بالصور.. حكايات الناس الشقيانين
الأحد، 20 ديسمبر 2015 06:59 م
أقدارهم فرضت عليهم العمل فى مهن قلما يلجأ إليها الإنسان العادي، تتطلب مواصفات خاصة واولها الصبر وقدرة التحمل على قضاء الله وحكمة، مع فجر كل يوم جديد يخرجون طالبين من الله عز وجل فتح أبوابه لهم، حتى أن يعودوا جميعهم فى نهاية اليوم حاملين فى أيديهم لقيمات من العيش لسد بطون أبنائهم،.. كلمات قلما تصف حال أصحاب المهن البسيطة الكادحة.
وقامت « صوت الأمة » بجولتها الميدانية فى الشارع المصري لتحتك بهم ولتتعرف عن قرب مآسي يومياتهم.
«عامل صرف صحي»
المهنة فى البطاقة حاصل على مؤهل بدرحة غواص فى الصرف الصحى،.. إنه عامل «الصرف الصحى» والذي يعايش الموت في اليوم بين الحين والأخر، إنهم يخاطرون بحياتهم من أجل لقمة العيش ويتغاضون عن المخاطر التي يتعرضون لها في هذه المهنة لأنه ليس لديهم عمل آخر أو سبيل بديل للرزق فمات من مات منهم متأثرا بمرضه لأنه لم يجد ثمن العلاج ومنهم من اختنق بالغازات السامة أثناء عمله في المجارى وغرف التفتيش.
«بشتغل غصب عنى عشان أصرف على أولادى منذ 18 عام».. هكذا استهل «محمد.ع»، عامل صرف صحي، متزوج ولديه 6 أولاد، يقول: « أعمل بالصرف الصحى منذ أكثر من 18 عام ولا يوجد بديل لها أجبرت على العمل من أجل النفقة على أولادى أصغرهم خالد محمد فى الصف الرابع الابتدائى الذى يؤكد على مخاطر تلك المهنة الصعبة التى تصعب على الجميع العمل بها إلى أنها تجلب مختلف الامراض لجميع العاملين فضلا عن رائحة الغازات السامة».
«القبطى» صانع المنابر
أربعون عاما قضاها بين المسجد والكنيسة، يصنع منابر المساجد ويحضر قداس الأحد،..إنه عم أبوشنودة أو «العم كراس جرجس ميخائيل»، الذي يعيش في نجع حمادي بمحافظة قنا، قضى أغلب سنوات عمره في مهنة النجارة، واختار أعقد أجزائها وهي صناعة المنابر للمساجد، التي تحتاج لمهارة مضاعفة، لأن أغلب مراحلها تتم بشكل يدوي ولا تتوافر لدى الكثيرين، لم يكن تردد أبوشنودة على المساجد وقضاء وقته بها إلا تأكيدا على الروح الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في صعيد مصر.
بدأ العم «كراس» مشواره بصناعة المنابر، حين طلب منه صديق أن يصنع له منبرا فوافق، بعدها بفترة تغيب عنه إبنه المجند وإنقطعت أخباره، فأخذ يدعو الله فى المسجد أن يرد له ابنه، موقنا بأن المسجد والكنيسة كلها بيوت الله، ولكنه أعتقد أن الله لم يستجب له فكاد يوقف عمله بصناعه المنابر، لكن لم يمر وقت طويل حتى جاءته أخبار سارة تطمئنه على ابنه، فتعهد بأنه لن يرفض صنع أي منبر، ونذر على نفسه أن يتحمل ثلث التكلفة.
عم راضي «المكوجي»
«محله الصغير الذي يقترب عمره من الستين، والزقاق الذي يسكنه، ومكواته القديمة التي يحركها بقدمه».. كلمات تصف حال عم «عبد الفتاح راضي» أقدم مكوجي في حي الحسين، ينحني عم عبد الفتاح من الصباح الباكر علي «المكواة الرجل» ولا يرفع قدمه ونصفه الأعلي عنها إلا بحلول المساء، هكذا اعتاد أن يقضي يومه في عمله المرهق، ولا ينسي أن يطلب بين وقت وآخر مشروبه المفضل: حلبة باللبن، من المقهي المجاور له.
داخل محله الذي لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار، إنزوي عم «راضي» في أحد أركانه ليحكي ذكرياته عن المهنة التي لم يعرف غيرها منذ كان عمره ٨ سنوات، وحبه لها الذي جعله يتحمل مشقتها، طالما أنها تحملته في كل أحواله، وكانت سببًا في توفير حياة كريمة له ولأولاده طوال تلك السنوات، ويذكر عم راضي أن سنوات إزدهار مهنته كانت أفضل كثيرًا من الآن، وأنه كان يتقاضي ثلاثة قروش عن كيه القطعة الواحدة.
ويمتلك عم راضي «مكوتين رجل» هما رأس ماله، يعمل عليهما بالتبادل، حيث يستغرق تسخين الواحدة منهما ربع ساعة كاملة، وتكوي من ثلاث إلي أربع قطع، وتصل إلي درجة البرودة في ربع ساعة أيضًا، ويعترف عم راضي بأن مرور الزمن يغير الاشياء كما حدث مع مهنته التي أوشكت علي الانقراض، ولكنه يؤمن بأن لكل شخص رزقه الذي يمنحه الله، وهو لايزال يحتفظ ببعض زبائنه الذين يفضلون «المكواة الرِجل» لأن نتيجتها أفضل.
صانع الحُصر اليدوية
صناعة الحُصر اليدوية في كفر الحُصر بمدينة الزقازيق إندثرت، أختفت معالها لم يتبق من صانعيها سوى ثلاثة أشخاص أو أكثر بقليل تتراوح أعمارهم مابين السبعين والثامنين عاما.
يروى محمد على، 71 عاما، أحد أقدم من احترفوا مهنة صناعة الحصر، تفاصيل الصناعة من المهد إلى اللحد فيقول:« مضيت فى المهنة مايقرب الـ60 عام فمنذ أن كنت طفل ذات الـ9 أعوام أتممت القرأن الكريم حفظًا وكانت الفرصة سانحة للإلتحاق بالأزهر ولكن وقفت الظروف المادية عائقًا أضطر والدى لإخراجى من التعليم ليعلمنى صناعة الحصرالتى كانت مصدر الرزق الأساسى فى هذا الوقت».
ويتابع: « كان والدى أول الذين أدخلوا الحرفة إلى المحافظة بعد أن تعلمها فى الفيوم فعكفت على تعلمها علي يديه حتى أصبحت من المهرة فى صناعتها ولكن توقفت عنها منذ مايقرب 18 عام.
لينتقل الحج محمد ويسرد لنا أهم نقاط صناعة الحصر: «الحُصر تصنع من أشياء طبيعية تماما ونبات « السمار» مكون الأساسى لها ويزرع فى الفيوم «السمار الزرباوى» ويأتى من الفيوم ولكنه نوع ردىء نوعا ما وكان يقبل على شراءه الفقراء.
بينما النوع الثانى هو « سمار الوادى» ويأتى من القصاصين والإسماعلية وهو أكثر جودة ويقبل على شراءه المستويات الأعلى ماديًا.