كبسولة قانونية.. جريمة "السرقة بالإكراه" فى القانون المصري
الأحد، 31 ديسمبر 2017 12:00 م
يثير موضوع جرائم السرقة قضية في غاية الخطورة، لما تمثله من خروج على القانون والنظام العام، وتهديد الناس في أموالهم، الأمر الذي يجعلنا دائما نتساءل هل لهذه الجريمة درجات؟.. وهل لها عقوبات تقدرها المحكمة بحسب قيمة الشيء المسروق؟..، وغيرها من التساؤلات المثارة والمتجددة، وفي محاولة للإجابة على هذه التساؤلات فإنه يجب أولا أن نعرف من هو السارق؟ ، وهل لقيمة الشيء المسروق دخل في تقدير العقوبة أم لا؟.
السرقة بالإكراه من الجرائم التي تمثل خطورة كبيرة على المجتمعات، لما فيها من خروج على القانون والنظام العام، حيث تهديد المواطنين على أموالهم وعلى حياتهم أحياناَ، لأنها ليست سرقة الشئ خلسة، وإنما تكون باستخدام الأسلحة أو أي أداة حادة .
"صوت الأمة" ترصد في التقرير التالي ماهية السرقة بالإكراه في القانون المصري، من حيث النص القانوني وعلة التشديد، وتعريف الإكراه بصفة خاصة، وشروط التشديد، ووسائل الإكراه وأثاره .
النص القانوني وعلة التشديد
وفى هذا الصدد، يقول الخبير القانوني محمد فاروق، إن جناية السرقة بالإكراه تعتمد في المقام الأول على النص القانوني وعلة التشديد، حيث نصت على هذه الجناية المادة 314 من قانون العقوبات في قولها: "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من يرتكب سرقة بالإكراه، فإذا ترك الإكراه أثر جروح تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة"، مؤكداَ أن علة التشديد ترجع هنا إلى أن الجاني الذي يستعمل الإكراه لتنفيذ السرقة هو شخص على درجة كبيرة من الخطورة الإجرامية.
تعريف الإكراه
وأضاف "فاروق" في تصريح لـ"صوت الأمة"، أن بالنسبة لتعريف الإكراه فإن المشرع لم يُعرف الإكراه الذي يُعد ظرفا مشددا للسرقة، وقد عرفته محكمة القضاء أكثر من مرة بأنه "كل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلا للسرقة"، مشيراَ إلى أن الأصل في الإكراه أنه قد يكون ماديا وقد يكون معنويا، وقد نص المشرع صراحة على التسوية بين الإكراه والتهديد باستعمال السلاح في جريمة السطو .
وأشار الخبير القانوني، إلى أنه قد ثار التساؤل حول كفاية التهديد باستعمال السلاح كصورة من صور الإكراه المعنوي لتشديد عقوبة السرقة، وجعلها جناية في معنى المادة314 من قانون العقوبات، وقد ذهب الفقه السائد في مصر إلى أن المقصود بالإكراه في المادة 314 من قانون العقوبات هو الإكراه المادي فحسب واستند في ذلك إلى عدة حجج أهمها :
1-أن المادة 314 من قانون العقوبات فرقت في العقاب بين الإكراه، الذي يترك أثر جروح والإكراه الذي لا يترك مثل هذا الأثر، وهذا غير متصور إلا في الإكراه المادي.
2-أن المشرع قد نص صراحة على حالة التهديد باستعمال السلاح، حيث أراد أن يعتبر التهديد وهو صورة من صور الإكراه المعنوي كافيا لتشديد العقوبة، ومساويا للإكراه المادي في الحكم.
3-أن الإكراه المنصوص عليه في المادة 314 لو كان متضمنا للإكراه المادي أو المعنوي، لما كان المشرع بحاجة إلى النص على التهديد في المادتين (326،325) .
موقف القضاء من الإكراه
أما عن موقف القضاء، أجاب "فاروق": قد ذهب قضاء محكمة النقض المصرية إلى التسوية بين الإكراه المادي والتهديد باستعمال السلاح في جناية السرقة بالإكراه، والواقع أنه إذا كان ما ذهبت إليه محكمة النقض يخالف صريح النصوص إلا أنه أكثر ملائمة للاعتبارات العملية، ولا سبيل لتدارك هذا التعارض إلا بتدخل المشرع بالنص صراحة على التهديد باستعمال السلاح.
شروط التشديد
وعن شروط التشديد، قال "فاروق" هناك عدة شروط للتشديد كالتالي :
1-أن يكون موجها إلى إنسان : فيجب لتحقق الإكراه أن يكون موجها إلى إنسان بصرف النظر عن شخص هذا الإنسان أو شخصيته، فقد يكون هو المجني عليه نفسه وقد يكون شخصا آخر تطوع لمنع اللصوص من ارتكاب السرقة .
2-أن يكون بقصد السرقة : يلزم أن يلتجأ الجاني إلى الإكراه كوسيلة لارتكاب السرقة، أي أنه يكون الغرض من الإكراه الحصول على الشيء المسروق أو الاحتفاظ به أو الفرار به، فالإكراه الذي ترتكب به السرقة هو الذي يرتبط بها بوحدة الغرض، فإن انتفى هذا الارتباط فلا يتوافر ظرف الإكراه.. فإذا اعتدى شخص على آخر بالضرب فوقع الأخير على الأرض مغشيا عليه، ثم طرأت للجاني فكرة السرقة فأخذ ما بجيوب المجني عليه من نقود فإنه لا يعد سارقا بالإكراه بل مرتكبا لجريمتي ضرب وسرقة في الحالتين الأولى والثانية، مؤكداَ أن الإكراه يُعتبر ظرفا مشددا إذا حصل بقصد الاستعانة به على ارتكاب السرقة أو الاحتفاظ بالشيء المسروق أو النجاة بالشيء المسروق عبر وقوع الجريمة، أما إذا حصل بقصد فرار السارق أو النجاة بنفسه بعد ترك الشيء المسروق فلا يعتبر ظرفا مشددا بل يعتبر جريمة قائمة بذاتها يعاقب عليها بما يقضى به القانون.
3-أن يكون معاصرا للسرقة: أن الإكراه المعاصر لارتكاب السرقة هو وحده المعتبر قانونا في جناية السرقة بالإكراه، ويقصد به كل ما يبذل من عنف والجريمة في مرحلة الشروع أما ما يقع بعد تمامها فيعد أكراها لا حقا لا يعتد به قانونا فى قيام السرقة بالإكراه، ويتحدد الشروع في السرقة بالفترة السابقة على الاستيلاء على الشيء المسروق استيلاء تام يخرجه من حيازة صاحبه ويجعله في قبضة الجاني وتحت سيطرته. فكل عنف يحصل من الجاني قبل تمام سيطرته الفعلية على الشيء الذي يريد سرقته يعتبر إكراها واقعا لارتكاب السرقة.
وعن وسائل الإكراه، أجاب "فاروق" لم يشترط المشرع أن يبلغ الإكراه درجة معينة من الجسامة فأي درجة تكفي لتوافر الظرف المشدد، كما لا يتطلب المشرع في الإكراه أن يقع بوسيلة معينة فقد يستخدم الجاني أعضاء جسمه كالقبض على عنق المجني عليه وانتزاع حقيبته عنوة أو صفع المجني عليه ولي ذراعه حتى تشل مقاومته، وقد يكون الإكراه باستخدام أداة أو الاستعانة بوسيلة مادية كطعن المجني عليه بسكين، وذر الرمال في عينيه، أو دفع الجاني المجني عليه بدراجته وانتزاع حافظة نقوده، وقد يتحقق الإكراه عن طريق إفقاد المجني عليه شعوره واختياره بإعطائه مادة مخدرة تعطل مقاومته .
آثار الإكراه
وعن أثار الإكراه، قال "فاروق"، يعاقب المشرع على السرقة بالإكراه بالأشغال الشاقة المؤقتة، فإذا ترك الإكراه أثر جروح تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، موضحاَ أن الإكراه في السرقة ظرف عيني متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة، ولذلك فهو يسرى على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به، ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الباقين .