شفيق..في المصالح كله بيتصالح

الأربعاء، 22 نوفمبر 2017 07:32 م
شفيق..في المصالح كله بيتصالح
أمل غريب

طالعتنا وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية، عن حملة استقالات جماعية تقدم بها أعضاء هيئات مكاتب حزب شفيق "الحركة الوطنية" على مستوى عدد كبير من محافظات الجمهورية، بدأها أمين عام الحزب في محافظة الأسكندرية، وتوالت بعدها الاستقالات .

كان من الممكن أن يمر خبر الاستقالات الجماعية مرور الكرام، لولا أن حزب الحركة الوطنية يرأسه من الخارج الفريق أحمد شفيق، لما عرف عن الرجل من استقامة خلال فتره عمله بالقوات المسلحة المصرية، وقبوله بمنصب رئيس الوزراء قبيل قرار تنحى الرئيس الأسبق مبارك عن الحكم في وقت كان هو الأصعب في تاريخ السياسة المصرية.

مضى شفيق 33 يوما في حكومته، قبل قرار إقالته على خلفية فشله في إحتواء المشهد والشباب الثائر في ميدان التحرير، والذي كان من الممكن أن يقبل بالرجل رئيسا للوزراء لولا السقطات الإعلامية التي وقع فيها شفيق وتصريحاته التي تهكم فيها على الثوار بمقولته الشهيرة "هوزع على الشباب في ميدان التحرير بونبوني"، فكانت أولى نقاط الخلاف بينه وبين شباب الثوار، ثم كان اتهامه بالتسبب في مجزرة "موقعة الجمل" التي هجم فيها العشرات من البلطجية التابعين لمؤيدى مبارك على المتظاهرين، واعتدوا عليهم بالعصي والحجارة وقنابل الملوتوف والسلاح الأبيض، فسقط عشرات من القتلى والجرحى والمصابين، وخرجت المسيرات في اليوم التالي للمطالبة بإقالة شفيق، فقبِل المجلس العسكري استقالته.

كانت استقالة أحمد شفيق بسبب موقعة الجمل و رفض الثوار له، هي الباب الملكي الذي عبر به الرجل إلى قلوب مؤيدي مبارك، بعد أن فتح النار على ثورة يناير واتهم شبابها في كل المحافظات بالخيانة والعمالة وتبنى حملات التشويه للثورة، بعد التفاف مجموعات أسفين يا ريس وأبناء مبارك حوله، بدعم قوي من رجال الحزب الوطني الذين رأوا فيه المسيح المخلص، والنافذه الوحيدة للعودة مرة أخرى للمشهد السياسي على جثة ثورة يناير.

التفاف رجال الحزب الوطني وأرامل نظام مبارك حول أحمد شفيق، فتح أمامه الباب لإقامة حزب "الحركة الوطنية" الذي شكلت جميع أماناته على مستوى المحافظات بدعم مادي لم يقدم لأي حزب أُنشئ في هذا التوقيت الذي كان فيه يخشى الجميع صرف قرش واحد في شراء رغيف عيش لمُحتاج، بحجة القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود، وتبنى الحزب من اللحظة الأولى جمع شتات أبناء مبارك وأسفين يا ريس بالتنسيق مع الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز أبن خلدون، واستأجروا مقرات سرية في أفخم عمارات شارع  محمود بسيوني بميدان التحرير، والدقي والمنيل وميدان مصطفى محمود، من أجل متابعة سير حملات لجانهم الإلكترونية التي كانت تشن حربا على ثورة يناير وشبابها.

في نفس الوقت كان الفريق أحمد شفيق يعقد اجتماعات مع رجال الحزب الوطني لوضع ترتيبات خوضه الانتخابات الرئاسية الأولى في 2012، والتي خسرها أمام منافسه المعزول محمد مرسي، بعد تعمد شباب الثورة مقاطعتها رفضا للإخوان ورجال نظام مبارك، ووصفوها وقتها بالإختيار بين السرطان والطاعون.

بعد خسارة شفيق للانتخابات الرئاسية، تيقن أن الجماعة الإرهابية لن تتركه يعيش ما بقي من عمره في سلام، ووصله نيتهم في محاكمته والتكيل به، فقرر مغادرة مصر على الفور إلى دبي، وفضل البقاء بها متابعا تطور الأحداث بعد استيلاء الإخوان على السلطة وكذلك متابعة أعمال حزبه.

شارك رجال الفريق أحمد شفيق، بتعليمات صريحة منه، في اعتصام ميدان التحرير الذي كان يتصدى فيه شباب الثورة لفاشية الإخوان، وعلى الرغم من رفض الشباب الثوري لوجود رجال شفيق وسطهم في الاعتصام، إلا أنه كانت أصوات تنادي بضرورة التكاتف الوطني لإزاحة الإخوان ومنعهم من إسقاط مصر في براثن التفتيت والتقسيم، وكنت أنا كاتبة هذا المقال، واحدة من هذه الأصوات، فقد كان الوقت لا يتحمل التنظير السياسي أو الفرقة والتفتيت، حيث أن ضياع الأرض سندفع ثمنه غاليا، فقَبِل من قَبل ورفض من رفض، حتى كانت اللحظة الحاسمة التي انتظرناها جميعا على مدار عام كامل، وقامت ثورة 30 يونيو التي هي في الأصل الموجة الثانية لثورة يناير.

بعد 30 يونيه، استقرت الأوضاع داخل مصر، وتحمل شعبها وقياداتها دفع فاتورة إسقاط حكم الإخوان، وأضيفت إلى قائمة دماء شهداء يناير وما تلاها من أحداث، قائمة دماء جديدة من شهداء أبناء الجيش والشرطة، ولم يكن الفريق شفيق بعيدا عن المشهد السياسي، فقد كان رجال حزبه يستعدون لخوض الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة، ودفع الحزب بـ70 مرشحا على المقاعد الفردية وكانت المفاجأة لم ينجح أحد عدا مقعد في دائرة الإسكندرية فاز به سمير البطيخي، الذي قدم استقالته مؤخرا من أمانة الحزب.

إلى هنا والأمر يبدو عادي، لكن الذي لم يكن حقا أمر عادي، هو اتجاه الفريق أحمد شفيق لعقد صفقات سياسية مع أعداء الأمس، واتفاقه مع رموز "نكسة مجيدة" كما يحلوا للجانه الإلكترونية وصفهم، وهو الذي خصص لمهاجمتهم وفضحهم عبر لجانه الإلكترونية ملايين الجنيهات، فكانت الصورة التي نشرها الناشط حازم عبد العظيم له مع الفريق أحمد شفيق عبر حسابه على تويتر أثناء لقائه به في دبي لوضع اللمسات النهائية لدعم القوى السياسية المعارضة لشفيق، إلا أن الكارثة الأكبر في دعم جماعة الإخوان الإرهابية لترشح شفيق للانتخابات الرئاسية المقبلة، ليس عنداً في الرئيس السيسي كما يزعم النشطاء السياسيين "الينارجية" أو كما يروج بعض "الإخوانجية"، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير، وهو ما سأكشف عنه في مقالي القادم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق