هل يشفع المسيح لـ«عم صلاح الموجي» أمام الله؟
الخميس، 04 يناير 2018 10:27 ص
(1)
بعد منتصف الليل، يترك شابٌ أصدقاءه متجهًا إلى منزله الذي يبعد شارعين وبضعة أمتار عن مكان وقوفهم، وبدلا من أن يتحرك تجاه المنزل في طريقه المعتاد حاول أن يتخذ «مختصرًا» حتى يصل البيت قبل أن تباغته عقارب الساعة على الواحدة صباحًا، خشية غضب والده.
شارعٌ لا يرى فيه سوى موضع خطوته القادمة، تزداد ظُلمته كلما انتقلت قدماه خطوة إضافية، يقف؛ ليشعل سيجارة تؤانسه، وقبل أن يضع «سماعات» هاتفه المحمول، سبق إلى أذنيه «صراخ» ليكتشف أنه أنثوي!، أنثى تستغيث لا تنطق ولا تكرر سوى كلمة واحدة «الحقوووني»، فترشد أذناه عينيه إلى مصدر الصوت.. صادر من هذه السيارة التي تركن في منتصف الشارع، بين صندوقين لجمع القمامة، لم يفكر في أي شيء، نسي والده، نسي سباقه مع العقارب! عقارب الساعة، همه الأكبر أن ينقذ الفتاة.
التقط «أحمد»، ذو الـ 27 عامًا، حجرًا من الأرض وذهب تجاه السيارة، ليجدها «تاكسي» وسائقها استغل سكوت الشارع وظُلمته ليغتصب فتاة، فيحكم قبضته على الحجر كمظلوم متمسك باسترجاع حقه، ويفتح باب السيارة ليلتف المغتصب فيجد الحجر ملاصقا لجبهته أعلى حاجبه الأيمن بسنتيمترات قليلة، ليسقط مغشيًا عليه.
(2)
أبلغ «أحمد» النجدة وعندما جاءت تمت عدة محاولات لإفاقة سائق التاكسي، وبعدها توجه الشاب والمجني عليها والسائق إلى أقرب قسم شرطة، في انتظار حضور ولي أمر الفتاة.
أقل من ساعة.. يأتي والدها، بعد الاتصال به، وبرفقته والدتها وأخيها الأكبر، ويقص عليه الضابط، نوباتجي القسم، ما حدث، لتبكي والدتها وتقول لزوجها «مش عاوزين فضايح.. محضر إيه اللي نعمله، البنت على وش جواز»، فيتمتم رب المنزل ويؤكد الأخ الأكبر رأي والدته «لو عملنا محضر محدش هيهوب ناحية البيت عشان يتجوزها».
توجه الوالد إلى الضابط، وقال له «إحنا هناخد بنتنا وتمشي يا باشا.. إن الله حليم ستار والحمدلله إنها جت على قد كدة»، لينظر الضابط لأحمد ثم لوالد البنت ويسأله «يعني مش هتعمل محضر؟»، فينظر إلى ابنته في حضن والدتها ثم يرد «لأ يا باشا.. أنت أكيد عندك ولايا وعارف».
انقلبت الرواية رأسًا على عقب، واختلف محل إعراب أطراف كل على حدة؛ أحمد أصبح الجاني، والسائق أصبح المجني عليه، والفتاة سقطت من محل الإعراب بكلمة نطقها والدها «لأ».
هل تعلم عزيزي القارئ أن من حق السائق أن يتهم الشاب بمحاولة سرقته بالإكراه والشروع في قتل؟.. هل تعلم أن أحمد نسي عقارب الساعة وغضب والده؟.. هل تعلم أن مستقبله على المحك؟ هل تعلم أنه لعن اللحظة التي جعلته يغير طريقه؟.. هل تعلم أن «أحمد» كان يقف على الناصية مع زملائه يتعاطون مخدر الحشيش في شكلها المألوف والمعتاد لجموع مريديه «سجائر ملفوفة»؟.. وضع في اعتبارك أن السائق قرر اتهامه بالفعل، فما مصير «أحمد» عندما تظهر نتيجة التحقيق، أنه حاول، تحت تأثير الحشيش المخدر، سرقة التاكسي، والشروع في قتل سائقه، قِس على ذلك ما يحملك إليه عقلك.
ولكن هل ستُمجد أهالي المنطقة «أحمد» أم ستنسى كل شيء وتزايد عليه بأنه «عيل بايظ بتاع حشيش».. عزيزي القارئ إذا كنت من أهالي منطقة هذا الشاب ما حُكمك عليه وما فعله؟ وهل تعتقد أنه إن رجع به الزمن مرة أخرى هل سيفعل ما فعله؟
(3)
تريد أن أساعدك في الإجابة.. ارجع بذاكرتك يومين أو أكثر لتتذكر عم «صلاح الموجي»، الرجل الذي لم يفكر في نفسه أو ابنه الوحيد على بنتين، وهاجم إرهابي حلوان وأمسك سلاحه وأفرغ خزنته وأسقطه مغشيًا عليه، في يوم أصبح بطلاً، واليوم التالي أصبح مُسجل خطر.
تجد أن البشر ذاتها الذين مجّدوه ورفعوه أعلى السماء السابعة، هم أنفسهم من خسفوا به سابع أرض كثُعبان أقرع، وكلٌ حسب معتقده.. إلا فئة قليلة أخطأت مرارًا وتكرارًا ولكنها مؤمنة بأن الله غفور رحيم، وأن الإنسان خليفة الله في الأرض فعليه أن يغفر ويسامح بغية رضا الخالق على المخلوق، وأن المبادئ لا تتجزأ.
هل تظن عزيزي القارئ أن الفئة الكبيرة لا تخطئ؟.. بل من كثرة أخطائهم وأنت تشاهدها أصبحت كمسلسل يتملل مشاهدونه لدرجة تجعل «الشخير» يتصاعد من حلوقهم حتى النوم، عبارة عن أشخاص مريضة تتساند على بعضها تطفلاً لا وحدةً، لا مبدأ لهم، لا كرامة لنبي بينهم، لا فضل لأحد على أحد إلا بكثرة مزايداته المزيفة.. يحاكمون ويحاسبون الفئة القليلة في محاولة لاكتساب ألوهية واهية لا وجود لها.. حتى أنهم يريدون أن يقطعون الطريق إلى الجنة على أكتاف أصحاب المبادئ والقيم.. يا الله لا تجعلنا منهم واجعلنا نتحمل العيش بينهم أو إقناعهم.
(4)
المدعو يونس مصطفى الموجي، أو كما اشتهر بـ«عم صلاح الموجي»، مواطن يحب بلده، يستحق التكريم، يستحق العيش حياة كريمة، يستحق ولو كان «مُسجل خطر» أن يُقدم له الشُكر على منع زيادة الشهداء شهيدًا أو إثنين أكثر.
أعتقد أن عم صلاح الموجي شخص محظوظ إن لم يكن في الدنيا، سيشفع له نبيان، عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم، فهو حقن دماء مؤمنين حقيقيين أوصاهم عيسى بطاعة الله وعدم الوقوع في الخطيئة، ونفذ وصية رسولنا الكريم بأن نستوصى خيرًا بأشقائنا المسيحيين.
أرجوكم، قبل أن تجعلوا عم صلاح الموجي يعود كما كان، قبل أن تجعلوه يكره الخير، يكره الوطن، يكره شقيقه المسيحي.. عليكم أولاً أن تحاكموا وتحاسبوا وتُقيموا أنفسكم، وبعدها ستجدون عم صلاح الموجي معكم في الصف، يتبع مِلّتِكُم لا أهواء أناس نفوسهم مُظلمة مكانها صندوقي القمامة اللذين استغلهما سائق التاكسي لاغتصاب الفتاة.
غفر الله لكم ولعم صلاح الموجي ولي.