بعد 6 سنوات من وفاته.. الكشف عن قصة هروب ابنة أسامة بن لادن من طهران
الإثنين، 20 نوفمبر 2017 07:07 موليد نصر
مازالت وثائق أبوت آباد تبوح بأسرار "تنظيم القاعدة"، وزعيمه أسامة بن لادن، وخفايا العلاقات الوثيقة التى تجمعهم بالحرس الثورى الإيرانى، إلى حد أن قادة التنظيم فكروا جدياً، بإنشاء مكتب للقاعدة فى إيران لاستقبال المقاتلين، وتسفيرهم إلى مواقع خارجها.
ومن بين الوثائق، ثلاث رسائل مهمة، كشفت عن أسماء وتفاصيل إقامة أسرة بن لادن، وقيادات التنظيم فى طهران، وتنقلهم بحرية ما بين المدن الإيرانية سواء بالطائرة أو القطار، وصولاً إلى تفاصيل هروب "إيمان"، ابنة أسامة بن لادن، ولجوئها إلى السفارة السعودية بطهران عام 2009، وحيثيات خروج عدد من قيادات القاعدة من الوصاية الإيرانية.
ومن أبرز هذه الرسائل كانت رسالة "أبو سهل"، منسق القاعدة، مع الحرس الثورى الإيرانى، الذى أمضى سبع سنوات فى إيران، "أبو سهل" وهو صهر أيمن الظواهرى الزعيم الحالى لتنظيم القاعدة، وشقيق "أبو عمار"، المقتول فى قضية العائدين من أفغانستان عام 1993م، وغادر إيران بصحبة "سيف العدل"، المسئول العسكرى لتنظيم القاعدة، كما أن "أبو سهل"، هو والد زوجة خالد نجل "محمد شوقى الإسلامبولى"، شقيق قاتل الرئيس المصرى أنور السادات (خالد)، والذى أسهمت مساعيه فى توفير ملاذ آمن، لقيادات التنظيم الفارين من أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر.
ويقول"أبو سهل"، فى رسالته للتنظيم، يبعث بتقرير مفصل، عن رحلة أسرة زعيم القاعدة، وقيادات التنظيم فى إيران، وأوضاع إقامتهم هناك، تنفيذاً لطلب القيادى بالتنظيم، المكنى بـ"أبو سعيد".
ويقول أبو سهل فى تقريره أو رسالته المهمة: "كنت لمدة ثلاث سنوات، مع الإخوة الأفاضل، و"المشايخ" الكرام، أبو الخير، وأبو محمد الزيات، وسيف العدل، وأبو حفص الموريتانى، وأبو غيث، ومحمد شوقى الإسلامبولى، وأبنائك النجباء، عثمان، ومحمد، وحمزة، ولادن، وهم أصدقاء أعزاء لى".
ويركز أبو سهل، على إفادة "بن لادن"، تفصيلا بالأحداث عقب اغتيال ابنه بطائرة دون طيار فى أفغانستان، بعد فراره هاربا من إيران، وتحقيقات الإيرانيين بشأن هروبه، هنا يستكمل أبو سهل قائلا: "بعد هروب سعد من مدينة يزد بإيران، وكان يقيم معه فى نفس المكان، كل من سيف العدل، وعثمان، ومحمد، وحمزة، ولادن، مع أسرهم إضافة إلى الحاجة أم حمزة (زوجة بن لادن)، وكريمتك إيمان، وأهل سعد، بدأ تحقيق روتينى بلا ضغوط واتهموهم بمساعدته فى الهروب، مع التضييق عليهم فى الطب والأسواق التى كانت من قبل شبه أسبوعية".
ويأتى انزعاج أبو سهل، صهر الظواهرى، من القيود الإيرانية عليهم، عقب هروب "سعد"، سرعان ما تبدل، حسبما يبين من رسالته، موضحا: "بعد مرور شهرين، بدأ الإيرانيون، تخفيف الضغوط، والسماح بالخروج للطبيب والأسواق مرة أخرى، والزيارات، من يزد إلى طهران، لوجود روابط أسرية، فكان عثمان يأتى كل ثلاثة أشهر لزيارة عمه أبو جعفر، ومحمد لزيارة عمته أم حفص، وحمزة مع والدته ولادن وابنتكم يأتون، لزيارة أختهم زوجة أبو غيث، وباقى الأقارب، مرة بالطيران ومرة بالقطار وأخرى بالباصات الخاصة".
الدروس الشرعية لحمزة فى طهران
وهنا يتحدث "أبو سهل"، عن انتقال "حمزة"، نجل بن لادن، إلى طهران لتلقى الدروس الشرعية، على يد أبو حفص الموريتاني، والزيات، والذى كان ينتظر لحاق إخوانه به بعد تهيئة المكان الذى خصص لجمعهم مرة أخرى فيه.
وبعد عام على إقامة أسرة بن لادن، وقيادات التنظيم فى مدينة يزد الإيرانية، انتقلوا للإقامة فى مدينة طهران، وهنا بدأت الوعود الإيرانية، لأم حمزة، وزوجة سعد، ولادن، وابنة أسامة بن لادن بالانتقال إلى وزيرستان، إلا أن المماطلات الإيرانية استمرت لعدة أشهر، بحجة خطورة الطريق وانغلاق المنافذ، حسبما يقول أبو سهل، فى رسالته، ومشيرا بتوفير الإيرانيين، فى السنة الأخيرة، لأسرة بن لادن، وقيادات القاعدة، إمكانية استخدام "الإنترنت" لمدة ساعتين أسبوعيا، دون إرسال أى رسائل.
وبعد التسويف الإيرانى المتكرر، أعدت ابنة زعيم القاعدة، "إيمان"، خطة للهروب، مع أخيها لادن قبل عيد الأضحى، أثناء خروجهما، لحى السفارات، برفقة أم حمزة وزوجة سعد، لشراء ملابس العيد.. ما زال "أبو سهل"، يروى القصة لبن لادن موضحا: "كان يحرسهم رجلان وامرأة، فاستطاعت ابنتكم الفرار من الحراسة النسائية، والخروج من المحل، والدخول إلى السفارة السعودية".. بعدها فتح الإيرانيون تحقيقا، فى هروب إيمان، وهنا قال أبو سهل: "حققوا معهم بدون ضغوط، ثم أرسلوا إلى عثمان، وحمزة، وأحمد، وقالوا لهم إنكم رتبتم لهروب أختكم، وبعد عدة ساعات، أتوا بكل أفراد أسرتكم إلى بيوتهم".
واستطرد أبو سهل، "أخبرنى لادن، أنه لم يستطع الهروب مع أخته إلى السفارة السعودية، لشدة التفات الحراسة له، وأن أخته كانت تظن أنه سيلحق بها إلى السفارة".
عقب خمسة أيام تواصلت "أم عبد الله"، زوجة بن لادن المتواجدة فى سوريا، ووالدة إيمان، عبر شريط شدا، برسالة sms ، إلى أبنائها لطمأنتهم بشأن وصول أختهم إلى السفارة السعودية، وأنها على اتصال دائم بها، بعد توفير السفارة هاتفا شخصيا، وأخبرتهم أن إيمان تسعى للسفر إلى السعودية، وأنها ستلحق بها بعد ذلك".
ولم يقبل الإيرانيون، وفقا لما جاء فى التقرير المرسل لأسامة بن لادن، عودة ابنته إلى السعودية، وأمر الحرس الثورى الإيراني، عثمان نجل بن لادن، بأن يكلم والدته، لتطلب من السفارة الإيرانية فى سوريا، إلحاق ابنتها بها هناك، على أن تتقدم أمهم بطلب للسفارة السعودية، لسفر ابنتها إلى سوريا وليس إلى السعودية".
وأخبر الإيرانيون "عثمان"، وإخوته بأن أختهم ستظل فى السفارة، إلى أن يشاء الله، إلا إذا طلبت الخروج إلى سوريا، لتبقى إيمان بالسفارة السعودية فى طهران شهرين بسبب التعطيل الإيراني، ليتزامن خروجها، مع إخراج باقى عناصر القاعدة من إيران عقب تسرب أمر إقامتهم فى طهران إلى وسائل الإعلام.
وبعد مرور ثلاثة أسابيع، أبلغ مسؤول فى الاستخبارات الإيرانية، "لادن"، بسفره إلى سوريا، وهو ما تم بالفعل، بصحبة المسؤول المباشر للملف أبو محمد (استخباراتى إيراني)، حتى أوصله إلى منزل والدته فى سوريا.
تابع أبو سهل: "بعدها أتوا لنا بحقيبة حامد وأخبروا عثمان أنهم قد اشتروا له ملابس وحقيبة أخرى، وأنهم أخذوا منه جميع الرسائل والصور للأطفال وردوها إلى إخوانه".
وقال أبو سهل فى رسالته: "جاء مسؤول الاستخبارات إلى الأخوة، وأخبرهم أن ملف القاعدة لابد أن يغلق بعد حادث هروب إيمان، وأنهم سيبدؤون بجدية فى تسفير الناس، وأخبروا أبناءك، أنه لم تعد لهم أهمية بعد خروج الأخبار إلى الإعلام، وأنه لابد سفرهم بسرعة من إيران، وأن الإيرانيين يفضلون لهم السفر على سوريا، وأن السوريين بدورهم، يرحبون باستقبالهم".
بالمقابل طلب عثمان، ومحمد، أبناء بن لادن من الإيرانيين، الانتقال إلى وزيرستان، وكذلك حمزة ووالدته، أما سيف العدل، وأبو حفص الموريتاني، فهم آخر من سيفرج عنهما، وفقا للتوجيهات الإيرانية.
اختتم صهر الظواهرى رسالته: "تركت الأخوة هناك على أساس أنى وابن الأخ أبو جهاد المصرى (هارون) طليعة القادمين من هذه المجموعة، وعلى أن الطريق جديد لم يسلكه أحد قبلنا، فأراد الإيرانيون أن يجعلونا تجربة للطريق".
أسماء قيادات القاعدة فى إيران
قبل نجاح "إيمان" فى اللجوء إلى السفارة السعودية بطهران، وتسرب خبر إقامة أسرة زعيم القاعدة، تحت حماية الاستخبارات الإيرانية، كشفت رسائل أخرى عن حيثيات إفراج إيران عن قيادات أخرى من القاعدة وذلك ما بين عامى 2004 و2008.
وإحدى هذه الرسائل، كتبها "عطية الله"، وكشف فيها لأسامة بن لادن، عن خلفية إفراج "إيران"، عن قيادات الصف الثانى والثالث، من "القاعدة"، فى عملية تبادل، بـ"القنصل التجارى الإيراني"، الذى اختطفته القاعدة، فى بيشاور 2008، وتمت العملية عبر وسيط ومنسق "بلوشي"، فى زاهدان، وشملت هذه الصفقة التى تمت على دفعات كلا من عبد المهين المصرى مع عائلته، وسالم المصرى من مقاتلى جماعة الجهاد مع عائلته، وأبو صهيب المكى وعائلته، يمنى الجنسية، وأبو صهيب العراقى مع عائلته، والزبير المغربى مع عائلته، وأحد المقاتلين فى الجماعات الليبية، وخليفة المصرى وعائلته.
وواصل عطية الله: "أرسلوا خبرا مع المنسق، أخ بلوشى فى زاهدان هو الذى يسلمونه إخواننا، وهو يحولهم إلينا، وأنهم سيسلمونه عائلة أزمراى (يقصد أسرة بن لادن) قريبا، وربما خلال أسبوع، وقالوا له العائلة، نساء وأطفال بدون رجال، ونحن من جهتنا جاهزون لاستقبالهم وسأعاون فى تيسير الأمور.. وسربوا لبعض الإخوة الذين أطلقوهم أنهم سيطلقون سراح المزيد من الدفعات فى القريب.. ويمكن أن يبدؤوا ببعض هؤلاء فى دفعة أبى حفص العرب، وأبى زياد العراقي، وأبى عمرو المصرى ونحوهم".
وبالمقابل كشفت رسالة أخرى وجهها المكنى بـ"مكارم"، إلى قيادة القاعدة عن دور الزرقاوى التفاوضى مع الحرس الثورى الإيراني، بشأن القنصل التجارى الإيرانى فى بغداد والذى تم اختطافه بعد معركة الفلوجة فى 2004، قائلا: "كان اجتهاد الإخوة أن يرسلوا مع هذا الأسير رسالة شديدة اللهجة إلى إيران بشأن إخواننا الأسرى، وأن تتوقف فى الكشف عن هويات الإخوة المعتقلين لديها عن طريق التسريب الإعلامي، فقد سربوا أسماء مثل سيف العدل وأبو غيث وأبو محمد وغيرهم، وتهديدهم بعدم التدخل بشؤون العراق، ومطالبتهم بإطلاق سراح الإخوة"، مضيفا: "بالفعل التزم الجانب الإيرانى بعدم تسريب أسماء جديدة إلى الإعلام عن المعتقلين لديهم وتخفيف وضع الإخوة فى السجن عندهم شيئا ما".
وحيوية الموقع الجغرافى لتنظيم القاعدة فى إيران تظهر من خلال رسالة أخرى، لـ"أبو صالح"، المتواجد فى طهران، متحدثا فيها عن مدى استعداد تنظيم القاعدة، عسكريا، وماديا، إعلاميا، وفكرة إنشاء مكتب للتنظيم فى إيران، لاستقبال المقاتلين وتسفيرهم لمواقع خارج إيران، قائلا: "كان علينا الاعتماد على أنفسنا حتى إننا فكرنا فى عمل مكتب لنا فى إيران، لاستقبال من يأتينا أو تسفيره، وربما تأتى شهور، ولا يأتينا أحد أو نسفر أحد ثم تراجعنا عنها للكلفة المالية".