على جمعة قال إنهم يدينون بدين ابن خالة المسيح
«الصابئة».. أتباع يحيى بن زكريا.. يعتقدون بوجود 360 نائباً لله على الأرض ويعبد بعضهم الملائكة!
الأربعاء، 22 نوفمبر 2017 12:00 م أعد الملف - عنتر عبداللطيف " نقلاً عن العدد الورقى"
«الصابئة» ينسخ مشايخها كتبهم بأيديهم، فلا يجوز طبعها، ويقدسون «صحف آدم»، ولا يأكل رجل الدين من دار غير داره، إلا إذا كان قد عمد صاحبها بيده، والصالحون منهم يذهبون بعد الوفاة إلى عالم الأنوار، أما المذنبون فيذهبون إلى عالم الظلام.
لا يجيزون الاغتسال إلاّ بماء الأنهار الجارية، وتقتصر هيئة الصلاة عندهم على الوقوف والركوع والجلوس على الأرض من دون سجود، وتؤدى ثلاث مرات فى اليوم، قبيل طلوع الشمس، وعند الزوال «الظهر»، وقبيل غروبها، ويمتنعون عن أكل اللحوم 36 يوما، مقسمة بين أيام السنة، مشابهة للصيام عند المسيحيين، وإن كان بعضهم يجامل المسلمين بالصيام معهم فى بداية شهر رمضان، كما يعتقدون بوجود الخالق وتنزيهه، وأنه حى أزلى، لكنهم يعتقدون– أو يعتقد بعضهم- أنه يأتى بعد الإله فى المنزلة 360 شخصا، خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، إلا أنهم ليسوا بالآلهة.
«الصابئة»، قال عنهم الدكتور على جمعة- مفتى الديار المصرية الأسبق، إنهم أتباع سيدنا يحيى بن زكريا، نبى الله، وقد جاء بديانة قبل سيدنا عيسى، لأنهما كانا أولاد خالة، أى أن السيدة مريم، كانت خالة سيدنا يحيى، فهم أصحاب ديانة سماوية، وفق «الشيخ جمعة».
الدكتور على محمد عبد الوهاب، أستاذ الأديان والمذاهب بجامعة الأزهر، قال إن هناك اختلافا فى تحديد معنى كلمة «صابئة»، وأرجع الكلمة إلى اشتقاقها من « صبَأ» الآرامية، التى تعنى التعميد أو الصباغة، حيث يشكل التعميد أحد أهم شعائر وطقوس الصابئة المعروفين أيضا باسم المندائيين.
يستعرض الدكتور عبدالوهاب فى كتابه «الصابئة»، آراء العلماء المسلمين وعلماء الملل والنحل فى الصابئة، وقد تباينت آراء العلماء، تباينا كبيرا، فمنهم من قال إن الصابئة «قوم بين المجوس واليهود والنصارى»، ليس لهم دين، وهو قول مجاهد، وسعيد بن جبير، فى حين ذهب الربيع بن أنس، وجابر بن زيد، والضحاك، وإسحاق بن راهويه إلى أن «الصابئة» فرقة من أهل الكتاب، يقرأون «الزبور»، وروى عن الحسن البصرى، أنه قال «إنهم كالمجوس»، وفى رواية أخرى عنه أنه قال «هم قوم يعبدون الملائكة».
ويتميز نظام رجال الدين الصابئة بالطبقية، وتتلخص أهم درجات الكهنوت فى أقسام خمسة:1ـ الحلالى: ويسميه العامة «الشماس» أو «الشكندة». 2ـ الترميذة: وهى وظيفة كهنوتية أعلى من الأولى، ويصل إليها الحلالى إذا فقه كتابى «سدرا دنشماثا، وأنيانى»، أوحفظ قسما كبيرا منهما. 3ـ الكنزبرا: ويشترط الصابئة فى الترميذة الذى يريد أن يرتقى إلى درجة «كنزبرا» أن يكون حافظا لكتاب «الكنزا»، ومطلعا على كثير من التفاسير والشروح الدينية ومتزوجا، وسبق له أن عقد مهرا لـ «ترميذة» من قبل. 4ـ الأرشمة: وهى كلمة مندائية معناها «رئيس الأمة»، وليس بين الصابئة اليوم من بلغ الدرجة بعد. 5ـ الربانى: ويعتقد الصابئة أنه لم ينل هذه المرتبة من السابقين حتى الآن إلاّ يحيى بن زكريا، عليهما السلام، ووفق الكتاب، فهناك أحكام عامة تتعلق برجال الدين من قبيل أنه لا يجوز لرجل الدين أن يأكل من دار غير داره، إلاّ إذا كان قد عمد صاحبها بيده.
ويستعرض الدكتور عبدالوهاب، عقيدة الصابئة، ويحصرها فى 4 أمور، وهى عقيدتهم فى الخالق، حيث إن الصابئة يعتقدون بوجود الخالق وتنزيهه، وأنه حى أزلى لكنهم يعتقدون- أو اعتقاد بعضهم- أنه يلى الإله فى المنزلة 360 شخصا، خلقوا ليفعلوا أفعال الإله، إلاّ أنهم ليسوا بالآلهة، ويعتقد الصابئة أنهم يتبعون تعاليم آدم، عليه السلام، وإليه ينسبون كتابهم المقدس «كنزا» -صحف آدم- غير أن تقادم العهد على الرسول الأول للدين، ونشوء بعض المذاهب الزائفة والأديان والوثنية أدخلت تعاليم غريبة فى الدين، فجاء يحيى، عليه السلام، ليخلص الدين من هذه المذاهب الدخيلة، ولم يكن رسولا، بل نبيّا خاصا بهم.
أضاف عبد الوهاب، أن اعتقادهم بالملائكة: يسمونهم «الروحانية أو الروحانيين»، ويتقربون إلى الله بهم، لأنهم يعتقدون باستحالة الوصول إلى الله عز وجل، وينقل المؤلف عن الشهرستانى قوله عن الصابئة، إنهم اعتبروا الروحانيات « الملائكة»، هم الأسباب والمتوسطون فى الاختراع والإيجاد، وتصريف الأمور من حال إلى حال، وعقيدتهم فى اليوم الآخر: يعتقدون أن الصالحين منهم يذهبون بعد الوفاة إلى عالم الأنوار، وأن المذنبين يذهبون إلى عالم الظلام أو النار الموقدة، وهم لا يقرون بقيام الأجسام بعد وفاتها، وإنما تحاسب النفس خاصة، ويرى الدكتور عبدالوهاب أن هذه الاعتقادات واعتقادات أخرى، تتعلق بفكرة الخير والشر، وبدء الخليقة والكون، تحمل فى طياتها بعدا عن منهج التوحيد، كما يظهر من بيان عقيدتهم المشار إليها أعلاه، وفق قوله.
وفق الدكتور «عبدالوهاب»، فقد مرت الصابئة بأطوار أولها عبادة النجوم والكواكب، التى كانت مشتهرة أيضا عند الأمم السابقة أمثال البابليين والمصريين القدماء والفرس واليونان.
وكانت ديانة الصابئة خلال هذا الطور، تعتقد بتعدد القوى المدبرة لهذا الكون، وبوجود قوة أعلى تهمين على هذه القوى وتدبرها، كما زعموا أن ما يقيمونه من عبادات وطقوس عبارة عن وسائط، تقربهم من تلك الأجرام والكواكب، التى حلت فيها القوة، وما زال فى عقائد الصابئة شىء من تعظيم الكواكب والنجوم، لاسيما الكواكب السيارة السبع، وكذلك النجم القطبى، الذى هو عبارة عن القبلة، التى يتوجه إليها الصابئة فى فروضهم.
الطور الثانى، ويتمثل فى الانتقال من عبادة الأجرام إلى عبادتها على هيئة الأصنام والرموز، ولايزال الصابئون الحاليون، يقدسون مظاهر الطبيعة، ويرون فى النار والشهب والرعد والبرق، وسائر الظواهر الجوية، رمزا يعبر عن إحدى تلك الكواكب، وقد تخيلوا لتلك الأجرام العلوية أشكالا خاصة، نحتوا على صورها التماثيل المقامة فى الأماكن المرتفعة.
أما الطور الثالث: فقد شهد تأثر تعاليم دينهم بالفلسفة نتيجة لانقطاع رهبانهم، وكهنتهم إلى الدراسة والعبادة، وكانت الأبحاث، تدور عن حقيقة التمثيل والقوة وعن قابلية الكواكب واستعدادها، وعن التأثيرات الكونية وعلاقتها بهذه الكواكب، وعن خواص الأسماء والحروف.
وتأثر الطور الرابع بالفترة التى سبقت ظهور المسيح عيسى بن مريم، عليه السلام، والفترة التى تلته، فقد مال الصابئة إلى الاعتقاد بأن يوحنا المعمدان «يحيى عليه السلام»، هو الرجل المجدد المنتظر، فاعتقدوا به، وعظموه، ومازال الصابئة حتى الآن، يذكرون له بعض التعاليم، ويعتقدون به كنبى مجدد أرسل إليهم دون غيرهم من البشر، لافتا إلى خطأ مفاده بأن الصابئة انقرضت منذ ظهور المسيح، واندمجت فى النصرانية، لأن الصابئة أو معظمهم مازالوا يقدسون، ويعظمون الكواكب والنجوم.
كما يستعرض المؤلف، كتب الصابئة، حيث أن لهم عددا كبيرا من الكتب المقدسة باللغة المندائية، التى يعتقد الصابئة أن آدم عليه السلام، كان يتكلم بها. وهذه الكتب غير مطبوعة، وقد قام بنسخها رجال الدين، طيلة قرون عديدة. وأعظم كتبهم يسمى «كنزا ربا»، أى الكتاب المقدس، ويسمونه أيضا «صحف آدم»، ويتحدث عن التوحيد وصفات الخالق، والمباحات والمحرمات، وبدء الخليقة، وغير ذلك، ومن الكتب المقدسة عندهم: «سدرا يهيى»، أى تعاليم يحيى، ومنها أيضا: «العلستا، وسدرة أونشماثا، والديوانات، وسفر ملواشى» وغير ذلك.
سأل أحدهم من هم الصابئون المذكورون فى سورة البقرة؟ وهل هو دين سماوى، ومن هو النبى الذى أرسل إليهم؟ وهل هم موجودون فى الوقت الحاضر؟جاءت الإجابة، وفق موقع إسلام ويب، المهتم بالفتوى كالتالى: «فقد جاء فى تفسير القرطبى عند تفسير الآية المشار إليها فى السؤال ما نصه: اختلف السلف فى الصابئين، فقال قوم: هم من أهل الكتاب، ولا بأس بذبائحهم، ومناكحة نسائهم».
تضيف الفتوى: «وقال آخرون: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى، إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح، عليه السلام، وقال آخرون: هم قوم تركب دينهم من اليهودية والمجوسية، لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، وقيل: هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى القبلة، ويقرأون الزبور، ويصلون الخمس، ثم قال: والذى تحصل من مذهبهم، أنهم موحدون معتقدون تأثير النجوم، ولهذا أفتى أهل العلم بكفرهم. وفى الموسوعة الميسرة: أن طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، التى تعتبر يحيى نبيا لها، هى طائفة المندائية، يقدسون الكواكب والنجوم، ومن معالم دينهم الاتجاه نحو القطب الشمالى، وكذلك التعميد فى المياه الجارية».
تتابع الفتوى: «وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، فالحنفاء بمنزلة من كان متبعا لشريعة التوراة والإنجيل قبل النسخ والتحريف والتبديل، وهؤلاء حمدهم الله تعالى، وأثنى عليهم، وأما الصابئة المشركون: فهم قوم يعبدون الملائكة، ويقرأون الزبور، ويصلون فهم يعبدون الروحانيات العلوية، وبهذا يتحصل عندنا أن الصابئة عدة مذاهب وفرق، فمنهم من يعتبرون أنفسهم أتباعا لنوح، عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يتبع يحيى بن زكريا، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والنصرانية، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والمجوسية، أما عن أماكن وجودهم اليوم، فإنهم موجودون فى العراق وإيران، وفى الموسوعة الميسرة: أنهم ينتشرون على الضفاف السفلى من نهرى دجلة والفرات، ويسكنون فى منطقة الأهوار، وشط العرب، ويكثرون فى مدن العمارة، والناصرية، والبصرة، وقلعة صالح، والحلفاية، والزكية، وسوق الشيوخ، والقرنة، وفى إيران يسكنون على ضفاف نهر الكارون، والرز، وفى مدن إيران الساحلية».