"الأرابيسك والنحاس والسجاد" صناعات تنقرض.. "الحرفين": السوق نايم ومفيش فلوس.. والحكومة تطلق creative egypt للحرف اليدوية (صور)
الجمعة، 12 يناير 2018 08:00 ص
تعتبر الحرف اليديوية من أهم ركائز المحافظة على الإرث الثقافي للشعوب، بسبب اعتمادها على النقوش والرسومات التاريخية للبلدان، وفي مصر فإن الحرف اليدوية لها وضع وشأنت خاص، حيث تكشف جوانب الهوية المصرية، فكانت الصناعات اليدوية تُمثل القوة الإنتاجية الثانية بعد الزراعة، وتنوعت هذه الحرف لتضم الزخارف الخشبية، و المشغولات النحاسية، ونسج السجاد وتطريزه.
إلا أنه مؤخرًا، لم تسلم الحرف اليديوية من المعاناة التى تؤدي بها للإنقراض، بسبب تعدد العوائق تاني تحيطها، وكان أبرزها ضعف وتراجع أليات التسويق للمنتجات اليدوية، ووعدم ترخيص ما يقارب 95% من هذه الورش، الأمر الذي جعلها تعمل خارج مظلة قانونية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري.
وفي حي الحُسين بمنطقة خان الخليلي، ألتقت صوت الأمة بعُمال أشهر الحرف اليدوية التي تشمل " فن الأرابيسك و نقوش النحاس و نسج السجاد اليدوي" ورصدت أبرز مشاكلهم التى يعانوها.
الأرابيسك
" صحيح السوق نايم ومفيش شغل ولا عمالة لكن عُمر الأرابيسك ما هينقرض، لأنه صناعة تاريخية صلبها من صلب الحضارة المصرية".. هذا كان تعليق الحج سيد محمد أحد عُمال ورش الأرابيسك بالحُسين.
وقال " سيد" لـ"صوت الأمة" إن الأرابيسك هواية قبل ما تكون صناعة، ولهذا السبب لا يعمل في هذه المهنة إلا من لديه القدرة على الابتكار والإبداع، ويكون لديه الشغف للإنتاج "ويكون عارف إن مفيش فلوس"، مضيفًا " أنا بشتغل في المهنة دي من 37 سنة وأحيانًا مابيبقاش في جيبي 50 جنيها لكن بحب أبدع فيها".
وأشار " صانع الأرابيسك" إلى أن هذا الحرفة تعاني من نقص العمالة بسبب لجوء الشباب لكسب الرزق والبحث عن الفلوس أكثر من الفن، وبذلك يفرون إلى التوكتوك"، معلقًا إن الطلب على منتج الأرابيسك قل كثير مع تعويم الجنية بسبب ارتفاع سعر المنتج للضعف لأن المواد الخام للخشب بيتم استيرادها من الخارج، وتصنعها في ورش مصرية بأيدي مصرية لكن هذه العمالة تحتاج إلى مقابل مصنعية وهو ما يضاف على قيمة السلعة النهائية".
وبنبرة فخر أعرب "سيد" عن سعادته لإنضمامه لعائلة الحج حمامة أكبر صناع الأرابيسك بحي الحُسين، حيث تعتبر هذه العائلة هي عائلة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
النحاس
بالقرب من لحن الدولة الفاطمية بشار المعز بالله الدين الفاطمي" بحي النحاسين"، وسط أصوات و طبول طرق النحاس يجلس محسن محمد أكبر صناع النحاس في مصر، الذي يعمل بهذه الحرفة مُنذ 1920، قائلًا": إن صناعة النحاس هو فن شرقي مُقتبس من الفراعنة، لأنهم كانوا ينقشون على جدران المعابد ومن ثم نحن أصبحنا نحاكيهم".
وأضاف" محسن" لـ"صوت الأمة" إن الإقبال على العمل بنقش النحاس قل جدًا بسبب عدم الإهتمام بهذه الحرف والترويج السليم لها يعني مابقاش حد يهتم بينا، لافتًا إلى ضرورة توفير اشواق قابلة لعرض المنتج النهائي ليس بالطرق التقليدية ولكن بالتسويق الإلكتروني أيضًا فنحن نعيش حالة من التطور لم نستغلها بعد".
وأوضح أن الأوضاع السياسية أثرت جدا على حركة السوق لأن مبقاش في سياحة، والمشغولات النحاسية لا يقبل عليها سوء الأجانب أو ولاد الأكابر الذي يسكنون الفيلات وأصحاب المزاج الفرعوني والعربي الإسلامي فقط.
