"إدلب".. كلمة السر في إشعال الصراع التركي الروسي بسوريا
الأربعاء، 10 يناير 2018 03:27 م
يبدو أن الاتفاقيات التي تم توقيعها بين روسيا وتركيا وإيران خلال الجولة الأخيرة من محادثات أستانا والتي أسفرت عن خفض التوتر في بعض المناطق السورية، قد تنهار بسبب ما يحدث في محافظة إدلب التي تشهد في الآونة الأخيرة معارك ضارية بين قوات الحكومة السورية وجماعة تحرير الشام المسلحة (جبهة النصرة سابقًا) التى فقدت السيطرة على عشرات القرى مؤخرًا في هذه المعارك مقابل سيطرة واسعة للجيش السوري.
ويقترب الجيش السوري من تحرير المحافظة، حيث اتجه مؤخرًا نحو مطار "أبو ضهور" العسكري والذي كان أخر معاقله في إدلب قبل أن تسيطر عليها النصرة وتحرير الشام قبل ثلاثة أعوام، إلا أن هذا التقدم السوري أغضب كثيرًا الحكومة التركية التي اعتبرته تطورًا قد يحد من نفوذها في سوريا، لاسيما وأن محافظة إدلب لها أهمية إستراتيجية واسعة فتحدها من الشمال تركيا، ومحافظة حلب شرقاً، ومن الجنوب محافظة حماه ومحافظة اللاذقية من الغرب، وتحتل المرتبة السابعة من حيث المساحة.
هذه الأهمية الاستراتيجة جلعت تركيا تطمع بأن تستقر قواتها فيها لفترة طويلة، حيث شرعت أمقرة إلى نصب قواتها في أكبر المناطق بالمحافظة مستغلة سيطرة جماعة تحرير الشام المتشددة ، وطالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو روسيا وإيران بصفتهما ضامنين للتسوية السورية بوقف زحف قوات الجيش السوري على منطقة وقف التصعيد في إدلب شمال غربي سوريا، قائلًا : "قوات النظام السوري مستمرة في زحفها باتجاه إدلب، وعلى روسيا وإيران تنفيذ تعهداتهما ووقفها.
واستدعت تركيا أمس سفيري روسيا وإيران في انقرة، حيث قال جاويش أوغلو : "استدعينا يوم أمس ممثلي موسكو وطهران لدينا وأبلغناهم بمطالبنا".
وبالرجوع إلى أهمية محافظة إدلب والمعارك التي تدور في رحاها، فما تزال بلدتا "كفريا" و"الفوعا" داخل المحافظة محاصرتان من قبل تحرير الشام، كما كانت المحافظة تضم عددا لا بأس به من المسيحيين وخاصة في مدينة جسر الشغور، إلا أن أغلبهم تم تهجيرهم ولم يبق منهم أحد الآن، فيما هجر الدرزين قراهم المتواجدة بالمحافظة التي انتشرت في جبل السماق خاصة بعدما تعرضوا لمجزرة في بلدة "قلب اللوزة" التي راح ضحيتها عشرات.
واعتبرت إدلب مؤخرًا بعد الاتفاقيات الأخيرة، حاضنة لآلاف المسلحين وأسرهم، الذين انتقلوا إليها في إطار اتفاقات مع الحكومة، حيث وصل بحسب البي البي سي عدد سكانها إلى نحو مليوني شخص بينهم مئات الآلاف من النازحين واللاجئين من مناطق ريف دمشق، وحلب وحمص وحماه.
لم تكن إدلب هي المحافظة الوحيدة، التي تؤشر إلى قرب انهيار اتفاقيات وقف إطلاق النار والتهدئة التي تراعها الدول الثلاث، ففي سياق ما يحدث من توترات شمال غربي سوريا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تعرض قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية الروسيتين في سوريا مؤخرا لهجوم مباغت ومكثف نفذ باستخدام 13 طائرة مسيّرة، استطاعت الدفاعات الروسية صدها، إذ أسقطت سبعة منها واخترقت الست المتبقية وأخضعتها للفحص الذي كشف اعتمادها على تكنولوجيا لا تملكها سوى الدول.
وكشفت روسيا عن أن فحص الدرونات، خلص إلى أنها أطلقت جميعها من جنوب غربي منطقة وقف التصعيد في إدلب وفي وقت متزامن، وذلك من مناطق خاضعة لسيطرة ما يسمى بـ"المعارضة السورية المعتدلة" (تحرير الشام- جبهة النصرة سابقًا)، الأمر الذي بعثت على آثره الدفاع الروسية إلى رئيس الأركان العامة التركية خلوصي أكار، ورئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان لتخطرهما بالحادث، في إشارة إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين تركيا من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى.