"مبايعة لا منافسة".. الأحزاب الرهان الخاسر بالانتخابات الرئاسية
الإثنين، 29 يناير 2018 05:00 ص
سلط موقف حزب الوفد من الانتخابات الرئاسية المرتقبة، الضوء على انكماش الحياة الحزبية داخل مقراتها واقتصار دورها على التأييد والشجب والإدانة دون أن يكون لها أي دور ملموس يُمكن أن يستشعره المواطن أو الناخب ومن ثمَّ يثق فيه ويصوت له.
تدهور المشهد السياسي تتحمل مسؤوليته وتبعياته، الأحزاب التي انخرطت على مدار ثلاث أعوام في خناقة فرعية وجانبية طاحنة وصلت إلى ساحات القضاء كالتي نشبت بين الوفديين، كما وقعت بين مؤسس حزب المصريين الأحرار المهندس نجيب ساويرس ورئيس الحزب الدكتور عصام خليل، فضلا عن موسم الاستقالات الجماعية التي ضربت الكيانات الصغيرة كحزب المصري الديمقراطي والمؤتمر والعيش والحرية والمؤتمر.
إضافة لما وصل إليه الحال لليسار المصري الذي انزلق هو الآخر في حملات تخوين وتشويه للتيارات الناصرية واليسارية التي اندمجت في كيان وهمي أيضا التيار الديمقراطي، والذي ضم حزب التحالف الشعبي التيار الشعبي والكرامة وغيرها من الكيانات المحسوبة على اليسار، ليصل بنا المشهد في نهاية، إلى تلك الصورة المتشرذمة للحياة الحزبية التي لم تنجح في الدفع بمرشح انتخابي لإثراء الحياة السياسية في مصر.
الصورة القاتمة التي عاشتها الأحزاب هى التي أفرزت في نهاية المطاف موقف حزب الوفد المتخبط الذي بدأ ببيان تأيد للرئيس عبد الفتاح السيسى في الانتخابات الرئاسية المرتقبة جاء فيه " إعلاءً لديمقراطية القرار داخل الحزب، وإرساءً لحرية الرأي، عقد الحزب العديد من الاجتماعات وجلسات الاستماع لأعضاء الهيئة العليا، والهيئة البرلمانية، وأعضاء المجلس التنفيذي للجان الإقليمية، ورؤساء اللجان النوعية، وأعضاء المكتب السياسي لاتحاد الشباب الوفدي، والمكتب السياسي لاتحاد المرأة الوفدية، لاستطلاع آرائهم بخصوص انتخابات الرئاسة القادمة، وفي ضوء ما انتهى إليه رأي ممثلي الهيئة الوفدية، قررت الهيئة العليا لحزب الوفد برئاسة الدكتور السيد البدوي، الموافقة على انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتولي فترة رئاسة ثانية، واعتباره مرشح الوفد في هذه الانتخابات".
ثم تغير موقفه بعد تصريحات السيناتور جون ماكين ليقرر بالدفع بمرشحه السيد البدوي كما جاء على لسان المستشار بهاء أبو شقة الذي قال " إن حزب رفض مزاعم واتهامات السيناتور الأمريكي جون ماكين بانتشار القمع ضد المعارضين السياسيين وتراجع حقوق الإنسان واصفًا تلك التصريحات بأنها محاولة للاصطياد في الماء العكر، ومن ثمَّ قرر الحزب بالدفع بالدكتور سيد البدوي في الانتخابات الرئاسية لضح تلك المزاعم والاتهامات.
إلا أن الوفد عاد مرة أخرى بموقف أكثر ارتباكًا، أعلن خلاله رفض الدفع بمرشح أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي وقال في بيان له أمس "ناقشت الهيئة العليا لحزب الوفد في اجتماعها المنعقد السبت 27 يناير 2018 الاقتراحات التي انطلقت في الآونة الأخيرة والتي ترى أنه يتعين على الوفد ضرورة خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وبعد مناقشات مستفيضة قررت الهيئة العليا تجديد التأكيد على قرارها السابق بتأييد وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية تفرضها الظروف والتحديات التي تواجه مصر، التي لا يستطيع التصدي لها إلا الرئيس الحالي".
الشاهد أمامنا من موقف حزب الوفد أنه لم يستطع خلق حالة توافق حول مرشحه على الأقل حزبية - داخل حزبه، كما أنه لم ينجح أيضًا في أن يقنع هيئته البرلمانية " أعضاءه بمجلس النواب" بالدفع بمرشح بالانتخابات المقبلة، ومن ثمَّ وجد فُرصه منعدمه في تحقيق أي مكسب سياسي على أرض الواقع، ليتخذ الموقف الأسهل والأضمن وهو الاكتفاء بدعم الرئيس وتأييده، ليثبت بذلك أن الحياة الحزبية في مصر لم تعد تتجاوز صورة الديكور.