وأشار إلى مراحل إنتاج المنتج النحاسي، والتى تبدأ بعملية الزخرفة والنقوش بعد اختيار بالشكل المطلوب وأحيانًا يطلبه الزبون بشكل خاص، ثم ترسم النقوش بأقلام نقش فولاذية خاصة بهذه المهنة وبمساعدة المطرقة والسندان ثم تُمسح القطعة جيدا حتى تعود إلى أصلها الطبيعي ثم يتم عزل القطعة التي يراد الحفر عليها بمادة شمعية لا تتأثر بالأحماض، ثم يقوم الفنان بالرسم بواسطة قلم حاد علي هذه المادة، مستكملًا: "أتمني أن تستغل الدولة السفرات الأجنية لعرض منتاجتنا للأجانب عشان يتروج لينا".
السجاد اليدوي
ورشة صناعة السجاد
وسط أطواب من الحرير والصوف والجبلان، يستقل علاء عبد الكريم صانع السجاد اليدوي يغزل الخيوط بنقوش فرعونية وإسلامية بديعية، لا يكل ولا يمل من الجلوس وسط حالة من الهدوء والركود في السوق مُنذ 37 عامًا.
وقال " علاء" لـ"صوت الأمة" إن الحرف اليدوية "مابقتش جايبه همها"، لكن الاستمرار بها مزاج، مشيرًا إلى أن الشغل اليدوي لم يعد يعتمد على الحرير لارتفاع سعره لكنه بات يعتمد على الصوف والقطن المصري الأمر الذي جعل جودته تقل نوعًا ما.
وناشد" صانع السجاد اليدوي"، وزارة الصناعة بالإهتمام بالحرف اليدوية والسجاد حتى لا تنقرض هذه الحرف التى تعبر عن طراز مصري عريق، ولفت أيضًا لقلة عدد العمالة بسبب قلة الدخل والعائد المادي من هذه الحرفة".
الحكومة والحرف اليدوية
وتحاول وزارة الصناعة والتجارة الاهتمام بالحرف اليدوية من إطلاق مشروع Creative Egypt - حيث يعد أول منفذ بيع دائم لعرض المنتجات اليدوية والتراثية المصرية ويضم منتجات أكثر من 16 ألف حرفي ومبدع يمثلون أكثر من 52 تجمع لأقدم الصناعات الحرفية والتراثية المصرية في 20 محافظة، وذلك في إطار مساندة ومساعدة أصحاب الحرف اليدوية على رفع جودة منتجاتهم التراثية.
وفي إطار دعم الوزارة لهذا القطاع الحيوى الهام فقد تم إنشاء غرفة جديدة لصناعة الحرف اليدوية وإضافتها إلى قائمة الغرف الصناعية باتحاد الصناعات المصرية.
البرلمان والمشروعات الصغيرة
محمد مصطفى السلاب
وقال النائب محمد مصطفى السلاب عضو لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر إن الحرف اليدوية تعتبر من المشروعات متناهية الصغر التي تحتاج لدعم مادي كبير وعمالة وفيرة حتى نتمكن من النهوض بها.
وأوضح" السلاب" لـ"صوت الأمة" أن الدولة تبذل قصارى جهدها لنهوض بهذه الحرف لكن هناك بعض الورش لا تعمل تحت مظلة قانونية، الأمر الذي ينقلنا إلى حديث أخر وهو الاقتصاد غير الرسمي وتأثيره على الاقتصاد القومي للبلد، مضيفًا أن هذه الحرف تعتبر بمثابة ثروة إقتصادية كامنة يجب الإنتباه لها.
الاقتصاد والحرف اليدوية
فيما قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى الدولي إن الحرف اليدوية تعتبر مشروعات متناهية الصغر، ولها أهمية كبرى في تطوير الدولة لأنها تلعب دور هام في النهوض بالإقتصاد القومي، ونلاحظ أن أقتصاد الصين واليبان قام على هذه الحرف قبل ميكنتها.
وأوضح "رشاد" لـصوت الأمة" أن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر هي الأمل في مساندة الإقتصاد القومي، لافتًا إلى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لألمانيا وجد إنها أكبر تاني أقتصاد في أوربا و45% من صادرتها تعتمد على الحرف اليدوية، لذلك لابد أن نقتضي بالتجارب العالمية ونلقي الضوء على مثل هذه الحرف.