سوريا تنتظر تنظيم إرهابي جديد.. الخلافات تشتعل بين "تحرير الشام" و"القاعدة"
الجمعة، 01 ديسمبر 2017 11:00 م
جبهة النصرة لم تعقد بيعة للقاعدة، بل جددتها بناء على تبعيتها السابقة لتنظيم "داعش".. تلك الكلمات كانت بين رد هيئة تحرير الشام أكبر تجمع للميليشيات القريبة من تنظيم القاعدة في سوريا على زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، بعدما اتهما الأخير بنقض البيعة مع التنظيم الأم.
هيئة تحرير الشام، كانت تطورًا هيكليًا لجبهة النصرة والتي كانت تخضع في بدايتها إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وحينما أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الخلافة والانشقاق عن تنظيم القاعدة، أعلنت النصرة انفصالها عن داعش.
الثلاثاء الماضي، اتهم أيمن الظواهري، زعيم جبهة فتح الشام -النصرة سابقًا- أبو محمد الجولاني بـ"نكث العهد"، مضيفا أن ما فعله من تأسيس جبهة فتح الشام يعد انشقاق عن التنظيم القاعدة الأم.
تصريحات الظواهري جاءت في إطار الدعوة إلى فك الخلافات داخل هيئة تحرير الشام، والمشتعلة بين قيادات الهيئة على مدار الأشهر الماضية.
الهيئة ردت على لسان عبد الرحيم عطون، المسؤول الشرعي بالجبهة، إن النصرة لم تعقد بيعة للقاعدة، بل جددتها بناء على تبعيتها السابقة لتنظيم الدولة، مشيرًا إلى أن الطابع العام لكلمات الظواهري كان يتمحور حول توجيهنا إلى الوحدة والاندماج، وأن الرابطة التنظيمية لن تحول دون الوحدة، وأن من سيختاره أهل الشام سيكون خيار القاعدة، وأن القاعدة تضحي بالرابطة التنظيمية في سبيل الوحدة والاجتماع.
وفق مراقبون، فإن الخلاف داخل هيئة تحرير الشام، ليس كما يتم الإعلان عنه حول تطبيق الشريعة في بلاد الشام، ولكن محورها حول الخلاف الحاصل بين "هيئة تحرير الشام" و"القاعدة"، ولذا كانت مبادرة عدد من رموز التيار السلفي الجهادي للصلح بين الجماعات في سوريا.
المبادرة التي تم الإعلان عنها في أكتوبر الماضي، تحدثت عن حل شامل للمشاكل بين مختلف الميليشيات السورية، خاصة بعد المعارك الإعلامية التي نشبت بين المرجعيات السلفية لتلك الفصائل، بسبب تباين المواقف من "هيئة تحرير الشام" وخياراتها.
الإرهابي المصري طارق عبد الحليم، المقيم في كندا، كان قد دعم انفصال جبهة النصرة عن القاعدة، غير أنه تراجع عن موقفه بعدما ظهرت معارضة زعيم القاعدة أيمن الظواهري، لذلك الأمر، ومطالبته "التنظيم" بعودة "الهيئة" إلى مظلته رسميًا.
كذلك المحامي المصري المقيم في لندن هاني السباعي، اتخذ نفس الموقف، في ما يخص مسار تطور "جبهة النصرة" وخياراتها التكتيكية والاستراتيجية.
وكان على رأس التيار الرافض لانفصال تحرير الشام عن القاعدة الأم، الداعية الفلسطيني الأردني عصام برقاوي، المعروف باسم "أبي محمد المقدسي".
المسؤول الشرعي "عطون" كشف عن الخلافات بين القاعدة وجبهة النصرة، في بيانه، قائلًا إن أبو الخير المصري المقتول في فبراير الماضي، وهو نائب الظواهري، وبعد قدومه إلى سوريا عقب خروجه من السجون الإيرانية، بصفقة مع "القاعدة"، دعا الجولاني إلى بناء علاقات مع تركيا، والاتجاه نحو تعزيز العمل السياسي".
وأوضح أن "المصري" رفض أن يتسلم زعامة التنظيم من الجولاني، وكان يرفض فكرة دعوة عامة السوريين لمبايعة القاعدة، مشيرًا إلى أن تلك الفترة "شهدت غيابا تاما للتواصل من قبل الظواهري، استمرت لأكثر من عام".
واتهم عطون قياديا بارزا بالقاعدة في إيران، "بإيصال فكرة خاطئة للظواهري عن فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيمه، بناء على معلومات استقاها القيادي من التيار الرافض لفك الارتباط"، وقال إن "آلية التواصل مع الظواهري سببت مشكلات لدى قادة النصرة، وإن إحدى الرسائل من الظواهري للجولاني اطلع عليها "أبو جليبيب" قبل الجولاني نفسه".
بعيدًا عن الخلافات الدائرة بين أطراف الهيئة والقاعدة، فإن الساحة السورية تستعد لظهور تنظيم قاعدي جديد، وهو ما ألمح له الظواهري في خطابه الذي بثته مؤسسة السحاب المنبر الإعلام للقاعدة، قائلًا: "أطلب من إخواني جنود قاعدة الجهاد في الشام أن يكونوا على تواصل مع قيادتهم، وهي حاضرة لخدمتهم يومًا بيوم بعون الله وتوفيقه".
وقال إن هيئة تحرير الشام حاربت كل من يظهر ارتباطه بالقاعدة، واعتقلت نساءهم، وحققت مع أطفالهم، مضيفًا أنه منح الهيئة مهلة لأكثر من سنة من أجل إصلاح الأوضاع، إلا أن الأخيرة تجاهلت مطالبه، وزادت من التعدي على "الحقوق والحرمات"، وفق قوله.
وأكد الظواهري أنه لم يقبل بحل البيعة لـ"جبهة النصرة"، مضيفا: "البيعة بيننا وبين كل من بايعنا عقد ملزم يحرم نكثه، ويجب الوفاء به"، مخاطبًا من بايعه من تحرير الشام: "اثبتوا عباد الله على عهودكم ومواثيقكم، ولا تتزحزحوا ولا تتذبذبوا لكل صيحة أو شبهة أو دعاية، واحذروا من كبيرة نكث العهد".
ووضع الظواهري خيارين لإنهاء فكرة إعادة القاعدة إلى سوريا، وهي اتحاد جميع "المجاهدين"، وقيام حكومة إسلامية، وفق وصفه، وهو الأمر الذي دفع الهيئة لخروج بيان تقول فيه إن بيعتها لم تكن للقاعدة.
يقول مراقبون إن الأيام المقبلة ستشهد انشقاقات بعد دعوة الظواهري، خاصة بعد إعلانها جماعة "عاصية"، وأن التيار المنشق هو من سيشكل تنظيم القاعدة الجديد، إضافة إلى أنه سيفتح الباب أمام الجماعات المنتمية إلى القاعدة فكريًا ولم تنضوي تحت راية الهيئة.