هل هنأ الرسول مارية القبطية بعيد الميلاد المجيد؟
السبت، 06 يناير 2018 06:35 م
السيدة مارية القبطية، كانت أقرب نقاط اتصال النبي صلى الله عليه وسلم، بأصحاب الديانات الأخرى، فهي كانت جارية أهداها له المقوقس كبير مصر، حينما أرسل له رسوله يدعوه للإسلام، وبقى السؤال: هل هنأ النبي مارية بعيد الميلاد؟، صوت الأمة بحثت له عن إجابة في السير والمتخصصين.
يتفق الرواة على أن الرسول الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، بعد صلح الحديبية 7 هجريًا، قد شرع حينئذ في الدعوة إلى الإسلام، فكتب كتبًا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتمامًا كبيرًا، واقعًا اختياره على من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، والمقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة.
وبحسب السير النبوية، أرسل محمد صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس حاكم الإسكندرية حينها، حاطب بن أبي بلتعة، الذي كان معروفًا بحكمته وبلاغته وفصاحته، فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر، وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به وأخذ يستمع إلى كلمات "حاطب"، فقال له "يا هذا، إن لنا دينًا لن ندعه إلا لما هو خير منه".
واُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: "إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر" أخذ المقوقس كتاب النبي محمد بن عبد الله وختم عليه، وكتب إلى النبي: "بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك".
وكانت جاريتين من أصل عظيم حسبما ورد على لسان المقوقس لحامل رسالة الرسول هما: "مارية وأختها سيرين بنتي شمعون" التي تقبل الرسول الكريم مارية ، وأكد الرواة على أن مارية كانت بيضاء جميلة الطلعة، لدرجة أن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت "ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو دعجة- فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا".
علاقة الرسول بمارية
أجمعت أغلب كتب التراث على أن الرسول الكريم لم يتزوج مارية، وبالتالى فهي لم تدرج مع أمهات المؤمنين اللائي قدرن بنحو 11 زوجة، ويقول محمد بن سعد البغدادي، في مرجعه الطبقات الكبرى، فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصد مارية وأختها، فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا فوطئَ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعالية، وكانت حسنة الدِّين.
وقال ابن القيم أيضًا " قال أبو عبيدة : كان له أربع: مارية وهي أم ولده إبراهيم، وريحانة، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش".
مارية من أمهات المؤمنين
على الرغم من إجماع كتب التراث على أن السيدة ماريا كانت ملك يمين الرسول الكريم، الا أن أحداث وروايات أخرى كشفت كذب تلك المزاعم، منها أن السيدة مارية القبطية تعرضت إلى حادث إفك مشابه، لما تعرضت له السيدة عائشة وبرأها الله منها أيضًا.
فقد اتهمت السيدة مارية بالزنا في حياة الرسول مع خادمها المصرى "مأبور"، حيث اتهمه البعض بالدخول عليها، إلى أن برؤت منها، حيث اكتشف أن الخادم "مجبوب" أى ليس له ذكر.
وورد في صحيح مسلم، من حديث زهير بن حرب، قال حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت عن أنس: "أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، "مارية"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبي طالب، اذهب فاضرب عنقه، فأتاه علي فإذا هو فى ركى يتبرد فيها، فقال له "على" اخرج فناوله يده فأخرجه فإذا هو "مجبوب"، ليس له ذكر، فكف علي عنه ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله إنه لمجبوب ما له ذكر".
وأورد ابن عبد الحكم فى كتابه "فتوح مصر" طبعة الذخائر بسنده أن رسول الله دخل على مارية القبطية أم ولده إبراهيم، فوجد عندها نسيبًا لها قدم معها من مصر، وكان كثيرًا ما يدخل عليها فوقع في نفسه شىء، فرجع فلقيه "عمر بن الخطاب" فعرف ذلك في وجهه فسأله فأخبره، فأخذ عمر السيف ثم دخل على مارية وقريبها عندها، فأهوى إليه بالسيف فلما رأى ذلك كشف عن نفسه وكان مجبوبًا ليس بين رجليه شيء، فلما رآه عمر رجع إلى رسول الله فأخبره فقال: "إن جبرائيل أتانى فأخبرنى أن الله تعالى قد برأها وقريبها وأن فى بطنها غلاما منى وأنه أشبه الناس بى وأنه أمرنى أن أسميه إبراهيم وكنانى أبا إبراهيم".
تهنئة الأقباط عادة اجتماعية
بقى أن نسأل كيف كان يعامل الرسول الكريم مارية القبطية، التى تجمع الروايات على إسلامها – هل كان على الرسول الكريم يهنئها بأعياد الأقباط، الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتاوى الأسبق، يقول إن السيدة مارية القبطية أسلمت على يد الرسول الكريم ومن ثم فلم تكن هناك تهنئة، مشيرًا إلى أن ليس معنى ذلك أن الرسول الكريم لم يكن يبر أصحاب الديانات الأخرى ويتعامل معهم، مستندًا إلى واقعة قيام الرسول الكريم واقفًا عندما رأى جنازة فقال له بعض الصحابة. لماذا تقف إنها ليهودي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أليست نفساً؟!
وأضاف الأطرش لـ" صوت الأمة": أن تهنئة الأقباط عادة اجتماعية واجب تقديمها لاخواننا الذين يعيشون معانا على أرض واحدة، مستشهدًا بقولة تعالى "لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".