حصاد 2017 الأيام العجاف| سيد حجاب.. غريب الدار يعود لـ"أهل وسكن"
السبت، 23 ديسمبر 2017 12:00 م
"ولما أموت، لو مت ع السرير ابقوا احرقوا الجسد، ونطوروا رمادي ع البيوت، وشوية لبيوت البلد، وشوية ترموهم على تانيس، وشوية حطوهم فى إيد ولد، ولد أكون بُسُته .. ولا أعرفوش، ولو أموت، قتيل– وأنا من فتحة الهويس بافوت- ابقوا اعملوا من الدما حنة، وحنوا بيها كفوف عريس، وهلال على مدنة، ونقرشوا بدمي- على حيطان بيت نوبى تحت النيل – اسمى".. تلك وصية الشاعر الكبير سيد حجاب التي تركها خالدة ورحل عن عالمنا في 25 يناير 2017، ليسدل الستار عن مسيرة شعرية حافلة سطرها صاحب مدرسة العامية المولود في 23 سبتمبر 1940 بمدينة المطرية، في محافظة الدقهلية.
"من انكسار الروح في دوح الوطن، يجي احتضار الشوق في سجن البدن، من اختمار الحلم يجي النهار، يعود غريب الدار لـ أهل وسكن، ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء، وواخدنا ليه في طريق ما منوش رجوع، أقسى همومنا يفجر السخرية، وأصفى ضحكة تتوه في بحر الدموع".. قضى سيد حجاب طوال حياته منشغلا بقضايا الوطن، محملا بهمومه، وربما رمزية تاريخ رحيله تحمل دلالة ما في هذا السياق.
"يا قمر لا تاخدني علي جناحك، ولا توريني حلمات النور، بس تعالي، فوت من شباكي وتعالى، وشوف الحالة، وابدر في عز الضلمة النور لنور.. النور".. ينتمي سيد حجاب لمدرسة العامية في الشعر، وبدت لغته وصورته الشعرية متأثرة بنشأته على ضفاف بحيرة المنزلة، وتلك المشاهد القرية وجلسات الحكي بين الصيادين.
"من عتمة الليل.. والنهار راجع، ومهما طال الليل بييجى نهار، مهما تكون فيه عتمة ومواجع، العتمة سور.. ييجى النهار تنهار، وضهرنا ينْجام أيام.. ورا أيام.. ورا أيام".. يمتلئ شعر سيد حجاب بنبرة الأمل وحلم الخلاص، ولكنه الأمل النابع من عصارة تجارب مريرة، وربما تكون مسيرته الصعبة ورحلة بحثه عن ذاته من المنزلة إلى القاهرة ومعاناته خلالها انعكست على تعبيراته وخياله الشعري.
".. بين رهبة م التوهة وتوبة برغبة.. سددنا دينا وغيرنا أغني وأغبي.. وقلوب مصاحبة الحق صاحية ومشاغبة.. وقلوب تدوب ف قلوب ولا هي دارية".. أبدع سيد حجاب في كتابة الشعر الغنائي، وتغنى بكلماته عبدالمنعم مدبولي، عفاف راضي، وصفاء أبو السعود، ثم كتب أغاني لفريق الأصدقاء ثم أتبعه بألبومين هما "أطفال أطفال"، و"سوسة"، ولحن بعدها له بليغ حمدي أغنيات لعلي الحجار، وسميرة سعيد، وعفاف راضي، وقدم معه الحجار «تجيش نعيش»، وكتب لمحمد منير في بداياته أغنية «آه يا بلاد يا غريبة» في أول ألبوم له، ثم أربع أغنيات في ألبومه الثاني، ثم كتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها بجانب العديد من تترات المسلسلات التي عرض بعضها في رمضان، وشارك في إصدار مجلة «جاليرى 68» ونشر بها بعض الدراسات والأشعار.
"يا سندباد.. يا سندباد، خدني لبلاد غير دي البلاد، لزمان خلاف ده، ولعباد غير دي البلاد".. انتهت الرحلة وأخذ سندباد الموت سيد حجاب إلى "بلاد غير دي البلاد"، ولعله زراه "طبق النور وأجبر قلبه المكسور" تحقيقا لقوله: "يا طبق بنّور في السما بيدور فوت مره وزور قلبي المكسور".