التنظيمات الإرهابية ترفع شعار: الطريق إلى القدس عبر خراب دمشق والقاهرة.. وماهر فرغلي: الجماعات تتعمد خلط الأوراق
الخميس، 21 ديسمبر 2017 01:00 صهناء قنديل (نقلا عن العدد الورقي)
«انتحارى عليّ وعلى بنى صهيون حمامة»، تصلح هذه المقولة لوصف الحالة التى بدت عليها الجماعات المسلحة، التى اصطلى المجتمع المصرى بنيران إرهابها، وتكبد خسائر مالية وبشرية هائلة؛ خلال الحرب التى يخوضها لمواجهتها، رغم التداعيات الخطيرة التى تشهدها المنطقة المحيطة على الأصعدة كافة.
وخلال الأيام الماضية، تفجرت فى رءوس العرب القنبلة التى ألقاها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؛ بإعلانه اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل، متجاوزا القرارات الدولية، ومعتديا على الحقوق التاريخية للفلسطينيين فى تلك الأرض المقدسة، التى يعتبرها العالم بأسره أرضا محتلة لا يجوز التصرف الأحادى بشأنها.
ووسط العزلة الدولية التى عاشتها الإدارة الأمريكية، بعد قرارها الأخير، الذى لم ترحب به سوى دولة الاحتلال الصهيوني، فوجئ الجميع بانقسام بين الجماعات المتطرفة، وفى مقدمتها «داعش»، و«القاعدة»، و«حسم»، بين متجاهل لهذا الحدث، وبين مروج لأفكار تؤكد الابتعاد عن لب القضية، والتفرغ التام لهدم المجتمعات العربية، وخاصة مصر.
المواقف المائعة، والبيانات الباهتة للجماعات المسلحة، التى توقع البعض أن تصب جام غضبها على أمريكا وإسرائيل، كشفت عن أسرار كثيرة، تؤكد تواطؤها جميعا لصالح دولة الاحتلال، وإلا فكيف يمكن تفسير أسباب صمت هذه التنظيمات الإرهابية المسلحة حول أحداث القدس؟ وبماذا يمكن أن نفسر اتجاه عناصر هذه الجماعات إلى التفجير، والقتال ضد المجتمعات العربية كافة، باستثناء إسرائيل.
إن رصدا بسيطا لردود أفعال هذه الجماعات، يؤكد أنها متورطة فيما تفعله إسرائيل، إن لم يكن بالاتفاق المباشر، فبالعمل على إضعاف دول المنطقة القادرة على المواجهة، وتدمير مجتمعاتها، وهدم جيوشها الوطنية، مثلما جرى فى سوريا، وليبيا، ومن قبلهما العراق.
تنظيم «داعش» الإرهابى الذى نسب نفسه إلى الإسلام، زورا وبهتانا، حاول القفز على إدانة القرار الأمريكى، فزعم فى العدد الجديد من مجلته الأسبوعية «النبأ»، أن المتحدثين عن أن أولوية العمل الإسلامى يجب أن تكون السعى إلى تحرير القدس، يعتبرون جهالا لا يعرفون صحيح الدين.
وزعم التنظيم أن الحديث بأن الأولوية لتحرير القدس، يخالف نقطة الانطلاق الأساسية لديه وهى تحكيم الشرع فى دولة إسلامية قائمة على حساب الدول العربية الحالية! معتبرا أن الانتقادات التى توجه له بعدم الجهاد ضد إسرائيل؛ كدولة احتلال ليست سوى مزايدات من الكاذبين بحسب زعمه!
وفيما يتعلق بتنظيم القاعدة، فإن الأمر لم يختلف كثيرا، حيث أصدرت ذراع التنظيم فى المنطقة، وهى هيئة تحرير الشام، بيانا تؤكد أن الطريق إلى القدس يمر عبر الاستيلاء على سوريا، وطرد من وصفهم بالمخالفين منها.
أما حركة «حسم» التى تمثل الذراع العسكرية لجماعة الإخوان الإرهابية، فكانت أكثر وضوحا، حين أكدت أن الطريق إلى القدس يمر على جثث المصريين، بدءا من القاهرة، دون أن تكلف نفسها مشقة ذكر الاحتلال الإسرائيلى، ولو بكلمة فى بيانها، الذى أصدرته للتعليق على هذه الفاجعة.
وترى «حسم» أن حملها السلاح فى وجه الدولة المصرية، له ما يبرره، زاعمة أن الاستيلاء على مصر والسيطرة عليها، هو الطريق إلى تحرير القدس.
الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة، ماهر فرغلى، أكد أن تعامل الجماعات المسلحة، باختلاف توجهاتها، مع أزمة القدس؛ يشير إلى أنها تتعمد خلط الأوراق، وإظهار الأزمة مع الاحتلال الإسرائيلى على أنها تنبع من داخل الدول العربية، وتتجاهل ما قدمته الدول العربية من تضحيات فى هذا الملف.
وقال لـ«صوت الأمة»: «المنهج الذى تتبعه حسم، يتعمد إغفال ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية، ومشاركتها فى جميع الحروب التى اندلعت فى المنطقة ضد الكيان الصهيونى، وما خسرته ماديا وبشريا فى هذه الصراعات».
وأضاف: «خسائر مصر البشرية، جراء المواجهات العسكرية مع إسرائيل تجاوزت 100 ألف شهيد، وأشار «فرغلى» إلى أن الجماعات الإرهابية المنتشرة فى المنطقة، ومنها حسم، متورطة إلى أذنيها فى دعم الكيان الإسرائيلى.
وأردف قائلا: «منذ بدء ظهور الجماعات المسلحة، على أيدى تنظيم القاعدة، لم توجه أى منها هجوما ولو كلاميا ضد إسرائيل، واكتفت بتوجيه سلاحها إلى صدور المواطنين العزل، ورجال الجيش والشرطة فى المنطقة العربية كافة، وهو ما يثير التساؤل حول طبيعة العلاقة التى تجمع هذه العناصر بالدولة العبرية، وطبيعة الأماكن التى تحصل منها على التمويل والسلاح اللازمين».
وتابع: «ولعله من المثير حقا أن هذه الجماعات لم يسبق لها أن وجهت عملياتها إلى أى هدف يهودى، سواء داخل أو خارج إسرائيل.
ولفت «فرغلى» إلى أن تنظيم داعش، يسير فى الطريق ذاته الذى انتهجته القاعدة، لم يجرؤ يوما على مهاجمة أهداف إسرائيلية، وتفرغ لتدمير العراق وسوريا، ويعمل جاهدا على زعزعة الاستقرار فى مصر، وضرب المجتمع بها، عبر مهاجمة أماكن العبادة سواء الكنائس، أو المساجد.
من جانبه أكد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، منير أديب، أن تغافل الجماعات المتطرفة، مثل: داعش وحسم، لما جرى فى القدس، متعمد؛ لعدم الاصطدام بإسرائيل، حتى لا تكشف تل أبيب حقيقتهم، ومدى تعاونهم ضد المصالح العربية.
وقال لـ«صوت الأمة»: «الدولة العبرية تمتلك الكثير من الوثائق والأدلة على تعاون قيادات هذه الجماعات المتطرفة، مع جميع أعداء الأمة العربية، ولن تتردد عن كشفها حال تهديد مصالحها، كما أن الدعم الذى تتلقاه هذه الجماعات من حكومات دول حليفة لإسرائيل، سواء عسكريا أو لوجستيا يمنع تماما هذه الجماعات من التجرؤ على مهاجمة الكيان الصهيونى.