مشروع إيران "المجنون"
الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017 02:38 م
صبرى الديب
لا يستطيع أحد أن ينكر أن "إيران" دولة ذات تاريخ وحضارة، وتمثل واحدة من القوى الإقليمية الهامة، وأنها استطاعت خلال السنوات الماضية أن تحقق قفزات مبهرة على الصعيد الأقتصادى والعسكرى، وأن مجرد وجود علاقات سوية لها مع العرب خاصة "مصر والسعودية" سوف يحدث انقلابًا اقتصادية وعسكريًا فى موازين القوى ـ ليس فى المنطقة فحسب ـ ولكن فى العالم أجمع، ولكن هل هذا من الممكن أن يتحقق؟.. أؤكد أن الإجابة "لا" طالما استمرت إيران في تدخلاتها المباشر وغير المباشر في شئون العديد من الدول العربية، والسعى لفرض مشروعها لنشر "التشيع" وتعزيز نفوذها فى كل دول المنطقة.
فعلى الرغم من إعلان النظام الإيرانى الدائم، عن رغبته فى إقامة علاقات طبيعية مع العرب، إلا أن واقع تحركات نظام طهران على الأرض، تؤكد عكس ذلك تمامًا، وتعكس رغبه حقيقية فى تحقيق سيطرة وهيمنه مذهبية "شيعية" على أغلب دول المنطقة، وهو ما يثير تحفظات كل الدول العربية، ويؤكد استحالة وجود علاقات طبيعية مع طهران على المدى القريب.
فكيف لـ "مصر" أن توافق على إقامة علاقات طبيعية مع نظام طهران، وهى تعلم يقينًا برغبة إيران فى نشر المذهب الشيعى فى مصر، ودعمها بشكل مباشر للعشرات من معتنقيه فى البلاد، وإصرارها على استمرار وضع إسم "خالد الإسلامبولى" قاتل الرئيس الراحل "أنور السادات" على أكبر شوارع العاصمة طهران، وهو ما جعل القاهرة ترفض كل المساعى والإغراءت الإيرانية بمد مصر بمليارات الدولارات فى صورة استثمارات، إلى جانب كميات هائلة من الغاز والبترول، وإرسال ملايين السياح الإيرانيين إلى مصر سنويا لزيارة مراقد "آل البيت".
وكيف لدولة مثل "السعودية" أن تمد يدها إلى نظام طهران، بعد أن ظل طوال السنوات الماضية ومازال، يغزى نظام الحوثى فى اليمن، إلى نحج فى الاستيلاء على الحكم وتدمير الدولة، وبدأ فى تهديد الأمن القومى السعودى، وأجبر النظام فى المملكة على الدخول فى حرب، انفق فيها ومازال ينفق عشرات المليارات من الدولارات يوميًا، من أجل إبعاد الخطر الشيعى "الحوثى" عن أراضية، إلى جانب ما تقدمة طهران من دعم للشيعة فى العديد من مناطق المملكة، خاصة فى منطقتى "القطيف والإحساء" وما تسببه من احتقان طائفى هناك.
وكيف لدولة مثل "البحرين" أن تقيم علاقات سوية مع إيران، وهى تعانى الأمرين من التدخل المباشر لطهران فى شئونها الداخلية، ودعمها الغير محدود للشيعة هناك، وإثارتها الدائمة للقلاقل فى البلاد، وهو ما ينسحب على "لبنان" التى أعلن رئيس وزرائها منذ شهرين استقالته من منصبة، خوفًا على حياتة من تمدد النفوذ الإيرانى فى بلادة، متمثلا فى "حزب الله".
فى الوقت الذى يؤكد فيه الواقع على الأرض، أنه أصبح لـ "إيران" اليد الطولى، بل والمحرك الأول فى كل الاحداث غير الطبيعية فى "سوريا، والعراق، واليمن، والبحرين"وهو ما يثير حفيظة كل العرب.
ناهيك عن استمرار احتلال طهران للجزر "الإماراتية" الثلاث "طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى" والتى استولت عليها إيران عام 1971 بموجب اتفاق مع البريطانيين قبل انسحابهم من المنطقة، وهو ما مكن طهران من التحكم فى الممر المائى بالخليج العربى بالكامل، فى ظل رفض كامل لمناقشة القضية أو احالتها إلى محكمة العدل الدولية.
المنطق يؤكد أنه لو تخلت "إيران" عن مشروعها "المجنون" لنشر "التشيع" فى الدول العربية، ومدت يدها إلى العرب، لتشكل محور اقتصادى وعسكري، قد يغير موازين القوى اقتصاديا وعسكريا فى المنطقة والعالم، إلا أن الواقع يؤكد أيضا، أن "طهران" لن تغيير من سياساتها، وستسعى لتغذية الصراعات الطائفية فى كل الدول العربية، دعمًا لمشروعها "الطائفى" الذى أحرق دول مثل "العراق واليمن" وقد يمتد لدول عربية أخرى.
