العبثيّة الترامبيّة: الفصل قبل الأخير (6)
الخميس، 07 ديسمبر 2017 11:04 ص
قرار من لا يملك فيما لا يملك لمن لا يستحق، هذا باختصار ما فعله المراهق السياسي ترامب، يوم أمس باعترافه اللقيط بالقدس عاصمة لإسرائيل، موضحًا أن القرار قد تأخر كثيرًا وما هو إلا تحصيل حاصل وإقرار بالأمر الواقع. كان توقيع ترامب على قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من الطول بمكان بحيث امتد من يسار الصفحة ليمينها، وكأنه يريد أن يبعث برسالة تأكيدية للجميع، بأنه ما اتخذ القرار إلا عن قناعة ولصالح عملية السلام على حد زعمه!!.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة في هذا المشهد المأساوي هو: ما الذي دفع هذا الموتور للإقدام على هذا القرار ؟! لاسيما وأنه لم يجرؤ أي رئيس أمريكي على اقتراف مثل تلك الحماقة منذ عام 1955!!، والإجابة على هذا السؤال جد بسيطة، إذ تتقاطع عدة عوامل للدفع به إلى مثل هذه حماقة، لعلّ أهمها وأكثرها هي إخفاقاته الداخلية وتخبّطه السياسي، وفضيحة علاقته بروسيا للتدخل في الانتخابات الأمريكية مع دخول الموضوع حيّز التحقيقات الرسمية وبعدما طالت مدير حملته الانتخابية، واحتمالية توجيه الاتهام الرسمي له، بل وسحب الثقة منه ومحاكمته.
أراد ترامب عن طريق هذا القرار اللقيط أن يصرف النظر عن المشاكل الداخلية، وأن يضمن ولاء اللوبي اليهودي بأمريكا، وأن يشغل المواطن الأمريكي بشأن خارجي وصرف نظره عن الشأن الداخلي.
برأيي أن ردود الفعل لهذا القرار ستكون غير مسقوفة، فبدءًا من انتفاضة فلسطينية دامية، تسقط مئات الضحايا يوميًّا، إضافة إلى ذلك، ستكون جميع المصالح الأمريكية والإسرائيلية على مستوى العالم محل استهداف وانتقام، وكذلك المواطنين الأمريكيين والإسرائيليين وهذا ما يغذي ويؤجج الإرهاب الدولي، وأعتقد أن الكونجرس لن يقف مكتوف الأيدي إزاء تعرض الأمريكيون والمصالح الأمريكية للخطر، وسوف يتجه نحو محاكمة ترامب جراء ذلك.
مثل هذا القرار يهدد السلم والأمن الدوليين، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، سيدفع بالكثير وخاصة الاتحاد الأوروبي وبعض الدول ذات التوجه الحقوقي إلى التحرك منفردين أو مجتمعين لوضع حد لمثل تلك المهزلة التاريخية.
لعلّ الإيجابية الوحيدة من هذا القرار العنصري هو توحيد الصف الفلسطيني والاصطفاف خلف قيادة واحدة وهدف واحد، إذا ما حسنت النوايا، واستقامت الضمائر. أيضًا يأتي عزل الولايات المتحدة عن دورها كراعي لعملية السلام، وتعرية الدور الأمريكي وإسقاط القناع عن وجهه القمئ من الإيجابيات أيضًا.
اندلعت إذن المظاهرات في شتى أنحاء العالم تنديدًا بهذا التصرف الأحمق غير المسؤول، لكن رد الفعل الحقيقي سيتضح يوم غد الجمعة، إذ ستخرج مظاهرات مليونية في شتى أنحاء العالم، ولا أدري سوف سيتم السيطرة على تلك المظاهرات، لا سيما في الأراضي المحتلة.
تتلاحق الأحداث وتتسارع وتيرتها، وسنشهد وكما توقعنا منذ قرابة العام نهاية العبثيّة الترامبيّة... بمكنتنا اليوم القول بأن العبثيّة الترامبيّة قد وصلت للفصل قبل الأخير في المسرحية الهزلية بإخراج وتوقيع مراهق عنصري، إن هي إلا أيام وسيسدل الستار على هذا الفصل بمجرد اندلاع الانتفاضة وتهديد المصالح الأمريكية، لندخل بعد أيام قلائل الفصل الأخير ؛ فلنحجز مقاعدنا من اليوم.
القدس عاصمة فلسطين الأبدية.