا تسمع البتة لأم كلثوم المطلوبة للزواج، أم كلثوم المنشدة للحب بكل تفاصيله، لا تعرف عنه شيء عندما يصبح الأمر يخص شخصها، لا تتزوج لمجرد أن القلب يعشق كل جميل، ولا تستمر في العلاقة مع أي من خطابها لمجرد أن لسان حالها يقول :«اللي شفته قبل ماتشوفك عنيا.. عمر ضايع هيحسبوه الناس عليا»، فقط المصلحة تحدد وجهتها وتحسم قرارها.

هام الأصبجي، وذاب رامي عشقاً، وسقط غيرهم عشرات على عتبتها، وبقيت «ثومة» ثابتة كالجبال لا يهزها توسلاتهم، ولا شعرهم أو لحنهم الذي مثل ثلاثة أرباع مجدها وشهرتها، وافقت على الزواج فقط ممن ترى فيه مناسباً لظروفها، وستحصل منها على منافع حددتها مسبقاً.

كثيرون يرون أن الاقتراب من منطقة أسرار زواج أم كلثوم وعدد زيجاتها منطقة محرمة، ولاسيما أن كثيراً منها لم يكشف عنه إلا بعد رحيلها، فلم يعد في الإمكان إفساح المجال للرد، خلال السطور المقبلة لن نعرض حديثاً ألفناه من خيالنا،  بل هي أخبار تناثرت عبر عشرات السنوات، لا أحد قادر على الجزم بصحتها ولا آخر قادر على نفيها.

«جوز الست».. الأخبار تشير إلى أن أول من حصل على ذلك اللقب الشيخ عبد الرحيم صاحب مطبعة الرغائب، وصديق والدها، والذي تزوجها على الورق فقط في بداية مشوارها الفني، فبعد خروجها من طماي الزهايرة، حضر أحد متعهدي الحفلات لوالدها يعرض عليه إحياء أم كلثوم لـ4 حفلات غنائية في العراق بأجر خيالي، وافق الأب وعندما ذهب في اليوم التالي مع المتعهد لاستخراج جواز السفر، كانت المفاجأة بأن القانون يمنع سفر الفنانات غير المتزوجات للخارج.

لجأ الوالد لصديقه الشيخ عبد الرحيم طالباً منه المشورة والحل، بدلا من فسخ عقد الرحلة وضياع الصفقة، فاقترح "عبد الرحيم" أن يتزوج أم كلثوم زواجا صوريا على الورق فقط، ويستخرج تصريح السفر، وافق والدها على الفكرة، وتم الزواج على الورق وسافرت في نفس اليوم وبعد عودتها تم الطلاق.

الموسيقار الراحل محمود الشريف، ثاني من ارتبط اسمه باسم كوكب الشرق كزوج لها، وقيل أنه أول علاقة حب في حياة «الست»، وعلى الرغم من ذلك لم يلحن لها إلا لحن واحد، وهو لحن أغنية"شمس الاصيل".

كان هذا اللحن بداية تعارف محمود الشريف وكوكب الشرق عن طريق المذيع محمد فتحي، صديق ام كلثوم الذي كان يقدم حفلاتها التي تبثها الإذاعة مباشرة، بعدها نشأت علاقة عاطفية قوية بينهما، ووافقت أم كلثوم على الزواج منه رغم الضغوط، بل يقال انها كانت مستعدة لاعتزال الغناء كما قالت ردا على سؤال لمصطفى أمين، إلا أن هذا الزواج لم يستمر طويلاً، وكان الانفصال ووصول العلاقة بينهما إلى طريق مسدود.

"عرفت الناس أم كلثوم وأنا عرفت أم كلثوم أخرى.. عرفوا الأسطورة وعرفت الإنسانة.. عرفوها فوق المسرح والأضواء مسلطة عليها وعرفتها فى غرفتها الصغيرة فى الطابق العلوى منزوية تبكى فى صمت" هكذا تحدث الكاتب الصحفي مصطفى أمين عن أم كلثوم، في كتابه "شخصيات لا تنسى"، ودارت أقاويل كثيرة حول زواج أم كلثوم بمصطفى أمين لمدة 11 سنة، فكان أكثر الناس قرباً منها وكان ينفرد بالسبق الصحفي عن أخبارها.

إن صحت أخبار زواج أم كلثوم ومصطفى أمين، فإنه مؤكد كان عرفياً، فحين قُبض على مصطفى أمين لاتهامه بالتخابر وبتفتيش مكتبه عثر على أوراق خاصة من بينها عقد زواج عرفى بينه وبين أم كلثوم واحتفظ به عبدالناصر حرصا على الحياة الخاصة لأم كلثوم.

الحقيقة الأكثر وضوحاً في هذا السياق، زواج أم كلثوم بالدكتور حسن الحفناوى الذى تعرفت عليه فى عيادته عندما كان يعالجها من الغدة، والغريب أن الذى وصفه لها هو العازف محمود الشريف دون أن يدرى أنه سيكون الزوج الوحيد لأم كلثوم أمام الناس، فعاش معها 21 عامً حتى توفيت فى ٢ فبراير ١٩٧5. 

افتقد زواج أم كلثوم من طبيب الامراض الجلدية الدكتور حسن الحفناوي  لأي نوازع رومانسية، فهو زواج أملته ضرورات الجسد، بعد إصابة أم كلثوم بالغدة الدرقية.