تطور المقاهي.. من ميلاد الحركات الثورية والسياسية إلى "للسيدات فقط"
السبت، 27 يناير 2018 04:00 م
استمدت المقاهي اسمها من "القهوة" التى اهتدى إليها أبو بكر عبد الله، المعروف بالعيدروس، والذى استعملها اجتلابًا للسهر وتنشيطًا للعبادة، منتقلا بعد ذلك إلى القاهرة لتعرفها فرق الصوفة التى استخدمتها للغرض ذاتة، إلا أن الأمر لم يكن يسيرًا آنذاك، فقد حرَمَ البعض شربها واختلف الفقهاء فى أمرها لما رأه البعض من ضررها على المسلمين، وفى مطلع القرن العاشر هجريًا كان قد حسم أمر تمامًا بإباحتها وانتشر آنذاك أماكن لتقديمها أطلق عليها اسم القهوة.
ويقول المؤرخ جمال الغيطاني، فى كتابه ملامح القاهرة فى ألف سنة، يبدو لنا أن هذه الأماكن كانت موجودة قبل ذلك بمئات السنين، ولكن لم يكن يطلق عليها اسم المقاهي لأن القهوة نفسها لم تكن دخلت إلى مصر بعد، وكانت هذه الأماكن معدة لتناول المشروبات الأخرى كالحلبة والكركديه والقرفة والزنجبيل.
ويشير "الغيطاني"، نقلا عن الإسحاقى المؤرخ المعاصر عن ظهور الدخان فى سنة 1012 الذى لقى نفس مصير القهوة من التحريم، فقد تمسك الفقهاء آنذاك بتحريمه وكثيرًا ما كان يطارد مدخنوه تماما، كما يذكر الجبرتى فى حوادث 1156 أن الوالى العثماني أصدر أوامره بمنع تعاطي الدخان فى الشوارع وعلى الدكاكين وأبواب البيوت.
تطور المقاهي
يخبرنا "الغيطاني"، أن المقاهي كانت فى بداية أمرها أماكن مخصصة لرواية قصص السير والملاحم، وكان أصحاب المقاهي يستقدمون رواة القصص وبعضهم يعرف باسم "الهلالية" لتخصصهم فى سيرة أبو زيد الهلالى، والبعض الأخر يعرف باسم "الظاهرية" نسبة إلى الظاهر بيبرس، وظهرت قصة الظاهر بيبرس فى القرن السادس عشر الميلادي.
سعد زغلول فى متاتيا
ويشير إلى أن العشرينات والثلاثينات كانت العصر الذهبي للمقاهي لتجميعها عدد من الفنانين كالحامولي الذى كان يقضى أمسياته ومعه بعض أصحابه باسيلى بك، ومتاتيا فى ميدان العتبة الخضراء الذى كان يؤمه جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده، وسعد زغلول، وإبراهيم الهلباوي المحامي الشهير، وعباس محمود العقاد، وإبراهيم المازني، والشيخ فهيم قنديل، صاحب جريدة عكاظ.
اغتيال رئيس وزراء مصر خرج من مقهى ريش
ويقول الغيطاني أيضًا عن "مقهى ريش"، إنه شهد ميلاد حركات ثقافية وسياسية مهمة، حيث كان يجتمع به أعضاء التنظيم السرى لثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي، ومنه جرت محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر، فى العشرينات يوسف وهبي القبطي، والذى اختار القوار شابًا قبطيا ليحاول اغتيالة وهو طالب الطب عريان سعد.
مقهى إيزائيفتش مقر تجمع اليساريين
كما عرف عن مقهي إيزائيفتش الكائن آنذاك فى ميدان التحرير، بأنه أحد المراكز المهمة لتجمات المثقفين اليساريين فى الستينات، وكان صاحبه خواجة يوغسلافيا، هرب إلى مصر بعد انتصار تيتو وقيام النظام الشيوعي، والطريف أن المباحث العامة كانت تغلق المقهى وتضع أصحابه تحت الرقابة.
مقاهي الحريم
فيما تشهد الآن عدد من المحافظات انتشارا لعدد من المقاهي لا تستقبل سوى السيدات فقط، وذلك من أجل إعطائهن قدرًا من الحرية لـ"نفخ دخان الشيشة"، بحرية تامة بعيدًا عن عين الرقباء والمتطفلين والفضوليين من أبناء الجنس الأخر، الفكرة المستحدثة بدأت فى المحافظات ثم أخذت طريقها إلى القاهرة.