جسر الملك سلمان والعلاقات السعودية المصرية
الإثنين، 25 ديسمبر 2017 08:00 م
تمثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أعمدة مهمة في العالمين العربي والإسلامي ولا نبالغ إذا قلنا انهما عامل أساسي للاستقرار في منطقة الشرق الوسط بما يمثلانه من رؤية متوازنة وحكمة تعتمد على نبذ التطرف ومكافحة الإرهاب، ولذلك فإن هناك عدة عوامل مشتركة بين البلدين خلاف اللغة والثقافة مثل اتفاق وجهات النظر في العديد من القضايا الدولية والعمل بروح الفريق الواحد والإحساس بالمخاطر المشتركة جعلت من الدولتين أقرب للكيان الواحد ، ومن يقرأ التاريخ جيداً يعلم مدى الروابط التي تجمع السعودية ومصر وربما تأتي زيارة الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية السعودية للملك فاروق في القاهرة عام 1946م كأول زيارة رسمية بين البلدين في التاريخ الحديث ولتضع أولى اللبنات لهذه العلاقة الراسخة وأوردت الصحافة المصرية في ذلك الوقت أن الشعب المصري حيا عاهل الجزيرة والقطب العربي الكبير، وأن مصر تسجل في تاريخها الحديث هذه الزيارة الكريمة بصفتها أسعد حدث من أحداثها المهمة، وتعتز بضيفها العظيم، وكتب عبدالرحمن عزام باشا في مجلة المصور أن مصر حين تستقبل الملك عبدالعزيز إنما تستقبل رجلاً تمر الحقب ولا يرى الناس مثله.
تتجدد هذه العلاقة رسوخاً وقوة مع الوقت وبغض النظر عن الفترات التي شهدت تراجعاً فإنها ما تلبث أن تعود كسابق عهدها ، وفي هذا الوقت تشهد العلاقات نقلة مهمة على كافة الأصعدة لا تكفي مقالة أو كتاب للحديث عنها ولكنني سأتحدث عن جزئية منها وهي جسر الملك سلمان كدليل عملي على عمق الترابط الذي يجمع البلدين ،هذا الجسر الذي تم الحديث عنه عام 1988م ومازال في الأدراج حتى أبريل 2016عندما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اتفاقه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على بناء الجسر الذي يربط بين البلدين عبر البحر الأحمر ،وسيكون الأول الذي يربط بين طرفي العالم العربي في كل من آسيا وإفريقيا من المتوقع أن يوفر أياما كانت تستغرقها البضائع الخليجية لتصل إلى مصر وأوروبا وبالعكس، وسينعش حركة السياحة، ويرفع التبادل التجاري بين البلدين وكذلك بين القارتين لمستويات غير مسبوقة تصل إلى 200 مليار دولار.
في رأيي أن هذا الجسر سيسهل أيضاً حركة الانتقال بين البلدين والقارتين بشكل كبير وسيساعد على مرور أكثر حرية وأقل تكلفة بالنسبة للحجاج والمعتمرين وسيساعد على التقاء أكبر بين الشعبين في الكثير من العادات والتقاليد ولنا في جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين أكبر دليل الذي ساهم في خلق تمازج مهم بين.
الدولتان والشعبين مع مرور الوقت وأصبح نقطة مرور للكثير من راغبي زيارة مملكة البحرين خلاف تأثيراته المهمة على قطاع التجارة والأعمال والسياحة.
العلاقات بين الدول تزداد رسوخاً وقوة إذا كانت هناك مصالح تجارية مشتركة ولا يمكننا أن نغفل هذا الجانب وفي المقابل لا يمكن ان تأتي العلاقات التجارية إلا مع الإحساس بوحدة المصير المشترك والاتفاق على الكثير من القضايا المصيرية ولذلك جاء جسر الملك سلمان ليعطيها دفعة مهمة ونقلة كبيرة في كافة المجالات لتزداد رسوخاً وثباتاً.