الحالة في الصف وأطفيح (ج).. شائعة الجرس فجرت أزمة الكنيسة.. والرجال أسرى السلفيين والإخوان.. وسرقات مريبة لنوع نادر من الرخام
الخميس، 04 يناير 2018 02:00 م
عاصمة الأجداد يدمرها الأحفاد
الشعوذة والإرهاب يحكمان "أطفيح والصف".. و"الفصل الواحد" يفشل في مواجهة الجهل
البنت آخرها "3 أعدادي" وتتزوج.. والولد يعمل ياليومية "من صغره"
الستات يقضون يومهم على الترعة.. والرجال في قبضة السلفيين والإخوان
أسرار التزاوج بين الفكر التكفيري والجدل على أرض أطفيح
رغم أننا سبق أن زرنا قرى جنوب الجيزة، لكننا نذهب إليها هذه المرة، ونحن واثقون من عدم التشابه مع المرة السابقة؛ ويعود ذلك إلى كثرة ما تعانيه هذه المنطقة من أزمات ومشكلات، تجعلها أرضا خصبة للعديد من الزيارات، التي تلقي كل منها الضوء على قضية جديدة، تحتاج لجذب اهتمام الرأي العام، ولعل أبرز دليل على ذلك هو واقعة كنيسة الواصلين، التي تشبه في الشكل حادث كنيسة صول الذي وقع في المكان ذاته قبل 6 سنوات.
أطفيح والصف مدينتان من أهم مراكز محافظة الجيزة، وأكثرها عراقة تاريخية، وكانتا معروفتان في العصر الفرعوني.
سميت أطفيح "تب أي حوت"، وكانت عاصمة مهمة للأجداد، الذين لم يتصوروا أن يدمر أحفادهم كل ما تركوه لهم لينعموا به.
رحلتنا هذه المرة إلى مدينة "أطفيح"، ومعها الصف، لنكشف أبعاد الحياة هناك، ولماذا سقطت في قبضة الدجل والشعوذة، وباتت مرتعا للعناصر ذات الفكر المتطرف من السلفيين، والإخوان.
ونرصد في هذه الرحلة الجديدة، ضمن رحلات "صوت الأمة" في ربوع مصر، كيف يسيطر المرض، والجهل على حياة الأهالي الذين يطحنهم السعي وراء لقمة العيش، في ظل الضعف التام في الإمكانات، وفيما توفره لهم الدولة من خدمات، وبنى تحتية.
في أطفيح الكلمة العليا للدجالين، والمشعوذين، يليهم السلفيين والإخوان، فيما يتراجع دور التعليم، الذي يقتصر على الفصل الواحد؛ في ظل غياب القدرة المالية على تحمل تكاليف إلحاق الأبناء بالدراسة النظامية؛ حتى يتم الزج به للعمل ومساعدة والده أجيرا، بينما يتم تزويج الفتيات بمجرد أن تصل إلى الصف الثالث الإعدادي.
يضم مركز أطفيح 6 وحدات، و22 قرية تابعة، و39 عزبة ونجع، ويقع على الحدود الشرقية له
محافظتي البحر الأحمر والسويس، ويطل غربا على نهر النيل، أما شمالا فهو على حدود مدينة الصف، ويحده جنوبا محافظة بني سويف، وتبلغ مساحة أطفيح 2400 كم2، ويعيش على أرضه أكثر من 300 ألف نسمة.
خدمات بلا وجود
تضم محافظة الجيزة 22 إدارة صحية، و24 عيادة متنقلة، و235 وحدة ثابتة، ويوجد 36 منطقة عشوائية ومحرومة، و115 ناديا للمرأة، و13 مستشفى تأمين صحي، ولا يوجد مستشفيات جامعية.
وبلغ معدل التغطية الصحية الكلي في المركزين 45 % يستخدمون وسائل تنظيم الأسرة، بسبب أن مركزي الصف وأطفيح طاردين للأطباء.
وتعيش أطفيح عددا كبيرا من الأزمات المتفاقمة، التي أوقعتها في قبضة الجهل والفقر وصار الأهالي غير قادرين على مواجهة التحديات اليومية، مما أدى إلى سيطرة أنواع متطرفة من الأفكار على عقولهم، وبخاصة الشباب منهم، الذين فقدوا كل علاقة لهم بالطموح، أو تحقيق الذات، أو الحصول على فرصة لتحسين الأوضاع.
تعيش أطفيح بلا خدمات، أو بنية تحتية، في ظل غياب تام لشخصية الدولة، فالصرف الصحي، معدوم، وتلال القمامة تغطي كل شيء.
تلجأ السيدات في أطفيح لقضاء يومهن على ضفاف الترعة، لغياب المياه النظيفة، فيغسلن الملابس والمواعين، وأيضا يستحم بها الأطفال.
أما الرجال والشباب فإما عاطلون بلا عمل، أو يعملون باليومية في مصانع الطوب المنتشرة حول المنطقة.
وبين هذا وتلك، يتنشر الجهل بشكل مفجع فضعف القدرة الاقتصادية للأهالي، تدفعهم إلى إلحاق أبنائهم بتعليم الفصل الواحد، ثم إخراجهم للعمل، والمساعدة في الإنفاق.
وينطبق الأمر على الفتيات أيضا التي لا تتخطى أي منهن التعليم الإعدادي، لتسرع أسرتها بتزويجها، حتى تتخلص من عبء الإنفاق عليها.
قرى جنوب الجيزة هي الأقل حظا في كل شيء جيد، والأعلى أرقاما في كل ما هو مسبب للأزمات، لذا فإن ما تعترف به الأرقام الرسمية فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية في هذه القرى، يجيب عن السؤال مهم وهو: لماذا قرى جنوب الجيزة الأكثر خضوعا للجماعات الإرهابية؟
أزمة كنيسة الواصلين
القمص "يحنس" المتحدث الإعلامي لإيباراشية أطفيح وتوابعها، يروي تفاصيل أزمة قرية كفر الواصلين، مؤكدا أن الأمور تزداد تدهورا يوما بعد آخر، مشيرا إلى أن الأمر بدأ بشائعة مفادها أن أقباط القرية قرروا تعليق جرس وصليب أعلى منزله يستخدمونه لصلاتهم.
وأضاف لـ"صوت الأمة"، أن ما جرى يبثت خضوع البعض للفكر المتطرف، الذي يحمل الكثير من الحقد تجاه المسيحيين، لافتا إلى أن أعدادا كبيرة تجمعت بعد صلاة الجمعة، وحضرت
إلى الكنيسة، مطالين بهدم المكان، وكسروا كاميرات المراقبة والباب، ثم اقتحموا المكان وحطموا كل شيء.
ولفت إلى أن عددا من المسؤولين تواصلوا مع الكنيسة، لإيجاد حل للمشكلة، مطالبا بتطبيق القانون بحسم، حتى لا تتكرر هذه المشكلات مجددا.
ويطالب الخبراء الدولة بأن تتحمل مسؤوليتها تجاه حل هذه المشكلات جذريا، بتطبيق القانون على الجميع، وتقديم المخطئ للمحاكمة الناجزة.
تزاوج عجيب
رغم ما اعتدنا عليه، من حرب ضروس بين السلفيين والإخوان من جهة، وتلك الفئة التي ترتزق من الدجل والشعوذة، فإن أطفيح تعيش واقعا مختلفا، يشهد تزاوجا عجيبا بين الطرفين.
يعود هذا التزاوج، إلى أن الفريق الأول، الذي يعتنق الفكر المطترف، ويكفر ممارسي الدجل، رأى في الفريق الآخر، وسيلة لتغييب العقول، وربطها بخرافات، تمكن الإرهاب من التوغل إلى قلب وعقل البسطاء.
وبمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، رعى الإخوان والسلفيين الدجالين والمشعوذين في أطفيح، وصار بينهما عقد غير مكتوب، يستفيد فيه كل منهما من الآخر، فيما يسقط البسطاء ضحايا للطرفين.
وكان هذا الخليط العجيب، والتزاوج البشع بين طرفين يستولي كل منهما على جانب من عقل المجتمع في أطفيح؛ سببا في تأجيج الصراع الطائفي، والاعتداءات التي تحدث ضد الأقباط، والتي رغم أنها حوادث فردية، يتم تضخيمها حتى تمنح مبررا لمتآمري الخارج، لكي يتدخلوا في شؤون البلاد، وهو ما تلوح بوادره، من رد فعل الكونجرس الأمريكي، على حادث قرية الواصلين، الذي ربطه البعض بخلاف حول كنيسة للأقباط في القرية، وهو في الأساس خلاف اجتماعي أشعله تطرف السلفيين والإخوان، واحتضنه حتى تأجج نصب الدجالين والمشعوذين.
بداية التطرف
من أبرز الشكاوى التي اتفق عليها الأهالي في أطفيح، أن عددا كبيرا من المعلمين يعتنقون الفكر المتطرف، بشكل يمثل خطورة على النشء.
ويعود انتشار الفكر المتطرف في أطفيح إلى نهاية العقد الرابع من القرن الماضي، عندما تأسست شعبة الإخوان المسلمين، تحديدا في عام 1938، بحضور مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا.
ويرى الأهالي أن تكرار الخلافات الطائفية بينهم، رغم ما يسود العلاقات من محبة، وسلام، يعود إلى بعض مثيري الفتن، الذين اعتادوا استغلال الظروف الصعبة التي يعيشونها، بسبب غياب موارد الرزق، وأيضا انهيار وتراجع الخدمات، مع توغل الفكر المتطرف، وانتشار الجهل.
الشيخ المليحي
ويعتبر الشيخ حسني المليحي، كلمة السر في دخول وتوغل الفكر الإخواني للصف، وأطفيح، فهو ابن أسرة ثرية، وكان والده من أعيان الجيزة، ورغم ذلك استطاع الإخوان أن يستقطبوه، عن طريق الشيخ عبد الرازق هويدي، سكرتير محكمة الصف، الذي طلب منه أن بشاركه الحضور في حفل تقيمه جمعية الصف لتحفيظ القرآن الكريم، وهو الحفل الذي حضره مؤسس الإخوان، حسن البنا.
وحضر المليحي الحفل، وفوجئ بجمع غفير من المشاركين، يتقدمهم الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة، الذي استطاع أسره بالأسلوب الخطابي الذي كان يتحلى به، وطلب المليحي أن يحضر البنا لزيارة الرقة القبلية، في الصف فوافق مؤسس الإخوان، ليستضيفه في منزل العائلة، وتنشأ بينهما علاقة تستمر إلى نهاية العمر.
ويكشف المليحي المزيد من التفاصيل فيقول، إنه كان عضوا بمكتب إرشاد الجماعة عند تأسيسه لأول مرة، وبقي بها لخمسين عاما، يتنقل في المناصب داخل الهيكل التنظيمي لها.
ويقول المقربون من الشيخ حسني المليح، إنه قضى حياته في خدمة الإخوان، وتشر مبادئها على مدار نحو خمسين عاما، مما كان له أثر بالغ في انتشار فكر الجماعة في تلك المنطقة.
الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، يؤكد أن انتشار فكر الإخوان والسلفيين، في أطفيح والصف، هو السر وراء الأزمات الطائفية التي تقع في هذه المنطقة، في ظل تآزر هذا الفكر، مع عوامل اقتصادية، واجتماعية متراكمة، أخطرها الجهل والفقر.
وأوضح لـ"صوت الأمة"، أن الغطاء الشعبي الذي يمتلكه السلفيون في هذه المنطقة، يعتمد بشكل أساسي على تراجع معدلات الوعي، وعلى البيئة المتردية، التي تجعل الشباب يهربون إلى هذا الفكر، الذي يوفر لهم بيئة تحمل الأمل في تعويض شظف العيش بالجنة، وكذلك يمكنهم من الانتقام من المجتمع الذي يعتبرونه عدوهم.
ولفت إلى أن حادث كنيسة الواصلين يوضح أن مرتكبيه، من نوعية البسطاء الذين يتأثرون بالخطاب السلفي التحريضي، مشيرا إلى أن الأزمة الحقيقية في الحادث الأخير؛ هي أنه يؤكد عدم تمكن الدولة من إيجاد علاج ناجع لتلك الأزمات، منذ حادث أطفيح الأول الذي وقع في كنيسة صول.
وشدد فرغلي على ضرورة معاقبة مرتكبي هذه الجرائم، وتطبيق القانون بحزم على الجميع، والتوقف عن مواجهة هذه الأزمات، بالجلسات العرفية، والصلح الاجتماعي، مضيفا: "هذه الأمور مهمة لتصفية النفوس، لكن بعد معاقبة المخطئ، وفق القانون، الذي يجب أن يسود على الجميع.
الزوايا مفتاح السيطرة
أطفيح والصف، لا تختلفان عن غيرهما من قرى الجيزة، في أن السقوط في بئر الإرهاب، والفكر المتطرف، يبدأ من الزوايا، والجمعيات الشرعية، غير الخاضعة لسلطة الدولة.
وتضم المدينتان العشرات من الزوايا، التي يحكم أئمتها كل شيء تقريبا في حياة الناس، بحكم
الصف.. 25 قرية في قبضة التطرف
يضم مركز الصف 25 قرية تابعة، وتحيط بها مناطق الجبلية على شكل قوس، ويكثر بها الهاربون من تاريخ إجرامي متنوع، ما بين جنائيين، وتكفيريين، وتجار أسلحة، ومخدرات، وغيرهم.
ويقع مركز الصف جنوب حلوان بحوالي 30 كيلومترا، وهو ظهير اختفى في الكثير من عناصر خلية كتائب حلوان الإرهابية.
ويحد المركز من جهة الشمال مدينة التبين، ومن الجنوب مركز أطفيح، ومن الغرب نهر النيل ومن الشرق صحراء البحر الأحمر، ويضم آلاف من مصانع الطوب الطفلي، الذي يعد مصدرا رئيسا لتلويث البيئة في هذه المنطقة.
مافيش صحة
الحالة الصحية للأهالي أطفيح والصف متشابهة، حيث تنتشر بينهم الأمراض، وبخاصة الصدرية منها، والمتعلقة بالكبد، وهو ما يبدو واضحا في شحوب الوجوه، وعدم القدرة على بذل الجهد.
وتقول إم إبراهيم، إنها وزوجها يعانيان من أمراض مختلفة، ما بين الربو، وفيروس الكبد، موضحة أنها تعمل للإنفاق على 4 أبناء، خرجوا جميعا من التعليم لعدم وجود ما يكفي من النفقات.
بدورها كشفت حسنية علي، عن أنها لديها ابنتين، خرجت الأولى من التعليم في الصف الثالث الإعدادي لتتزوج، وتقول: "البنت عندنا لبيت زوجها، عشان كده مالوش لازمة تعليمها، هي بس تفك الخط، وبعدين تتجوز عشان تعرف تعيش".
وعند سؤالها عما تعرفه من مخاطر الزواج المبكر، أكدت حسنية أنها تعرف من التليفزيون، أن زواج الفتاة مبكرا يؤدي إلى أزمات، مضيفة: "لكن هنعمل إيه ما باليد حيلة، كلنا هنا كده عشان نقدر نصرف على عيالنا".
ويقول مجدي حسن من أهالي أطفيح إن المقيمين في أطفيح والصف، يعيشون في تدهور غير مسبوق في الخدمات، فلا يوجد سواء التعليمية، أو الصحية، أو الاجتماعية، وسط غياب تام للمسؤولين.
الشعوذة تجتاح العقول
ولفت إلى أن الجدل والشعوذة يعدان من أخطر ما يواجهه الأهالي في هذه المنطقة، نظرا لانتشارهما الشديد، وتمكن هذا الصنف من النصابية من عقول البسطاء.
وأوضح أن الكثير من الحوادث التي يتسبب فيها الجدالون، والمقتنعون بهم تقع يوميا في أطفيح والصف، مشيرا إلى أن الأعمال، والسحر، للتفريق، والإيذاء، من الأمور المعتادة في المنطقة، وهو ما يؤدي إلى اشتعال الخلافات بين العائلات، في ظل تبادل الشائعات حول ما تكيده كل عائلة للأخرى.
وقال: "شاهدنا الكثير من الجرائم، التي وصلت للقضاء، فهناك دجال استطاع استقطاب السيدات، وتصويرهن عرايا؛ بزعم علاجهن من الجن، وهي وقائع تحدث بالمئات كل عام.
ويروي وائل علي، تفاصيل أشهر جريمة وقعت بسبب الدجالين قائلا: "حضر إلى مقر عملي في نيابة الصف عامل بسيط يطلب مقابلة وكيل النيابة، وبعد السماح له بالدخول، قال إنه يريد أن يحرر محضرا في أخوين صورا زوجته في أوضاع مخلة بالآداب، أثناء علاجها من المس في بيتهما، وبعدها بقليل بدأ توافد عدد كبير من الرجال، لتحرير محاضر بالمضمون ذاته، لنفس الأشخاص"، ليتم القيض على المتهمين، ويتبين أنهما ينصبان على الأهالي، بزعم العلاج بالقرآن".
ولفت إلى أن الرغبة في تحقيق المكسب السريع، هو السر وراء، اللجوء إلى النصب عن طريق ممارسة الدجل والشعوذة، كاشفا عن أنه تم خلال الأيام الماضية، ضبط الكثير من ممارسي
قصة أخرى ترويها أوراق التحقيقات التي دارت أحداثها في الصف، خلال الأشهر الماضية، والتي يتولى الدجال الشهير "محمد" فيها معاونة المنقبين على البحث عن الآثار، مدعيا صلته بالجن، لكنه عندما فشل، تحول إلى ما يعرف بالعلاج بالقرآن، متخصصا في التعامل مع السيدات فقط.
وأوضحت التحقيقات إن المتهم استعان بشقيقه ويدعى رضا، وصديق لهما يدعى محمد، وكان يزور الضحية في منزلها، ويقرأ طلاسم معينة، قبل أن يقوم بتشغيل القرآن في هاتفه، ويطلب من الضحية سماع القرآن عبر سماعات الأذن.
