انجازات الرئيس.. وحكاية وطن
الجمعة، 19 يناير 2018 04:22 م
كثيرا ما أرى ألا يترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة القادمة.. وبالطبع لا يمكن أن نلومه إذا ما اتخذ هذا القرار وقرر أن يحصل على استراحة محارب، فيكفي السيد الرئيس قائمة طويلة من الانجازات أبرزها الاستجابة لإرادتنا وإنقاذنا من عصابة الإخوان، وإعادة الكهرباء لمصر في وقت قصير وفي ظل إرهاب خسيس. فإذا ما أحسن الناس الاختيار وأتوا بمن يكمل المشروعات العملاقة، ومن يشغل دولاب العمل الحكومي بشكل أفضل، ويتصدى للإرهاب، وللمخاطر الخارجية دون خسائر، وتصدى لمشكلة ارتفاع الأسعار وجشع التجار، والفساد والتطرف، وتمكن من تقديم خدمات تجاري معدلات الزيادة السكانية، وأدار ملفات الأزمات المتراكمة بحنكة. فليأتي الرئيس السيسي بعد ذلك متعه الله بالصحة والعافية لفترتين تكريميتين يتولى فيهما دفة القيادة في ظروف مواتية. أما إذا ما اختار من صوتوا في الانتخابات أحد تلاميذ أبو إسماعيل، أو أحد تلاميذ الرجل الإيقونة، وساءت الأمور على جميع الأصعدة فلنستدعي البطل مرة ثانية.
ظهر حجم إنجاز الرئيس وقدر تضحيته أكثر من ذي قبل فور أن اقترب موعد التقدم للترشح لانتخابات الرئاسة. فبمجرد مطالعة سلوك وربما أسماء من يبتغون الوصول للمقعد الرئاسي في مايو المقبل يتضاعف تقديرك للرئيس عبد الفتاح السيسي. فالخط العام المشترك بين جميع المرشحين المحتملين هو الخوف من التعرض لانتقاد أو هجوم غير موضوعي من إعلاميين أو من صفحات التواصل الاجتماعي. رغم أن الرئيس السيسي تعرض بكل قسوة لهجمات وافتراءات وفبركات منذ اللحظة الأولى من محطات تليفزيونية متفرغة فقط للهجوم والتشويه والتزوير، ولم ينزلق لرد عليها أو تذمر.. وكذلك الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي، فالسباب على الجدران وعلى الانترنت من شخصيات وهمية وحقيقية.. والمسيرة تتقدم للأمام. ولم يتردد في إعلان الترشح ثم إعلان عدم الترشح ثم الانسحاب في وقت قصير كما فعل البعض مما يفتح الباب للحديث عن مصالح شخصية ضيقة تحرك متخذ القرار، أو ضجر من ضيق الوقت وكأن عام الانتخابات أتى فجأة؟! فضلا عن تكاسل عن استيفاء شروط الترشح.. فأحد المرشحين المحتملين، رغم أن له خبرة برلمانية، واتصالات جيدة مع وسائل الإعلام يطلب فتح قاعات المجلس له لكي يقنع أعضاء البرلمان بدعمه (يحتاج عشرين عضو فقط من أصل 600) وكان من المفترض أن يتواصل مع النواب بشكل شخصي ويستطلع آرائهم ومواقفهم ويكثف جهده مع من يعتقد أنهم داعمين محتملين.. ففكرة استقبال البرلمان لكل من يفكر أو يدرس أو يعتزم محاولة الترشح وتخصيص وقت لسيادته ستشل أعمال المجلس التشريعية والرقابية تماما، نظرا لكثرة عدد المرشحين المحتملين وسعي البعض لإعلان نية الترشح فقط من أجل هذا الهدف الذي يحقق شبكة علاقات قوية وشهرة لا بأس بها في زمن قياسي.
مشكلة سيناريو عدم ترشح الرئيس لانتخابات 2018 تكمن فقط في أنه غير مضمون العواقب.. نظرا لتغير المناخ العام، ونظرا لأن انسداد الأفق وضياع الأمل، ثم العمل مجددا من خلال ثورة ثالثة لإعادة الأمور لنصابها سيجهد أمة عانت كثيرا وتكالب على إنهاكها الكثيرين.
وفي مقابل أقلية غير متناغمة ستطرب لسيناريو عدم ترشح الرئيس في الانتخابات القادمة وترشح سيادته 2022 -طمعا في فرصة شبه مستحيلة في انتخابات 2018- نجد من يرى أن الانتخابات الرئاسية (مبكرة) لأن موقع الرئاسة حكم عليه بالدستور المصري بتجدده كل ٤ سنوات وهي دورية قصيرة مقارنة بغيرها من الدول (فرنسا، المكسيك، تركيا). ووسط معارك شرسة تخوضها البلاد من منابع النيل للصحاري الواسعة غربا وشرقا.. في كل اختبار شعبية منذ 30 يونيو وحتى الدعوة إلى مظاهرات 11- 11 مرورا بتمويل قناة السويس وقبلها التفويض والانتخابات والاستفتاء، اختار المصريون الرئيس عبد الفتاح السيسي رمزا للمعركة. وقبل هو التحدي فانتقلت البلاد بإرادة المصريين وبإرادته، وبثبات المصريين وبثباته، وبعزم المصريين وبعزمه إلى أوضاع أكثر صمودا فتبددت مخاطر الاحتراب الوطني وتبددت مخاطر انهيار الدولة.. وانطلقنا نحارب العشوائيات، وفيروس سي، ومشاكل الطرق، والنقل الجماعي بحلول جذرية على غرار ما حدث في ملف الكهرباء، ونعيد رونق وسط المدينة وفي الوقت نفسه نبني العاصمة الجديدة ونعمر محور قناة السويس ونسلح الجيش. ومع ثبات مصر تغيرت خريطة التوازنات الدولية وتم اعتماد الرؤية المصرية في سوريا وفي غزة وفي قطر وفي ليبيا.. وبدا أن عالم القطب الواحد في أفول مما دعم أوضاع مصر ودورها.
مع العد التنازلي لحسم موقف الرئيس وإعلانه عن قراره ندعو لترشح الرئيس ليكمل مسيرة العطاء والعناء معنا بعيدا عن الأوهام والمخدرات، والمغامرات، والتجريب، و"الحنجوري"، أو سياسات تأجيل المشاكل وترحيلها إلى أجيال قادمة. ونتمنى أن تتاح الفرصة للمشاركة في دوائر صنع القرار لدماء جديدة أثبتت نجاحها وإخلاصها وقدرتها في مواقعها بداية من المستشارين إلى موقع نائب الرئيس (أو رئيس وزراء سياسي وليس تكنوقراط) مع تكليفهم ببعض الملفات حتى يكون لهم دور في المشهد المستقبلي. ويتمنى كاتب هذه السطور بشكل خاص أن يقتنص المصريون الفرصة التاريخية السانحة لدعم تحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي يرفع من مخصصات المستحق، ويحجب المخصصات عن غير المستحق في جميع المجالات، وأن نعمل معا على صيغة عملية لإصلاح أداء مؤسسات ومنظومات عديدة، وإنتاج أكبر وترشيد أفضل، وصد وتوعية أقوى لمخططات كارثية، ومؤامرات تنسج خيوطها بلا كلل في الداخل والخارج تريد تفجير وطن يستحق أن يستعيد ريادته ومكانته الطبيعية بين أمم وشعوب العالم المتقدم.