2017.. عام إعادة التوازن للاقتصاد المصري وليس الانتعاش

الأربعاء، 27 ديسمبر 2017 07:00 ص
2017.. عام إعادة التوازن للاقتصاد المصري وليس الانتعاش
دولار
أسماء أمين (نقلا عن العدد الورقى)

كان 2017، هو عام إعادة توازن الاقتصاد المصرى، وليس عام الانتعاش، وكان التحدى الحقيقى، يتمثل فى الحفاظ على نتائج تلك الإصلاحات والاستمرار فى تنفيذها، وأدت التطورات الأخيرة، مثل تعويم الجنيه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، بجانب السياسات الهيكلية والإصلاحات المالية،  إلى استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال العام الجارى عند 17.7 جنيه للدولار.

وكان جوهر المرحلة الأولى من عملية الإصلاح الاقتصادى، هو تحرير سعر الصرف، وأخذت معدلات النمو لعام 2018، منحنى تصاعديا، مع توقعات بزيادة احتياطى النقد الأجنبى بدعم من تدفقات النقد الأجنبى للبلاد، والتى كانت أعلى من المتوقع.
 
وسجل سعر الدولار فى مصر فى بداية يناير 2017، أعلى سعر للشراء عند 18.75 جنيه للشراء، و19.30للبيع، ونتيجة للإصلاحات الاقتصادية وتعويم الجنيه، وزيادة التدفقات النقدية، تراجع سعر الدولار فى نهاية ديسمبر عند 17.69 جنيه للشراء، و17.79 جنيه للبيع.
 
وتوقع تقرير لوكالة «فيتش» للتصنيف الإئتمانى، أن ترتفع قيمة الجنيه المصرى بدءا من العام المالى 2018، ليصل سعر صرف الدولار إلى 14.5 جنيه، فى مقابل نحو 16 جنيها ترجحه بنهاية يونيو 2017.
 
وقالت الوكالة، إن الأثر المزدوج من زيادة الإقتراض الخارجى بالتزامن مع الهبوط الكبير فى قيمة الجنيه المصرى، ستقفز بمعدلات الدين لذروتها خلال العام المالى الحالى 2016/2017، لتدور حول مستوى 99 % من الناتج المحلى الإجمالى، وذلك بافتراض تسجيل سعر صرف 16 جنيها أمام الدولار بنهاية يونيو 2017.
 
ورجحت «فيتش» أن تنخفض نسبة الدين إلى 93 % من الناتج المحلى الإجمالى العام المالى المقبل 2018، مع تراجع عجز الموازنة وارتفاع قيمة العملة المحلية، ليسجل الدولار 14.5 جنيه.
 
وتابعت أن مستوى الديون المضمونة والالتزامات المحتملة غير واضحة حاليا، مع إشارتها إلى أن قسم إدارة المالية العامة، الذى تم تأسيسه أخيرا، سيبدأ فى نشرها بدءا من أوائل عام 2017.
 
وأشارت إلى أنه رغم نمو الإيرادات الضريبية القوية المتوقعة، مع تطبيق قانون الخدمة المدنية، الذى سيكبح نمو أجور القطاع العام، فإن تزايد فاتورة الدعم بسبب أثر خفض قيمة الجنيه على تكلفة استيراد الوقود، سيفوق وفورات الدعم، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة المصاحب لقرار تعويم الجنيه، سيرفع تكلفة خدمة فوائد الدين المحلى.

ومن أسباب المشكلة ارتفاع سعر الدولار
مصر تعانى من فجوة كبيرة بين النفقات والإيرادات الدولارية نتيجة لزيادة الطلب على الدولار بشكل كبير فى ظل نقص المعروض منه، الأمر الذى أدى إلى استمرار ارتفاع أسعار الدولار فى مصر خلال الفترة السابقة، وزاد من المشكلة حدوث ارتفاع غير مسبوق فى الطلب على الدولار منذ اندلاع ثورة يناير 2011 من جميع فئات الشعب وحتى المواطنين العاديين فى ظل تراجع جميع مصادر البلاد من العملة الصعبة، التى يمكن اختصار أهمها فى: 
الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
رسوم عبور قناة السويس.
إيرادات قطاع السياحة.
إيرادات الصادرات.
المنح والمساعدات والودائع من الدول الأخرى.
 
هذا كله فى ظل التزامات الدولة، التى تزيد سنويا بسبب زيادة المستورد من السلع الاستراتيجية والأساسية، والتزامات الدولة من أقساط وفوائد الديون الخارجية، ما زاد من الفجوة بين العرض والطلب على الدولار، فأدى لحدوث هذه الارتفاعات الكبيرة فى أسعار الدولار، ومن ثم أسعار جميع السلع والمنتجات والخدمات، وكل هذا فى ظل تعامل المواطنين والمستثمرين مع السوق السوداء، التى توفر أى كمية مطلوبة من الدولارات، وتستطيع الشراء بسعر منافس، ما يجعل البنوك فارغة باستمرار من الدولار، وفى حاجة للمزيد، ما يزيد من أعباء الدولة.

توقعات أسعار الدولار فى مصر لعام 2017: 
من المتوقع أن يتم تقسيم مستقبل أسعار الدولار فى مصر عام 2017 إلى مرحلتين، المرحلة الأولى من بداية العام، وحتى شهر سبتمبر، والمرحلة الثانية من بداية شهر أكتوبر، وحتى ديسمبر نهاية العام.

تطور سعر الدولار من شهر يناير وحتى سبتمبر 2017
هذه المرحلة شهدت ارتفاعا مستمرا فى أسعار الدولار نتيجة استحقاق الكثير من المديونيات الخارجية على مصر، التى تتضمن 1 مليار دولار لتركيا، وسداد أقساط ديون نادى باريس، والبالغ قيمتها 3.5 مليار دولار، وسداد التزامات شركات البترول الأجنبية، التى تقدر بمبلغ 3.6 مليار دولار تقريبا.
وجود عجز كبير فى الكثير من السلع الأساسية والأدوية، التى تتطلب سرعة استيرادها بكميات كبيرة.
 
انتهاء فترة وقف الاستيراد وعودة عمليات الاستيراد إلى مستوياتها الطبيعية فى ظل تعطش السوق للعديد من المنتجات.
 
ضعف الاستثمارات الأجنبية، وتدنى عائدات الصادرات، والسياحة وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، لأسباب تم توضيحها مسبقا ولا مجال لذكرها الآن.
 
عدم وجود اعتمادات دولارية من البنوك تغطى احتياجات المستوردين الذين يلجأون بالنهاية للسوق السوداء.
 
عدم كفاية إنتاج مصر من الغاز الطبيعى والبترول، وبالتالى تستورد البلاد لتغطية الفجوة وسد احتياجاتها، الأمر الذى يترتب عليه الكثير من المديونيات لشركات البترول الأجنبية، وذلك فى ظل ارتفاع متوسط سعر برميل النفط ليبلغ 55 دولارا فى العام 2017 فى ظل خفض الدول الأعضاء فى منظمة الأوبك لإنتاجها بعد أن كان يسجل 42 دولارا فقط فى عام 2016، وهو ما سيزيد من أعباء البلاد.
 
وأدى ارتفاع أسعار الطاقة أيضا إلى زيادة أسعار السلع والمنتجات بشكل عالمى، وبالتالى زيادة فاتورة المستورد، ومن ثم زيادة مضاعفة فى الأسعار فى مصر بسب تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.

ومن شهر أكتوبر وحتى ديسمبر 2017
خلال المرحلة الثانية من العام الجارى، شهدت استقرارا، ثم تراجع أسعار الدولار أمام الجنيه المصرى، حيث أن حقل الغاز، الذى تم اكتشافه فى البحر المتوسط، بدأ بالإنتاج خلال شهر ديسمبر، وهو الحقل الأكبر الذى تم اكتشافه فى البحر المتوسط، الذى يتوقع أن يلبى جميع احتياجات مصر من الغاز لعقود مقبلة، ويوفر على البلاد فاتورة استيراد كبيرة منذ شهر أكتوبر 2017، وبالتالى تقليل الطلب على الدولار.
 
أيضا بعد أن تتراجع أسعار الدولار، سيقوم الكثير من المواطنين، وغير الخبراء والدارسين والمتابعين بالتخوف من اكتناز الدولار، وسيقوم ذلك على الأرجح بزيادة العرض بشكل كبير فى ظل تراجع الطلب نتيجة للتخوف مؤديا إلى تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق