مسجد وكنيسة ومعبد.. لغز شارع النبي دنيال ( صور )

الأحد، 10 ديسمبر 2017 12:00 م
مسجد وكنيسة ومعبد.. لغز شارع النبي دنيال ( صور )
شارع النبي دنيال
الإسكندرية - محمد صابر

هي كقعطة الشطرنج أو عروس البحر المتوسط .. فلكل عصر مسمى، لكن تظل الأسكندرية منذ أنشأها الإسكندر الأكبر مهدا للحضارات والثقافات والاديات المختلفة.
سكنها اليهود والمسيحيون مع السملين منذ مئات السنين، مزيج من الإديان التي عاشت وتعايش معتنقوها حتى ترك أصحابها تاريخا وآثارا تشهد على عظمة الشعب المصري .
 
ومن داخل أحد الشوارع الكبرى وسط المدينة، والذى يحتوى على أحد الألغاز التى تؤكد على أن مصر وبالأخص الإسكندرية، تحتضن جميع الأديان السماوية، ولا تفرق بينها، ترصد "صوت الأمة" قصة شارع النبى دانيال الذي يحتضن بداخله مسجد وكنيسة ومعبد يهودي وكل مبنى منها له تاريخ خاص به.

تاريخ شارع النبى دانيال

سمي شارع النبي دانيال بهذا الإسم نسبة إلى أحد أنبياء بني إسرائيل، ويعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد عندما قام الإسكندر الأكبر ببناء الإسكندرية، حيث تم بناؤها وفقا للتخطيط الهيبودامي " رقعة الشطرنج"، أو الشكل الشبكي، حيث كانت المدينة مقسمة إلى شارعين رئيسيين أحدهما طولي، والآخر عرضي، يقطعهما ميدان كبير في المنتصف، ويعتقد أن شارع النبي دانيال جزء من الشارع الرئيسي الطولي الذي كان يمتد من شمال المدينة إلى جنوبها.

أهم المنشآت بشارع النبى دانيال

يوجد العديد من المنشآت الهامة بالشارع، حيث يوجد مسجد النبي دانيال، والمعبد اليهودي والكنيسة المرقسية، وهى أقدم الكنائس فى مصر، وأفريقيا، ويعتبر هذا الشارع من الشوارع الأكثر حيوية فى الإسكندرية بسبب وجود المحلات التجارية، والمباني الهامة مثل مبنى الأهرام و المركز الثقافي الفرنسي وبائعي الكتب التى تحتوى على عبق التاريخ.

تاريخ مسجد النبى دانيال

 يُنسب جامع أو مسجد النبي دانيال إلى أحد العارفين بالله، وهو الشيخ محمد دانيال الموصلي أحد شيوخ المذهب الشافعي، والذي قدم إلى مدينة الإسكندرية في نهاية القرن الثامن الهجري، واتخذ من مدينة الإسكندرية مكانا لتدريس أصول الدين وعلم الفرائض على نهج الشافعية، وظل بمدينة الإسكندرية حتى وفاته سنة 810 هـ فدفن بالمسجد، وأصبح ضريحه مزارا للناس.

بني مسجد النبي دانيال في الإسكندرية عام 1790 م، في وقت كانت الإسكندرية فيه تحتوي على حيين فقط هما رأس التين، والجمرك، أما باقي المدينة فكانت عبارة عن صحراء من الرمال يتخللها مزارع خضراء كثيفة أو بحيرات شاسعة الاتساع، ويعتبر المسجد من أقدم مساجد مصر، وجدرانه مزينة بالزخارف الإسلامية القديمة، وهو مزار للعديد من السائحين خاصة الآسيويين الذين يحرصون على زيارة الضريح الموجود أسفل المسجد الذي يقال إنه للنبي دانيال.

وصف مسجد النبي دانيال

يتكون تخطيط الجامع من مساحة مستطيلة يتقدمها صحن مكشوف أو زيادة يوجد بالناحية الشمالية الغربية منها دورة المياه و الميضة، وللجامع واجهة رئيسية واحدة هي الواجهة الجنوبية الغربية، ويقع بها المدخل الرئيسي حيث يؤدي هذا المدخل إلى بيت الصلاة، وينقسم إلى قسمين، القسم الأول وهو مصلي للرجال أما القسم الثاني فخصص لصلاة النساء.

