الإرهاب في السينما حمادة وفي الواقع حمادة تاني خالص.. الشناوي: العمليات الإرهابية فاقت خيال المبدعين
الثلاثاء، 05 ديسمبر 2017 11:00 محسن شرف
أشرف زكى: وجود الدراما في قبضة الشركات الخاصة التي تبحث عن المكسب والربح لا يساهم في تقديم الأعمال الجيدة
بصوت خفيض، وأسلوب رشيق، دخلت «رشيدة»، ولا يظهر منها سوى عينين تكحلتا، وراء عدستى النظارة، وألقت التحية: السلام عليكم ورحمة الله، ليرد على عبدالظاهر- عادل إمام - وعلى وجهه حمرة الخجل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، قبل أن يلتفت لها محاولا أن يتعرف على وجهها.
هنا قاطع نظرته أميره (أحمد راتب): رشيدة تبقى الأخت الصغرى لإحدى زوجاتى، يا رشيدة لقد اخترت الأخ على زوجا لك، فهل توافقين؟ بنظرة للأمير، قالت رشيدة: الرأى رأيك والشورى شورتك المهم رضاك.
تلهف على وسأل أميره عن موعد العرس، ليجيبه الأمير: صبرا ومهلا يا على لما تفى شهور العدة، حيث كانت زوجة لأحد الرجال الخارجين على الدين، الذين يعملون مع الحكومة الكافرة، ولكنى طلقتها والحمد لله، وستكون من نصيبك، وأنت مش مطلوب منك مهر، ولكن إذا شئت أن تقدم لعروسك هدية فمقبولة بإذن الله، والهدية ليست أموالا أو ذهبا، هديتك أكبر من ذلك بكثير، عملية فدائية ترهب بها أعداء الله والدين.
تحت حراسة أمنية مشددة، أنتج هذا الفيلم «الإرهابى» عام 1994، بطولة عادل إمام، من تأليف الكاتب لينين الرملى، وإخراج نادر جلال.
الفيلم عاش في رحلة مع الشخصية «على عبدالظاهر»، الذي دفعته ظروفه الاجتماعية من فقر وإحباط إلى الانضمام لإحدى الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهو يدمر كل المظاهر التي يعتقد أنها مصدر الفساد مثل محال بيع الفيديو، وقتل السائحين الأجانب. وظهرت المجموعات الإرهابية، التي ينتمى إليها الإرهابى، كالحة الوجه، وتلبس زيا موحدا، وتعيش في أماكن مهجورة، تخيّم عليها الكآبة، وروح الشر، وتسيّر هذه المجموعات من قبل أمير لها، له عليهم حق الطاعة العمياء.
وعلى مدار السنوات، شكلت قضية الإرهاب، محورا شائكا، يتطرق له صناع السينما في مصر، ليتناولوا جوانبه من زوايا عدة، وأصّاب بعضهم لخياله، وقدرته على فهم ما يدور خلف الأبواب المغلقة، وأخطأ الآخر الأهداف الحقيقية، لسطحية تناوله، أو التفكير في تجارية العمل المقدم.
وبرزت أفلام الإرهاب في أواخر الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، خلال الفترة التي عانت فيها مصر من هجمات إرهابية، مثل فيلم «الإرهاب» للفنانة نادية الجندى، الذي قدم عام 1989، والإرهابى الذي تناولنا مشهدا منه سابقا، والإرهاب والكباب لنفس البطل «عادل إمام».
الناقد الفنى، طارق الشناوى، قال إن الكاتب وحيد حامد- قدم الإرهاب والكباب- كان أكثرهم جدية في التناول، لأنه كان يقرأ، ويقف كثيرا أمام كل المعلومات للتأكد منها، ومن ثم تحليلها، محاولا أن يقدم عملا يجسد الواقع الذي يتنبأ به، إلا أن ما نعيشه الآن على أرض الواقع من العمليات الإرهابية، فاق كل خيال، لأنه لم يصل لخيال أى مبدع لتقديم ما نراه الآن، لأننا أمام عقل غائب وفكر مجنون، يحرك هذه الجماعات ويوهمهم بأنهم في طريقهم إلى الجنة، وهو ما يتطلب قراءة عميقة في فكرهم قبل تقديمهم على الشاشة.
وأضاف الشناوى في تصريح خاص لـ«صوت الأمة»، أن صناع السينما لا يقدمون أعمالا عن الإرهاب إلا عندما تتعرض مصر لعمليات إرهابية، مضيفا أنه يجب التعامل مع هذا الملف بشكل أفضل.
وأوضح الناقد الفنى، أن بعض الأفلام، التي قدمت مؤخرا، عالجت هذه القضية بشكل تجارى، مثل فيلم جواب اعتقال، مشيرا إلى أنه يمكن أن تقدم السينما الأعمال الفنية بنفس الطريقة، التي قدمت بها في الثمانينيات والتسعينيات، لأن الإرهاب نفسه يتطور، ويأخذ مناحى جديدة، وعلى صناع السينما، تدارك هذه المسألة، ومحاولة قراءة ما يدور في عقول الإرهابيين والجماعات التكفيرية للقدرة على التأثير عند العرض.
وأكد طارق الشناوى، أن الرقابة في الدول الأجنبية، تسمح بالتفكير، وتقديم الأعمال الإرهابية بلا حدود، وهو ما يساهم في إنتاج أعمال متميزة على عكس الرقابة في مصر، التي تقلق من التعاطف مع الإرهابيين، فتدخل بشكل كبير في السيناريو والأعمال المقدمة، موضحا أنه على الرغم من تعرض الدولة للعديد من العمليات الإرهابية، فإنها لن تسمح بالخيال المطلق في تقديم الأعمال السينمائية، وستراقبه معتمدة على مواصفاتها فقط لتقديم مثل هذا النوع من الأعمال.
من جانبه قال الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، في تصريح خاص لـ«صوت الأمة» أن الدراما تطرقت إلى الأعمال الإرهابية عندما كانت في عباءة الدولة، وكان يحدث حينها تناغم بين القضايا المجتمعية وتليفزيون الدولة، ووجود الدراما في قبضة الشركات الخاصة، التي تبحث عن المكسب والربح، لا يساهم في تقديم الأعمال التي تحتاجها الدولة.
وأضاف نقيب المهن التمثيلية، أنه طالما أن الشركات الخاصة على أرض مصر، وتنتج أعمالا للشعب المصري، فإنه يجب عليها أن تقدم القضايا المجتمعية، التي تخدم الصالح العام.
وأوضح أنه يجب وجود آلية لضمان تقديم الأعمال والقضايا المجتمعية سواء من إنتاج الدولة أو من إنتاج الشركات الخاصة، مضيفا: «محتاجين أعمال تعبر عن اللحظة اللى احنا فيها».
بدورها نظمت نقابة المهن التمثيلية الاثنين الماضى، مؤتمرا صحفيا للتنديد بهجوم مسجد الروضة الإرهابى، والذى وقع في بئر العبد بالعريش، وقالت في بيان لها: «ندين هذا الفعل الخسيس، الذي استهدف أفرادا عزل من أبناء الشعب المصري في أثناء تأديتهم صلاة الجمعة وراح ضحيته أكثر من 305 شهداء، ونناقش دور القوى الناعمة للفن والثقافة المصرية في المواجهة الحقيقية والحاسمة لهذا الإرهاب، الذي فاق في دمويته وحقده وخسته كل التوقعات».