وفي أثناء ذلك يقرأ بعض الطلاسم ويضع رسومات غريبة في أركان المنزل، ويكتبها في أحجبة، ثم يقرأ طلاسم أخرى على مياه بالملح، ويطلب من الضحية شربها والاستحمام منها، ثم يطالبها بوضع الأحجبة في البخور المشتعل والدوران حوله، عارية لمدة 15 دقيقة.
قرى العرب في الهم عراق
قرى العرب في الصف وأطفيح نماذج مجسدة لغياب جميع عناصر الحياة، وبخاصة قرى عرب الشرفا، وعرب أبوساعد، وغمازة الكبرى، والشوبك، والمنيا، والعطيات، وكلها ينطبق عليها المثل العربي القائل: "كلنا في الهم عراق"، حيث لا تختلف الأزمات كثيرا بين مكان وآخر.
وتعاني هذه القرى من انتشار أكثر من 350 مصنعا للطوب الطفلي التي تعمل بالمازوت، إضافة إلى مصنع حلوان للأسمدة، الذي تخرج منه غازات مدمرة للصحة.
سمير عبد الرحيم، من أبناء قرية عرب الشرفا، يقول: "الترعة التي تمر داخل قرانا مليئة بالصرف الصحي، والقمامة، والمياه الراكدة، إضافة إلى أن المنطقة بها آلاف المصابين بالأمراض الصدرية، والفشل الكلوي، والتشوهات، وتعاني السيدات من الإجهاض عشرات السيدات الحوامل".
ولفت إلى أنه يوجد محطة مياه تعمل، لا تكفي لإمداد القرى جيمعا باحتياجاتها من المياه، وهو ما يتم الشكوى منه منذ وقت طويل، بلا طائل، على حد وصفه.
وأشار إلى أن مركزي الصفن وأطفيح ينقصهما الكثير من الخدمات، مثل: المواصلات العامة أيضا، التي تجعلهم معزولين عن العالم، بسبب عدم توافرها.
التنقيب عن الآثار
تنتشر في الصف وأطفيح أعمال التنقيب عن الآثار، وسط قناعة من الأهالي، بأنهم يسبحون فوق بحير من القطع الأثرية.
ويحكي الأثري المصري وسيم السيسي، عن رجل من أهالي أطفيح أحضر له اسطوانة مدمجة تكشف عن منطقة من الرخام النادر غير الموجود سوى في العريش، لا تنفذ منه الرطوبة أو الحرارة، فضلا عن أنه قاتل للبكتيريا، طارد للحشرات، ربما بإشعاع الرادون.
وبحسب ما ورد في الاسطوانة المدمجة فإن أحد الأشخاص يقول إنه حفر بئرا من أعلى قمة الجبل، فوجد طبقة تصل لـ8 أمتار من رخام تريستا، وتحتها طبقة من بعمق 40 سم، من الرمال، وأسفلها طبقة من البازلت بعمق 80 سم، وتليها طبقة بعمق مترين من الحجر الأبيض النقى.
وقال وسيم السيسي، إنه عندما سأل هذا الشخص عن سر الحضور بهذه الأسطوانة إليه، أكد أنه يريد أن تضع الدولة يدها على هذه الكنوز الأثرية الضخمة، التي تتعرض للنهب بسهولة، ودون حساب يذكر.
جرائم متنوعة
ووسط هذا الخضم بقي أن نشير إلى أن أطفيح والصف، مثل مدن وقرى جنوب الجيزة الأخرى شهدت العديد من الجرائم الجنائية، مثل: السطو المسلح، والإرهابية مثل: الاعتداء على الأقسام، وتفخيخ الأكمنة الأمنية.
وتمثل الجرائم الجنائية التي تقع في جنوب الجيزة، أكثر من 80 % من إجمالي ما تسجله المحافظة، كاملة وبخاصة في الصف، وأطفيح، إلى جانب البدرشين، والعياط.
وشهدت الصف ضبط مخزن للمتفجرات، وأعلاما لتنظيم القاعدة داخل منزل بمنطقة زراعية، كما تم ضبط كميات من المتفجرات التي تستخدم في تصنيع القنابل، بالإضافة إلى أنها كانت مسرحا لمحاولة اغتيال رئيس مباحث الصف السابق.
وفي غضون هذه الأحداث أوقعت الأجهزة الأمنية بعدد هائل من العناصر الإرهابية، والخلايا النائمة، والنشطة المتورطة فى عدد كبير من الجرائم، أو التى كانت تعد لتنفيذ عدد كبير من الجرائم.