مصر وأنموذج التعايش السلمي
الثلاثاء، 16 يناير 2018 08:03 م
عندما أفتتح عمرو بن العاص مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب كان الأقباط يقيمون على هذه الأرض ويعانون الاضطهاد من الحكم الروماني الذي لم يعطهم الأمان ولا الحرية الدينية لممارسة عقائدهم ويذكر التاريخ العديد من الشهادات القبطية لشهود عيان تؤكد معاناتهم من القهر الروماني حتى جاء الفتح الإسلامي وأعطى الأقباط حريتهم الكاملة والأمان لأنفسهم وكنائسهم ومنذ ذلك الوقت ومصر ملتقى للتعايش السلمي بين كافة الأديان ويستطيع التاجر المتنقل والمقيم العمل بكل حرية دون مضايقة أو خوف ،وفي أثناء وقت العمل يذهب كل فرد إلى دار عبادته وكأنها له وحده لا تتشارك معه أديان أخرى وللحق فإن الحوادث عكس هذا الأمر قليلة جداً وربما تمر مرور الكرام دون أن يفرد لها التاريخ صفحاتها لأنها تعتبر حوادث هامشية لا قيمة لها، ومع مرور الوقت وتبدل الزمان وتغير الأحوال أوفي وقت الكوارث نجد أن الشعار الذي يتم الحديث عنه هو (مصر الوطن) ولا غير ويشهد التاريخ على ذلك فعندما أحتل نابليون مصر في نهاية القرن الثامن عشر أنبرى للدفاع عنها الشعب المصري كافة في ملحمة بطولية سطرها التاريخ وكذلك نصر أكتوبر المجيد الذي شارك فيه كافة أطياف الشعب المصري.
وبحكم أن مصر ملتقى للحضارات منذ قديم الأزل فإننا لا نستغرب هذا التناغم والتجانس الكبير الذي قل أن تجد له مثيل في العصور القديمة والحديثة بل أصبح الحديث عن عدم التعايش السلمي أكذوبة لا يصدقها أحد وأتذكر خلال زياراتي السابقة والكثير من أصدقائي لمصر أننا لا نتحدث عن هذا الأمر بتاتاً بل ربما نعقد صداقات واتفاقيات عمل ولا نسئل عن ديانة الرجل مما يؤكد أن التعايش موجود حتى وقتنا الحاضر.
وقوع بعض الحوادث الإرهابية من بعض المتطرفين لا تعني نهاية هذا التناغم والانسجام بين كافة الطوائف والأديان فمصر ملتقى سياحي وثقافي عالمي يزورها سنوياً الملايين من عشاق هذا البلد ولا يشعرون بشيء من التمييز أو التفرقة التي تكدر صفو هذا الجمال الراقي في البساطة وحسن التعامل فالجميع يرفع دائماً شعار مصر ترحب بكم.
عندما يحصل مثل هذا الاندماج في أي مجتمع بالتأكيد ستكون عواقبه تنمية وتطور وازدهار ولكن لو حدث العكس فإن البلد والمجتمع والاقتصاد سينهار حتماً، وفي زيارة سابقة لي إلى سنغافورة شاهدت مثل هذا الالتحام والتكاتف في لحمة وطنية يحسدهم الجميع عليها وكانت نتائجها صعود سنغافورة إلى مصاف الدول المتقدمة التي يشار إليها بالبنان بل إنها مضرب المثل في التطور والنمو والتقدم.
خلاصة القول إن مصر نموذجا للتعايش السلمي الذي يحتذى على مستوى العالم ولم تتبدل هذه المعاملة أو تتغير مع تعاقب السنين ولن تؤثر فيها بعض العقبات البسيطة التي ستزيدها قوة ومتانة مع الوقت.