ويتكون بيت الصلاة أو المصلي من مساحة مستطيلة مقسمة إلى 8 أروقة من خلال 7 أعمدة رخامية، تحمل عقودا نصف دائرية ويوجد بالناحية الجنوبية الشرقية حنية المحراب ويفتح بالجدار الشمالي الشرقي فتحة باب مستطيلة تؤدي إلى الضريح، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة يتوسط أرضيتها فتحة مثمنة يحيط بها حاجز من الخشب الخرط يرتكز على رقبة مثمنة مكونة من ثلاثة صفوف من المقرنصات ، ويتم الهبوط بعمق حوالي خمسة أمتار إلى الضريح الذي يتكون من مساحة مربعة تقوم على أربعة دعائم متعامدة.
يؤدي الذي بالناحية الجنوبية الغربية إلي سرداب مغلق حاليا، ويتوسط أرضية الضريح تركيبتين من الخشب، إحداها تحتوي على قبر الشيخ محمد دانيال الموصلي، أو كما هو معتقد النبي دانيال، والأخرى تضم قبر يعرف باسم قبر لقمان الحكيم، وإن كانت المصادر التاريخية لم تتناول صحة أو خطأ هذه التسمية، والمصلى الخاص بالنساء يقع بالناحية الشمالية الغربية، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة يوجد بها حاجز من الخشب الخرط لصلاة النساء.

الأضرحة داخل مسجد النبى دانيال

هناك رواية تقول إنه عندما فتحت الإسكندرية على يد عمرو بن العاص، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عثر الجنود على المكان وعليه أقفال من حديد تحيط بحوض من الرخام الأخضر، وعند فتحه وجدوا فيه هيكل لرجل ليس على هيئة أهل العصر، أنفه طويل ويده طويلة وعليه أكفان مرصعة بالذهب.

أبلغوا عمر بن الخطاب بذلك فسأل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقال له: هذا نبي الله دانيال، فأمر عمر بتحصين قبره حتى لا يمسه اللصوص، إلا أن عددا من الأثريين يشككون في هذه الرواية، ويؤكدون أن الضريح الموجود بالمسجد على عمق حوالي خمسة أمتار هو للشيخ العارف بالله محمد دانيال الموصلي، وهو رجل صالح جاء إلى الإسكندرية في نهاية القرن الثامن الهجري.

ويقول على باشا مبارك في الخطط التوفيقية: "مسجد مشهور بمسجد النبى دانيال كان صغيرا فجدده العزيز محمد على باشا سنة 1238، وله ليلة كل سنة فى شهر رمضان وهو تابع الوقف، وبهذا المسجد مدفن مخصوص بالعائلة الخديوية مدفون فيه المرحوم محمد سعيد باشا ونجله طوسون باشا وغيرهما".
 
وارتبط هذا الجامع بعدة أساطير منها أنه دفن به النبى دانيال، كما ارتبط أيضا بفكرة البحث عن قبر الإسكندر الأكبر إلا أن الأبحاث والحفائر التي تمت بهذا الجامع في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين دحضت هذه الأفكار.

أين تقع الكنيسة المرقسية؟

تعد الكنيسة المرقسية بالإسكندرية من أقدم الكنائس في مصر وأفريقيا، وتقع بمنطقة قسم العطارين ولها مدخلان الأول بشارع كنيسة الاقباط، والثاني من شارع النبي دانيال قرب محطة ترام الرمل وميدان سعد زغلول.

تاريخ الكنيسة المرقسية بشارع النبي دانيال

كانت الكنيسة منزلا لشخص يدعى إنيانوس، ودعا القديس مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية إلى بيته، حيث تعمد هو وأهله ثم حول بيته هذا إلى كنيسة في حياة مارمرقس الرسول نفسه بين عامي 60، 68 م.
 
وعند استشهاد مار مرقس دفن في موضع أسفل هذه الكنيسة، وأصبحت من بعده عادة دفن الآباء البطاركة الإسكندريين مع جسد مار مرقس إلى جواره.

الكنيسة المرقسية في عصر الروم

أصدر الإمبراطور جستنيان أمرًا بالاستيلاء علي جميع كنائس مصر عامي 539 إلى 540 م، ونفذ الأمر بشدة في مدينة الإسكندرية فأخذت جميع كنائسها من يد أصحابها الأقباط المصريين وسلمت إلى أصحاب المذهب الخلقيدوني من الروم، وبذلك صارت في حوزتهم زمانًا طويلًا.

الكنيسة المرقسية بعد فتح العرب مصر

وعندما فتح العرب أرض مصر بقيادة عمرو بن العاص 644 م، أصدر أمره بعودة البابا بنيامين " البابا رقم 38 " بعد اختفائه من وجه الروم مدة 13 عامًا، كما سمح للأقباط باسترجاع كنائسهم التي سلبها منهم الروم، وقسمت كنائس الإسكندرية بين الاقباط والروم، فخص الأقباط كنيسة القمحة "وتسمي باسم الملاك ميخائيل، والمعلقة، وقيصريون " وخص الروم دير أسفل الأرض الذي هو موضع الكنيسة المرقسية الحالية، قبل أن تعود إلى ملكية الأقباط الأرثوذكس.


بناء الكنيسة المرقسية من جديد وتغير اسمها

ثم أعاد البابا خرستوذولس تدشين الكنيسة المرقسية في عام 1046 م، فأعطاها اسمًا جديدًا وهو اسم " مار جرجس " ، وظل هذا الإسم هو المتداول عنها في كل الكتابات والمخطوطات إلى عام 1800 م، وربما لكي يكسبها هذا الإسم الجديد وضعًا جديدًا فلا يأخذها الروم، أو لأنه كان للأقباط كنيسة أخري باسم مار مرقس، هي كنيسة المعلقة، إلى جوارها، في الشمال الشرقي منها، والتي صارت الكاتدرائية الكبرى الفعلية للأقباط بالمدينة من القرن السابع الميلادي.


الكنيسة المرقسية والحملة الفرنسية

اثناء الحملة الفرنسية "1800 م"، تهدمت الكنائس الثلاث التي كانت موضع الكنيسة المرقسية، ومر وقت على الأقباط في الإسكندرية لم يكن لهم كنيسة يصلون فيها، ونقلت آثار هذه الكنائس إلي كنيسة مار مرقس بمدينة رشيد، وفي عام 1804 م، قام البابا مرقس الثامن بتجديد كنيسة القديس مارمرقس وفي سنة 1818 م، قام البابا بطرس السابع الجاولي " البابا رقم 109" بعمارة كنيسة مار مرقس، بعدها هدمت الكنيسة التي بناها البابا مرقس الثامن في الموضع الحالي للكنيسة القائمة الآن.

الكنيسة المرقسية في عهد محمد على باشا

أصدر محمد علي باشا والي مصر فرمانًا بعمارتها مرة أخرى، وكرسها البابا بطرس الجاولي ومعه القديس الأنبا صرابامون أبو طرحة أسقف المنوفية والبحيرة، وفي سنة 1869 م، قام أراخنة الإسكندرية واهتموا مع الأنبا مرقس مطران البحيرة في عهد البابا ديمتريوس " البابا رقم 111" ببناء الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية بدلًا من مبناها الصغير السابق، وتم البناء سنة 1870 م وعثر أثناء الحفر علي مقبرة الآباء البطاركة الأوائل.

تجديد الكنيسة  مرة أخرى

وظلت الكنيسة المرقسية التي بنيت سنة 1870 قائمة حتى آلت قبابها للسقوط، فاتخذ قرارا بهدمها في 19 يناير سنة 1950 م وجددت في عهد البابا يوساب الثاني واحتفل في 25 سبتمبر 1950 بوضع الحجر الأساسي للكنيسة الجديدة، وفي 9 نوفمبر سنة 1952 قام البابا يوساب الثاني بتدشين الكنيسة في حفل تاريخي كبير.

وفي عهد البابا الراحل كيرلس السادس (البابا رقم 116) أقيم بالكنيسة مذبح رابع باسم مار مينا بالدور العلوي فوق الجناح القبلي للكنيسة تم تدشينه في يونيه سنة 1963 وفي عام 1968 تم إعداد مزار مار مرقس السياحي المؤدي إلى مقبرة البطاركة أسفل الكنيسة في الركن الغربي القبلي منها.

واهتم البابا الراحل شنودة الثالث " البابا رقم 117" بالكنيسة وجرت فيها توسعات عديدة تليق بمكانتها في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية.

المعبد اليهودي

ويعد المعبد اليهودي " كنيس النبي إلياهو" أو كنيس إلياهو النبي "، واحدا من المعابد اليهودية الكبيرة في الشرق الأوسط، وفي وسعه أن يستقبل 700 مصل، ويضم مكتبة مركزية تحوي 50 نسخة قديمة من التوراة ومجموعة كتب يعود تاريخها إلى القرن الـ15، ويستخدم المعبد كمزار سياحي وإقامة بعض الصلوات.

وتم إنشاء المعبد فى عام 1354 م وتسجيله مبنى أثرى عام 1987م، وهو المعبد الرئيسي للطائفة اليهودية بالإسكندرية والوحيد الذي تقام به شعائر الصلاة ويعد هذا المعبد مزارا مقدسا بما يمثله من أهمية دينية وتاريخية نتيجة للاعتقاد اليهودي في أسطورة تذكر أن النبى «إلياهو» ظهر عقب وفاته لعدد من الحاخامات في نفس الموقع المشيد عليها المعبد الآن.

وتهدم البناء القديم إبان الحملة الفرنسية عندما أمر نابليون قصفه بالقنابل لإقامة حاجز رماية المدفعية بين حصن كوم الدكة والبحر، وفى عام 1850 وبتوجيه من محمد على باشا أعيد بناؤه ثم هدم وأنشئ المبنى الحالي، كما تشير اللوحة التذكارية، فـى سنة 5641 بالتقويم العبري / 1881 م.

وصف المعبد اليهودي

ويضم المعبد مقر الطائفة الإسرائيلية بالإسكندرية ومبنى المحكمة اليهودية، والمعابد على شكل بناء مستطيل 25 م، ويعد من المعابد الفخمة معمارية على الطراز البازيليكى، وفى الطابق الثانى يوجد به شرفة والمدخل الرئيسي فى الواجهة الغربية، تعلوه النجمة السداسية وكتابات عبرية.

يتكون المعبد من الداخل من ثلاثة أروقة تحتوى صفين من الأعمدة، أكبرها الرواق الأوسط والهيكل، كالمعتاد بالجهة الشرقية مصنوع من الرخام الفاخر على جانبيه أعمدة رخامية تحمل عقدا نصف دائرى وبجوارها أعمدة معدنية زخارف معدنية، داخل المقصورة المقدسة لفائف من الجلد والورق من أسفار التوراة وأمام الهيكل المنصة المخصصة للصلاة، وداخل القاعة صفوف من المقاعد الخشبية، والأسقف تتدلى منه ثريات من الزجاج والفضة.

تأسس بالمعبد قسم خاص بموسيقى الصلوات فى عام 1928 تحت إدارة "البرتو حمصى" وقد امتد نشاط الجوقة الموسيقية إلى الاحتفاء بالأعياد اليهودية ومناسبات الزواج، ولم يقتصر القسم الموسيقى على التأليف فحسب، بل قام بعمل دراسات عن الفلكلور اليهودى الإسبانى، ودراسات عن الموسيقى الكلاسيكية ليهود مصر ،وقد أعدت مكتبة للتراث اليهودى بالمبنى الملحق بالمعبد على غرار مكتبة التراث اليهودى بمعبد شعار هاشمايم بالقاهرة ،و تحتوي على أكثر من 50 نسخة قديمة من التوراة، ومجموعة من الكتب والمخطوطات اليهودية التي يعود تاريخها إلى القرن 15.

تسمية المعبد اليهودي

وسمي المعبد على اسم إلياهو النبي وهو أحد أنبياء بني إسرائيل الذي يعتقد اليهود، بحسب العهد القديم، أنه سيأتي في المستقبل، مبشرًا بخروج يأجوج ومأجوج، الشعب المعروف للديانات الثلاث، والذي يروى أنه سيظهر من إحدى مواقع آسيا يلتهم الأخضر واليابس في طريقه.

وبحسب الكتاب المقدس، فإن وظيفة إلياهو النبي أن يهيئ اليهود للخلاص، ويصلح قلوبهم كما يعتقد اليهود أن ظهوره سيكون قبل ظهور "المسيا أو الماشيا" المخلص، الذي يعرفه العرب بالمسيح ،كما يعتقد اليهود أنه يظهر في عيد الفصح المقدس لدى الديانة اليهودية، في تجلٍّ يشبه التجلي الذي يعتقد فيه المسيحيون بالنسبة للعذراء مريم.
 
 
٢٠١٧-١٢-١٠ ٠٢.٢٩.٢٥
 
 

الكنيسة المرقسية
الكنيسة المرقسية

الكنيسة المرقسية
الكنيسة المرقسية

المحلات التجارية شارع النبى دانيال
المحلات التجارية شارع النبى دانيال

بوابة مسجد النبى دانيال
بوابة مسجد النبى دانيال

تقاطع شارع النبى دانيال مع شارع سعد زغلول
تقاطع شارع النبى دانيال مع شارع سعد زغلول

شارع النبى دانيال امام المعبد اليهودى
شارع النبى دانيال امام المعبد اليهودى

شارع النبى دانيال فى وقت الظهيرة
شارع النبى دانيال فى وقت الظهيرة

شارع النبى دانيال
شارع النبى دانيال

مسجد النبى دانيال 1
مسجد النبى دانيال 

مسجد النبى دانيال من الداخل
مسجد النبى دانيال من الداخل

مسجد النبى دانيال
مسجد النبى دانيال



 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة