ما لم يخطر على البال.. في بلاد تركب الأفيال!

السبت، 06 يناير 2018 01:42 م
ما لم يخطر على البال.. في بلاد تركب الأفيال!
شيرين سيف الدين تكتب:

لا تعليق على سقوط منطاد بالسياح في مدينة الأقصر، فقد نُبِح الصوت دون جدوى ومن الواضح إن "مافيش فايدة".

أعتقد أن العاملين في مجال السياحة الذين يشكون ليلا ونهارا من تدهور الأحوال هم من الأسباب الرئيسية في تدهورها، فهل يعقل في جو بهذا السوء ورياح وأتربة أن تُكمِل الشركات السياحية المسئولة عن رحلة المنطاد الرحلة دون تأجيل لحين تحسن الأجواء لمجرد جني الأموال؟!

وقبلها إصرار الشركات السياحية على الرحلة النيلية بين الأقصر وأسوان رغم علمهم باحتمال شحوط المراكب، حتى أن إحدى السائحات حينها قالت إنها سترسل رسالة للرئيس السيسي شخصيا تشكو إليه المعاناة التي تعرضت لها! ولا أدري ماذا يفعل الرئيس وحده في بلد بحجم مصر ومشاكلها التي لا تنتهي؟! فقد أصبح كقائد الأوركسترا الذي يعزف منفردا أو بعدد قليل من العازفين، فكيف له أن يُسمِعنا المقطوعة الكاملة بالجمال المنشود دون مساعدة باقي الفرقة؟
نحن جميعا شعبا وحكومة إذا أردنا الصلاح لوطننا فعلينا أن نقوم بأدوار إيجابية في كل موقف، حتى وإن لم يكن ضمن المسؤولية المباشرة للشخص فمصلحة الوطن مسؤولية الجميع.

وهنا تحضر ذاكرتي تجربة شخصية حدثت في "بلاد تركب الأفيال"، فمنذ سنوات كنت في زيارة سياحية لماليزيا الساحرة، وحقا لم أجد من العاملين بالفندق والمطاعم وسائقي التاكسي وجميع طوائف الشعب الذين تعاملنا معهم إلا المساعدة، ومحاولة إيجاد سبل الراحة بأي وسيلة، فهم يعلمون أن السياحة هي مصدر رزق للجميع، وأن المصلحة العامة لا تنفصل عن الخاصة .

فعلى غير العادة عندما ترغب في حجز رحلة عن طريق الفندق تجد أن مسؤول الرحلات هناك يخبرك أن الرحلة عن طريق الفندق تكلفتها عالية نسبيا، في حين أنك تستطيع القيام بها بسهولة بنصف الثمن، ويترك لك حرية الاختيار، فالهدف هناك أن تستمتع برحلتك بأقل التكاليف كي تعود إليهم مرة أخرى، وتدعو غيرك لزيارة تلك البلد عند العودة لوطنك "وهو ما حدث بالفعل".

وفي نهاية الرحلة حدث موقف يدرِّس.. فقد كان حجز الرحلة من مصر لماليزيا عن طريق إحدى الشركات التي لديها فروع في مختلف المدن ومن ضمنها ماليزيا، وتضمن الحجز المواصلات من وإلى المطار في الدولتين، وكان موعد طائرة العودة الثامنة صباحا، ولا بد من التحرك من الفندق في حدود الخامسة، ولم يكن في بهو الفندق في هذا التوقيت سوى عامل واحد، وقد تأخرت السيارة التي سِتُقلنا في الوصول إلينا، وعندها تحدث عامل الفندق للشركة وأخبروه أن السيارة في الطريق، وشعر العامل بالقلق من ألا نلحق بالطائرة، فاتخذ قرارا فوريا دون العودة لأحد، ودون إهدار للوقت، وهو أن توصلنا إحدى سيارات الفندق للمطار مجانا، وأخبرنا بالحرف (إنكم ضيوفنا، وتلك الشركة تتبع بلادنا ونحن المسئولون عن مقاضاتها فيما بعد، فهي مشكلتنا وليست مشكلتكم، وما يهمنا ألا تشوب تجربتكم أي تعكير!)

ومن ثم بدأت رحلة السيارة وكان السائق يجري عدة محادثات تليفونية بلغته الماليزية طوال الطريق، وبشكل يثير الاستغراب في هذا الوقت من الصباح الباكر! وها قد وصلنا المطار في موعد لا بأس به ودخلنا في عجلة من أمرنا، وهنا كانت المفاجأة التي لم تخطر على البال

فقد وجدنا من يقترب منا ويخبرنا أنه أحد العاملين بالمطار، وأنه بانتظارنا حيث إن السائق على معرفة شخصية به، وقد تحدث إليه وأخبره بالموقف وضرورة مساعدتنا في تسهيل الإجراءات كي نلحق بالطائرة، ووصف له تفاصيل ملابسنا وملامحنا، وبالفعل تعرف علينا بسهولة وقام بالمهمة على أكمل وجه دون أي مقابل، وغادرنا بمنتهى السعادة الممزوجة بالتعجب من سلوك هؤلاء الأشخاص المحبين لوطنهم، والغيورين عليه وعلى سمعته !

والدرس المستفاد هو أن مجموعة من المواطنين استطاعوا أن يجعلوا ذكرى الزيارة رائعة رغم مرور السنوات، وحولوا المشكلة لعبرة ودرس في حب الوطن وتحمل مسؤولية الحفاظ على مصالحه.. كل من موقعه الصغير.. فهل نصبح يوما ما مثل هؤلاء؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق