(القتل فى المحراب).. مساجد سيناء مساحة.. صار أشهرها دموية.. مسجد «بلال» ما زال يقاوم الإرهاب بذكر الله (صور)
الأربعاء، 06 ديسمبر 2017 05:00 صمحمد الحر (نقلا عن العدد الورقى)
يُعد مسجد «بلال» بقرية الروضة، التابعة لمركز بئر العبد بشمال سيناء، الذى شهد مذبحة قتل فيها 309 مصلين، وأصيب العشرات أثناء أدائهم صلاة الجمعة، مركزا رئيسيا لأتباع الطريقة الصوفية فى سيناء.
يقع المسجد جغرافيا ضمن مركز بئر العبدغرب مدينة العريش، على مسافة 25 كيلومتراً فى قرية الروضة، التى يبلغ عدد سكانها ٢٥٠٠ نسمة، وتضم المئات من النازحين من جنوب مدينة الشيخ زويد.
ويرتاد المسجد المستهدف، الذى يتسع مبناه وساحاته الخارجية لحوالى 1500 مصلٍّ تقريبا، مئات المصلين من سكان المناطق المجاورة فى محيط 20 كم.
ويعرف مسجد «بلال» بالروضة بارتفاع مئذنته، إذ تشتهر بأنها من أعلى مآذن محافظة شمال سيناء، وتظهر من مسافة بعيدة لكل المسافرين على الطريق الدولى الرابط بين مدينتى العريش وبئر العبد.
ويرتاد أتباع الطريقة الصوفية، المسجد بشكل دائم، وعلى مدار أيام الأسبوع، وتزداد الأعداد بشكل كبير فى المناسبات الدينية، إذ يحيى أتباع الطريقة كل المناسبات والذكريات الدينية، كالمولد النبوى وهجرة الرسول.
وتعرضت إدارة المسجد للتهديد أكثر من مرة خلال الأشهر القليلة الماضية، قبل أن يقتل فى هجوم اليوم المؤذن وخطيب المسجد.
وجاء استهداف المسجد فى الذكرى السنوية الأولى لإعدام تنظيم «ولاية سيناء»، الموالى لتنظيم «داعش» الإرهابى، الشيخ سليمان أبو حراز، الذى يعتبر المرشد لأتباع الطريقة الصوفية فى سيناء، بعدما اختطفه مدة شهر قبل إعدامه.
ويعود غالبية المصلين فى المسجد لقبيلة السواركة، التى تقطن فى تلك المنطقة، وهى قبيلة تعرف بعلاقاتها الجيدة مع السلطات.
خلال جولة «صوت الأمة» بقرية الروضة ودخلنا المسجد، فكانت صدمتنا بالمشهد الدموى، حيث اكتسى السجاد الأخضر للمسجد باللون الأحمر الداكن، وتناثرت القطع البشرية هنا وهناك من أشلاء المصلين الضحايا داخل صحن المسجد.
وثمة قطع آدمية صغيرة ليست بالقليلة متناثرة من عظام الضحايا، وهو ما يدل على أن إطلاق النيران، تم من مسافة قريبة، لدرجة أنه هشم عظام الشهداء وبعثرها، فضلاً عن وجود أكثر من أجزاء من «مخ» بشرى متناثرة على أرضية المسجد وسط الدماء الغزيرة.
فيما تناثرت آثار طلقات الرصاص فى كثير من حوائط المسجد من الداخل، بجانب أكوام من الطلقات الفارغة الملتصقة بكتل متجلطة من الدماء.
أما المنبر والمحراب، فلم يسلما من الطلقات، التى كان من الواضح أن كميات كبيرة منها أُطلقت على هذا المكان، وهو ما يبرز أن إمام المسجد كان مستهدفاً، إلا أن الله كتب له النجاة بعد إصابته، وقد عاد سالما لقريته بمنطقة الحسينية فى محافظة الشرقية.
وفى صحن المسجد، تنتشر عدة «طواقى»، وبعض متعلقاتهم من ساعات، وأغطية الرأس، التى بقيت بعد إجلاء الضحايا والمصابين، فيما كانت معظم الدماء باتجاه الباب الغربى للمسجد، وهو باب ضيق، أمامه من الخارج العديد من بِرَك الدماء، التى من الواضح أنها لأناس تم قتلهم أمام الباب عند محاولتهم الهروب بعد إطلاق النيران عليهم بصورة كثيفة.
بينما تعرضت أجزاء متفرقة من سجاد المسجد للتمزيق بفعل الرصاص المصبوب عليها، وحوائط ثُقبت بفعل رصاص قوى، وتناثر زجاج الفاترينات، التى تحفظ المصحف، كتاب الله،زوهناك مصاحف ممزقة تُغرقها الدماء. ولم تسلم كراسى كبار السن فى المسجد جميعها، تم تكسيرها بفعل الرصاص الغادر، حتى ساعة المساجد المعروفة، التى توضع بجوار المحراب أصابتها طلقة، إلا أن كلمة «لا إله إلا الله.. محمد رسول الله» أعلى الساعة لم يصبها الرصاص الغادر.