اللغة العربية مهملة من الجميع

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017 01:25 م
اللغة العربية مهملة من الجميع
حسين عثمان يكتب:

 

احتفل العالم أمس باليوم العالمي للغة العربية، فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها رقم 3190 في 18 ديسمبر من عام 1973، والذي بموجبه تم إقرار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية العاملة في الأمم المتحدة، وكان ذلك في استجابة لاقتراح قدمته كل من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة – اليونسكو، والتي احتفلت في تلك السنة بهذا اليوم للمرة الأولى، وفي 23 أكتوبر من عام 2013، قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية التابعة لمنظمة اليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية، كأحد العناصر الأساسية في برنامج العمل السنوي لتلك الخطة.

هذا وتعد اللغة العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثر لغات المجموعة السامية متحدثين، وهي إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، إذ يتحدث بها أكثر من 400 مليون نسمة موزعين ما بين الوطن العربي والعديد من المناطق الأخرى المجاورة، وهي واحدة من الأربع لغات الأكثر استخداماً على شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت، واللغات السامية هي اللغات التي تنتسب لجماعة الساميين، وهم نسل سام بن نوح عليه السلام، وقد تنوعت الفرضيات التي تتوقع وتدرس منشأ اللغات السامية، فمنها ما يقول بأن المنشأ كان منطقة شبه الجزيرة العربية، وهناك ما يشير ويؤكد أن المنشأ هو منطقة النيل والبلاد الكنعانية القديمة، فلسطين على سبيل المثال.

وعلى خلاف ما يعتقد الكثيرون، فإن اللغة العربية لها أهميتها في الديانات السماوية الثلاث، فهي لغة القرآن في الإسلام، كما أن الكثير من الأعمال الفكرية والدينية اليهودية والمسيحية في العصور الوسطى كتبت بها، وعن نشأتها يقول البعض أنها لغة آدم في الجنة، ويقول البعض أن قبيلة يعرب بن قحطان هي أول الناطقين بها، ولكن رد عليهم معترضون بأن أهل يعرب تكلموا عربية مختلفة في قواعدها، وآخرون يقولون أن إسماعيل عليه السلام هو أول المتحدثين بها، ولكن الرأي السائد أنها كانت لغة قريش، خاصة وأن أقدم النصوص المتوفرة بالعربية هو القرآن والأحاديث النبوية، وأن دعوة النبي محمد (ص) جاءت باللغة العربية.

قصدت أن أغوص بكم في بعض من فيض المعلومات عن لغتنا العربية الجميلة، والتي يتوفر المزيد منها لمن يريد على شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت، لعل وعسى نستعيد ذاكرة أمة أنهكتها المحن ولا تزال، ففقدت ضمن ما تفقد، بوصلة الاحتفاء بما يستحق الاحتفاء، مر اليوم العالمي للغة العربية مرور الكرام، كما تمر اللغة العربية نفسها في حياة الجميع مرور الكرام، إلا من رحم ربي فأدرك قيمتها وقدرها حق قدرها، سائراً في هذا على نهج آبائه ومعلميه، آخذاً برفق وإصرار بأيدي أبنائه ومحبيه على ذات الدرب، ولكن إيقاع العصر قوي سريع طاحن، ويهدر ضمن ما يهدر، لغة عذبة ثرية بكل معاني الكلمات.

أقول هذا وأنا أعلم علم اليقين، أن وقع اللغة العربية، يكاد يكون مؤلماً مزعجاً، عند معظم من تقع على سمعه، حاجز نفسي توارثته الأجيال بكل أسف، والفضل في هذا في المقام الأول، يعود إلى مناهجها التعليمية الجافة الصادمة، في مختلف مراحل منظومة التعليم المصري النمطية، والتي على حالها لسنوات طويلة لم تواكب أي عصر، كما لم تتفاعل مع أي روح جدت، أو أي أنماط استجدت، وزاد عليها انحدار ثقافي زيادته لم تواكب إلا الزيادة السكانية، وكلاهما نافس انفتاحاً استهلاكياً مطرداً ومتسارعاً ومتطوراً في أدواته من عصر إلى عصر، وإلى حد يقف بالجميع على حافة القضاء على بقايا الروح قبل الهوية.

اللغة العربية مهملة من الجميع، إهمال يصل إلى حد ارتكاب جريمة التجاهل، والجميع في الجريمة فاعلون، فلا أحد يحمل همها، لا على مستوى الجهود الرسمية، ولا على مستوى الجهود الذاتية، اللهم إلا محاولات فردية حسنة النوايا، ممن يمثلون دائماً بقعة الضوء وسط العتمة، نحتاج في هذا الشأن إلى فعل إيجابي جمعي، يخرج بنا من حالة انتظار ما لا يجيء، فعل يدفعنا بقوة إلى مغادرة مساحة المفعول به، لا تسلموا أنفسكم وأنفس أبنائكم إلى أوصياء لا رجاء منهم، اللغة العربية ملك الجميع، وهي عصب الهوية، والهوية كذلك مسئولية الجميع، عودوا إلى اللغة العربية بقلب مفتوح، حتلاقوا فيها حاجات كتير قوي حلوة. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة