فاطمة رشدي.. "سارة برنار الشرق" انتهى بها المطاف مشردة في الشوارع تطلب الإحسان
الثلاثاء، 23 يناير 2018 10:00 م
عاشت فاطمة رشدي بطلة " فيلم العزيمة " الذي صنف كأفضل فيلم في تاريخ السينما المصرية حياة مملوءة بالابداع إنتهت نهاية مأساوية مثل أفلام التراجيديا التاريخية إنها الفنانة المشهورة التي كانت توضع صورها في صدر"أفيشهات" الأفلام قبل يوسف وهبي وحسين صدقي وغيرهم من الفنانين الكبار وفي نهايه حياتها كان يشاهدها المارة تجلس على الرصيف بشارع الجمهورية وتمد يدها لتتلقي الإحسان لم يعرف الكثير ممن منحوها بعض المال أن هذه السيدة التي تردتدي ملابس رثة كانت نجمة سينمائية طالما تألقت في سماء الفن، وأبدعت وتألقت، وكانت نجمة النجوم.
عندما قرر السادات تكريمها لم تجد فستان تحضر ترتدية
قبل رحيلها بأسابيع فقط.. تذكرت الحكومة المصرية الفنانة العظيمة فأرادت تكريمها في "عيد الفن" وأرسل المسؤولون في طلبها، ولكنها حتى صباح ليلة التكريم لم تجد فستانا ترتديه لتتسلم درع تكريمها من الرئيس المصري الراحل أنور السادات وعند وفاتها في يوم 23 يناير 1996 لم يجد جيرانها كلفة جنازتها، فقاموا بجمع الأموال اللازمة من بعضهم ودفنوها.
إنها فاطمة رشدي أو كما يطلق عليها "سارة برنار الشرق".. كانت بداية مشاهدها تنبىء عن فنانة لديها كل ما تريد من المال والشهرة، فقد مثلت أكثر من 200 مسرحية، وقامت ببطولة 16 فيلما عبر تاريخها الفني، وكانت لها فرقة مسرحية يعتد بها لكنها في المشهد الأخير من حياتها كانت تعاني كثيرا، ولم تجد شقة تؤويها، وقد شاهدها الكثيرون أمام باب مسرح الأزبكية بالقاهرة، وهي تلعن الفن الذي أوصلها لهذه الحالة، بالرغم من أنها كانت رائدة للمسرح وعطاؤها المسرحي فاق عطاءها السينمائي.
بدايات فاطمة رشدي
ولدت فاطمة رشدي في فبراير العام 1908 بالإسكندرية واشتغلت مع شقيقتها رتيبة وإنصاف رشدي واشتغلن بالفن، وعندما بلغت فاطمة رشدي 10 أعوام بدأت مسيرتها الفنية في فرقة أمين عطا الله، وكانت أختها تغني فيها، فأسند لها أمين عطا الله دورا في إحدى مسرحياته، وكانت تؤدي أدوارا غنائية ثانوية إلى أن ظهرت على مسرح فرقة عبدالرحمن رشدي.
بعدها انضمت إلى فرقة "الجزايرلي" إلى أن تعرفت على "عزيز عيد" الذي علمها القراءة والكتابة وأصول التمثيل، فقد فتح لها عزيز عيد أكاديمية خاصة، ثم تزوجها لكن النيابة المصرية استدعته بعد زواجه منها، لأن نجمة المسرح الشهيرة آنذاك كانت لاتزال قاصرا.
قضت فاطمة رشدي 3 أعوام فقط في أكاديمية عزيز عيد المسرحية، واستطاع أن يفجر فيها ينابيع الموهبة، لتصبح أكبر ممثلة في الشرق، وتقوم بتجسيد كل ما قامت بتجسيده الممثلة العالمية المشهورة "سارة برنارد" وحلم فاطمة رشدي في أن تصبح مثلها والذي تحول عبر سنوات الكفاح إلى حقيقة، وهنا تسرب الإحساس الغامض بالحب تجاه الأستاذ عزيز عيد نظرا لما قدمه لها طوال تلك الفترة من رعاية واهتمام.
وحدث أن مرضت فاطمة رشدي مرضا شديدا ولم يلحظ عزيز عيد مرضها لمشاغله الكثيرة بفرقة رمسيس فأخبره صديقه مختار عثمان بأن فاطمة مريضة وتسأل عنه، ويبدو أن فاطمة كانت قد تحدثت مع مختار عثمان في أمر ارتباطها بعزيز إذ فوجئ الأخير بأن مختار عثمان يعرض عليه أن يتزوج من فاطمة وبالفعل وافق عزيز فرحا، ولكنه يخشى من أن ترفض الارتباط به لأنه قبطي.
عزيز عيد يلعن اسلامها من اجل ان يتزوجها
وهنا يعلن عزيز عيد أنه على استعداد تام لأن يشهر إسلامه ليتزوج من فاطمة رشدي، وبالفعل أعلن عزيز إسلامه وتزوج من فاطمة ولكن النيابة المصرية استدعته لأن الفتاة بالرغم من شهرتها... إلا أنها قاصر بحكم القانون، وهنا تتدخل كبار الشخصيات ممن يعرفون قيمة وحجم عزيز عيد لإنهاء الموضوع، لكي تثمر تلك الزيجة عن طفلة صغيرة تسمى "عزيزة".
بالرغم من صعود نجم فاطمة رشدي في سماء الوطن العربي إلا أنه كان هناك تربص بأمر العلاقة الزوجية لكي تنتهي بالفشل والطلاق، كان هناك العديد من المعجبين أغروا فاطمة رشدي بأن تهجر المسرح وترتبط بهم لكنها كانت دائما ترفض ومن أعمالها الفنية الخالدة ( فيلم العزيمة – بنات الغجر – العاصفة – الريف الحزين – الطريق المستقيم – الطائشة –الهارب - فاجعة فوق الهرم - ثمن السعادة – غرام الشيوخ).
ثم انفصلت فاطمة رشدي عن عزيز عيد بسبب غيرته الشديدة وبانفصالها عنه انفصلت عن مسرح رمسيس، وكونت بعدها فرقتها المسرحية الخاصة الشهيرة التي حملت اسمها وقدمت 15 مسرحية في سبعة أشهر، والتي اخرجت نجوما مثل محمود المليجي ومحمد فوزي الذي كان يلحن المونولوجات التي تقدم بين فصول المسرحيات وقدمت فرقة فاطمة رشدي العديد من النصوص المترجمة والمقتبسة بالإضافة إلى بعض المؤلفات المحلية وفي مقدمتها مسرحيات أحمد شوقي ومن مسرحياتها ( السلطان عبد الحميد – العواصف – غادة الكاميليا – الذئاب – الصحراء – النسر – الازرق – القناع – الشرف – قصر الشوق – زقاق المدق)
فاطمة رشدي المشردة في الشوارع
اعتزلت الفن في أواخر الستينات وانحسرت الأضواء عنها مع التقدم في السن وضياع الصحة والمال وكانت تعيش في أواخر أيامها في حجرة بأحد الفنادق الشعبية في القاهرة، إلى أن كشفت جريدة الوفد المصرية المعارضة عن حياتها البائسة التي تعيشها ،ثم تدخل الفنان فريد شوقي لدى المسؤولين لعلاجها على نفقة الدولة وتوفير المسكن الملائم لها وتم ذلك بالفعل، فقد حصلت على شقة، إلا أن القدر لم يمهلها لتتمتع بما قدمته لها الدولة، لتموت وحيدة تاركة ورائها ثروة فنية عملاقة تزيد عن200 مسرحية و16 فيلمًا سينمائيًا، وحياة عاشتها طولا وعرضًا عاصرت خلالها جيل من عمالقة المسرح ورواد السينما وتوفيت في يوم 23 ينايرعام 1996