كيف دفع الاقتصاد المصري ثمن دعمه القضية الفلسطينية؟
الجمعة، 08 ديسمبر 2017 11:24 ص
خاضت مصر العديد من الحروب فى العصر الحديث والتى كانت بدايتها مشاركتها فى الحرب فى فلسطين بمشاركة الأردن والعراق وسوريا ولبنان والسعودية ضد الميليشيات الصهيونية المسلحة فى فلسطين وذلك بعد قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية وهو الأمر الذى عارضته الدول العربية بشدة وشنت هجوما عسكريا لطرد الميليشيات اليهودية من فلسطين فى مايو 1948 واستمرت حتى مارس 1949 وانتهت حرب فلسطين بتوقيع اتفاقيات الهدنة الدائمة بين البلدان العربية التى اشتركت جيوشها فى الحرب ما عدا العراق وبين العدو الإسرائيلى
حرب 1948
وكان للحرب تأثير سلبى على الاقتصاد المصرى حينذاك حيث كانت إجمالي الميزانية المصرية في هذا الوقت بلغت 183 مليون و425 ألف و100 جنيه، وفائض في الميزانية بلغ حوالي 10 ملايين جنيه وذلك فى عام 1948/1949.
أعلى ميزانية كانت تنفق على ما يسمى «دعم فلسطين»، والتى وصلت إلى 30 مليون جنيه، ومن بعدها تأتي ميزانية الدفاع، والتى وصلت إلى 20 مليون جنيه، ثم التعليم، بما يشير إلى أهم البنود التي كانت تهتم بها الدولة في هذا الوقت، إلا أنها أيضًا أوضحت ضعف ميزانية وزارة الصحة في مقابل باقي المؤسسات.
اقتصاد النكسة
ودخلت بعد ذلك مصر حرب 1967 "النكسة" هي الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي.
وتعرضت مصر بعد النكسة إلى خسائر هائلة اقتصاديا وعسكريا، وقد قدر رئيس وزراء مصر الأسبق عزيز صدقى تلك الخسائر بنحو 11 مليار جنيه مصرى أى نحو 30 مليار دولار تقريبا بأسعار تلك الفترة حيث كان الجنيه المصرى يساوى نحو 2.3 دولار فى الفترة ما بين حربى يونيو 1967 ، وأكتوبر 1973. وتمثلت الخسائر الرئيسية للاقتصاد المصرى بسبب حرب يونيو 1967 فيما يلى:
1- فقدت مصر 80% من معداتها العسكرية وكان عليها أن تعيد تمويل شراء معدات عسكرية بديلة وهى تكلفة اقتصادية هائلة كان على الاقتصاد المصرى أن يتحملها.
2- فقدان سيناء بثرواتها البترولية والمعدنية وإمكانياتها السياحية.
3- فقدت مصر إيرادات قناة السويس التى كانت قد بلغت نحو 95.3 مليون جنيه عام 1966 أى نحو 219,2 مليون دولار توازى نحو 4% من الناتج المحلى الاجمالى فى ذلك العام.
وفضلا عن هذا الفاقد فى الايرادات فإن الخسائر الناجمة عن العدوان الإسرائيلى على منشآت قناة السويس قاربت المليار جنيه أى نحو 2300 مليون دولار بأسعار ذلك الحين.
4- فقدت مصر جانبا هاما من الايرادات السياحية يقدر بنحو 37 مليون جنيه سنويا توازى قرابة 84 مليون دولار فى ذلك الحين.
5- فقدت مصر جزء كبير من مواردها البشرية التى تعتبر العنصر الأكثر حيوية فى تحقيق التنمية الاقتصادية، كما حدث تدمير فى 17 منشآة صناعية كبيرة وبلغت قيمة الدخل المفقود نتيجة تعطل هذه المصانع نحو 169.3 مليون جنيه مصرى، أى نحو 389.4 مليون دولار بأسعار ذلك الوقت، وبالاضافة لكل تلك الخسائر تعرضت مصر لدمار كبير فى المنشآت الاقتصادية والأصول العقارية فى مدن القناة التى تعرضت للعدوان والتدمير بشكل مكثف.
6-بعد النكسة تم تخصيص مايقرب من 20% من الدخل القومي للتسليح بالإضافة إلي تعبئة مليون جندي على خطوط القتال لمدة 5 سنوات متتالية .
حرب أكتوبر
بعد هزيمة 1967 تحول الاقتصاد المصري من اقتصاد الاستنزاف إلى اقتصاد الحرب، وتم العمل على تعويض تلك الخسائر من خلال التزايد فى حصيلة الضرائب والجمارك حيث ارتفعت الضرائب الغير مباشرة حيث مثلت 63.4% من إجمالي حصيلة الضرائب فى البلاد فى العام 1970 والتي ارتفعت إلي 69.1% من إجمالي حصيلة الضرائب فى البلاد فى العام 1973 حيث ارتفعت إجمالي حصيلة الضرائب خلال ثلاث سنوات بنسبة 19.17%.
ولأن الضرائب غير المباشرة يتحملها أغلب الشعب فيمكن القول أن القطاعات العريضة من أبناء الشعب هي التي تحملت عبء تمويل الاستعداد لحرب اكتوبر خلال فترة الخمس سنوات وهذه من التضحيات التي لم تذكر باستفاضه فى التاريخ.
وذلك بخلاف إصدار قرار بفرض ضريبة للدفاع تضاف على أجرة محال الفرجة والملاهي والمسارح والتي تراوحت مابين 5 و 70 مليم.
وفى 25 يوليه تم إصدار قرار خفض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التي تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين في الدولة فيما عدا بدل السفر ومصاريف الانتقال الفعلية وبدل إلغاء وإعانة غلاء المعيشة.
ومع بدء التضامن الشعبي أعلنت العديد من الوزارات كوزارة النقل عن تبرع بعض العاملين بأجزاء من دخولهم لدعم المجهود الحربي، وبحلول عام 1971 تم تخفيض رصيد الاستثمارات فى موازنة 1971/1972 بنسبة 17% لتوجيهها للمجهود الحربي.
ونتج عن ذلك انتعاش سريع فى القطاع الصناعى والزراعى والتجارى فى الفترة بين النكسة إلى حرب أكتوبر المجيد مما مهد لقرار الحرب.