طالما اكتوت أمريكا بنار الإرهاب، ذاقت السم الذي طبخته في منطقة الشرق الأوسط، واشنطن التي رفضت في وقت سابق إدارج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، خرجت منها الآن أصوات تنادي أن "أغيثونا من الجماعات الإرهابية".
إحدى أكبر المنظمات الأمريكية "كلاريون بروجيكت" طالبت، اليوم الاثنين، بتصنيف حركتى حسم ولواء الثورة التابعتين لجماعة الإخوان كجماعات إرهابية أجنبية.
وقالت المنظمة عن العريضة الإلكترونية التى أطلقتها بهذا الشأن "نطلق العريضة لإبلاغ الرئيس دونالد ترامب، إنه لا مكان للإخوان المسلمين وأيديولوجيتهم فى الولايات المتحدة".
وأشارت إلى إعلان بريطانيا تصنيف الحركتين الإخوانيتين كمنظمات إرهابية، ونقلت تعليقات السفير البريطانى فى القاهرة، جون كاسن، عبر إعلان لندن قرارها فى 22 ديسمبر الجارى،بأن حسم ولواء الثورة يصنفا كمنظمات إرهابية، لافتة إلى أن حسم تمثل الجناح المسلح للإخوان.
وأكدت المنظمة أن جماعة الإخوان تنفذ معظم هجماتها الإرهابية فى مصر، وتضيف أن هناك شعور متنامى بين المحللين بأن عناصر داخل الجماعة يدفعون بأجندة عنف عالمى بشكل متزايد.
وفي مارس من 2017 أرجأ الرئيس ترامب قرارا تنفيذيا يصنف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية وفقا لتصريحات مسؤولين في إدارته، بينما رفض البيت الأبيض وقتها التعليق على الأمر.
وقال مسؤولون إن الإدارة الأمريكية تراجعت عن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية بعد مذكرة قدمتها وزارة الخارجية، تؤكد فيها أن القرار سيكون له نتائج سلبية على علاقة واشنطن بالشرق الأوسط.
وبحسب المسؤولين فإن المذكرة أشارت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لا يجوز اعتبارها جماعة الإرهابية، لأنه في الوقت الذي تجمعها علاقة متينة مع حركة حماس الفلسطينية علاقة، إلا أنها لها أنشطة سياسية مشروعة.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، قد أشارت إلى أن ترامب منذ توليه الرئاسي يمضي نحو تصنيف الإخوان جماعة إرهابية، وفي الوقت ذاته يحاول المؤيدون والمعارضون للقرار تفسير موقفهم بالحجج والتفسيرات المنطقية.
وأوضحت الصحيفة أن المؤيدين لفكرة تصنيف الإخوان جماعة إرهابية، هو أنها ساعدت على احتضان الأيديولوجيات الإرهابية، وشجعت على استخدام العنف. علاوة على أن العديد من حلفاء أمريكا صنّفوا الجماعة كتنظيم إرهابي، من بينهم مصر، والإمارات، والسعودية.
أما المعارضون فيرون أن تصنيف واشنطن للجماعة كتنظيم إرهابي سيتسبب في إحداث أضرار أكثر من الفوائد، وأشاروا إلى أن ذلك بإمكانه منح داعش
المزيد من القوة، لأن المتعاطفين مع التنظيم سيذهبون للقتال في صفوفه.
كما يرى المعارضون للتصنيف أيضا، أن قرار كذلك من شأنه تقويض العلاقات الأمريكية بالدول الداعمة للإخوان، مثل المغرب، وتونس.
الإخوان في أمريكا
بيتر سكيرى كشف في تحقيق بمجلة الشئون الخارجية، أنه رغم عدم وجود إدارة مركزية لجماعة الإخوان، «منذ الخمسينيات والستينيات، عندما بدأ المسلمون يتوافدون كطلاب لجامعات الولايات المتحدة، فإن الإخوان فرادى وجماعة الإخوان نفسها مثلوا عنصرا حاسما فى إنشاء المؤسسات الإسلامية والمنظمات المختلفة فى أمريكا.
وهذه تشمل تقريبا جميع الكيانات الرئيسية التى تمثل المسلمين فى السياسة الأمريكية المعاصرة؛ أمثال: المجتمع الإسلامى فى أمريكا الشمالية (إسنا)، رابطة الطلاب المسلمين (MSA)، ومجلس الشئون العامة الإسلامية (MPAC)، (الجمعية الأمريكية المسلمة ماس)، ومجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (كير)».
ويستشهد بموقع المجتمع الأمريكى المسلم (ماس) الذى يعترف بأن «العديد من منظمات المهاجرة التى أنشئت فى وقت مبكر يرجح أن بعض مؤسسيها السابقين كانت لهم علاقة أو حتى كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين.
فى يناير 2012، أدين عبدالرحمن العمودي، عضو معترف به فى جماعة الإخوان من قبل الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب فى عام 2004، وقال إن «الجميع يعرف أن ماس هى جماعة الإخوان». ردد بيان 2008 له نفس الأثر والغرض على لسان الدكتور ممدوح محمد، مستشار للتربية فى الجامعة الأمريكية المفتوحة.
فى عام 2011 بعد وفاة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، علقت جماعة الإخوان واصفة إياه بأنه «شخص حالم كان يؤمن بإمكانية إقامة دولة إسلامية فى أفغانستان، واحتمالية أن هذا الحلم سوف يتحقق يومًا ما» على الرغم من أنهم أدانوا اعتداءات ١١/٩ فى بيان، ولكنها فى وقت لاحق تراجعت عن تصريحاتها الصحفية.
تمويل الإرهاب
الشخصيات المرتبطة بجماعة الإخوان فى الولايات المتحدة كانوا على صلات مباشرة بتمويل الإرهاب. ففى عام 2008، أغلقت مؤسسة الأرض المقدسة (حلف) لتحويل المال لحركة حماس الفلسطينية المرتبطة بالإخوان.
وكانت هذه المحاكمة هى الأكبر فى تمويل الإرهاب فى تاريخ أمريكا. خمسة من كبار المسئولين التنفيذيين من «مؤسسة الأرض المقدسة»، فى ذلك الوقت أكبر منظمة خيرية إسلامية فى الولايات المتحدة، أدينوا بتهمة تحويل ملايين الدولارات إلى حركة حماس. محاكمة سابقة عام 2007 أعُلن فيها بطلان الدعوى، وأيدت محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة فى عام 2011.
وتم إدراج عدد من الأفراد والمنظمات الأخرى، بما فى ذلك مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، كمتآمرين، غير مدانين، فى محاكمة «مؤسسة الأرض المقدسة». وقد انبثقت كير عن «الرابطة الإسلامية» لفلسطين، وهى مجموعة أسسها عضو فى حركة حماس كوسيلة لدعم الحركة فى الولايات المتحدة. وقد أيد الحكم القاضي، على الرغم من رفع الاستئناف القانونى بواسطة كير من أجل إزالته، وذلك بسبب وجود أدلة أكثر كافية تؤكد علاقة حماس بمؤسسة كير.
وفى نفس السياق، حظرت الإمارات العربية المتحدة كلًا من مؤسستى كير وماس جنبا إلى جنب مع ما يقرب من 80 منظمة أخرى، بما فى ذلك جماعة الإخوان نفسها.
وقدمت عددا كبيرا من الوثائق كدليل فى المحاكمة، بما فى ذلك وثيقة رسمية من اجتماع عام 1991 يبرز أهداف جماعة الإخوان الاستراتيجية لأمريكا الشمالية.
ووفقا لهذه المذكرة التفسيرية، هذه الأهداف تشمل «إنشاء حركة إسلامية مستقرة وفعالة، يقودها الإخوان تتبنى قضايا المسلمين محليًا وعالميًا، والتى تعمل على توسيع القاعدة الإسلامية، بهدف توحيد وتوجيه جهود المسلمين وتقدم الاسلام كبديل الحضارة وتدعم الدولة الإسلامية العالمية أينما وجدت.
العمليات الإرهابية في أمريكا
في 30 أكتوبر 2017 أعلنت شرطة نيويورك أنها ألقت القبض على شخص بعد إطلاق نار، سبقته عملية دهس بشاحنة، أسفرت عن مقتل 6 أشخاص وجرح 15 آخرون، بحادث دهس جنوب مانهاتن بنيويورك.
وأوضحت التقارير الإعلامية أن منفذ هجوم مانهاتن يميني متطرف يدعى سام بايت، وأن مكتب التحقيقات الفيدرالي، "إف بي آي"، يتعامل مع الحادث على أنه "عمل إرهابي".
في 12 يونيو 2016 قتل أمريكي من أصل أفغاني يدعى عمر متين 49 شخصًا وأصاب 50 بجروح في ملهى ليلي لمثليي الجنس في اورلاندو بولاية فلوريدا، في أسوأ اعتداء في الولايات المتحدة منذ اعتداءات سبتمبر 2001.
في 20 يوليو من عام 2012، اقتحم مسلح إحدى دور السينما في مدينة اورورا (كولورادو، غرب) وفتح النار على الحاضرين خلال عرض فيلم "باتمان"، ما أوقع 12 قتيلا و70 جريحًا.
في 2 ديسمبر 2015 فتح زوجان إسلاميان متطرفان من أصل باكستاني النار خلال حفل عيد الميلاد في سان برناردينو (كاليفورنيا، غرب)، ما أوقع 14 قتيلا و22 جريحا.