رفض تعيين المرأة في مجلس الدولة .. مخالفة دستورية أم استمرار للتمييز الذكوري ؟

الأحد، 12 نوفمبر 2017 09:00 ص
رفض تعيين المرأة في مجلس الدولة .. مخالفة دستورية أم استمرار للتمييز الذكوري ؟
مجلس الدولة
هبة جعفر

"لماذا يرفض مجلس الدولة تعيين الفتيات بمنصة القضاء، واعتبارها حكرا علي الرجال فقط" ؟ .. سؤال لن تجد إجابة عليه من قضاة المجلس الأجلاء، لأنهم يسيرون على نهج سابقيهم وما استقر عليه الأمرمنذ تأسيس المجلس، فلا يوجد مكان للمرأة على منصة مجلس الدولة ، الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الموقف المتشدد لقضاة المجلس ، خاصة وإنه يمثل حصن الحريات والحقوق ويسطرمن خلال أحكامه مبادئ قانونية هامة،  وفي المقابل يقف كحجرعثرة في سبيل وصول المرأة لتحقيق حلمها باعتلاء منصة المجلس.
 
المادة 11 من الدستور وحق المرأة في التعيين

في الوقت الذي نجد المرأة تعتلي منصب رئيس هيئة قضائية بالنيابة الإدارية، وجزء من المجلس الخاص لهيئة قضايا الدولة، ويسعى القضاء العادي إلي زيادة عدد القاضيات المعينات،  نجد الرفض الصامت من قبل مجلس  الدولة  لتنفيذ المادة ١١ من الدستور، والتي تنص علي " أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبًا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها" ومن هذه المادة أصبح لزاما علي الدولة ومجلس النواب العمل علي صياغة القوانين التي تكفل حق الفتيات في التعيين بالهيئات القضائية خاصة المجلس.

 الأزمة في مجلس النواب

إزاء الرفض المستميت من المجلس علي تعيين المرأة ، وصل الأمر إلي مجلس النواب حيث تهكم رئيس المجلس في دعابة لأحد النائبات المدافعة عن حق مجلس الدولة في مراجعة القانون "دا مش بيعين ستات"  ولم يقتصر الأمرعلي المداعبة بل وصل إلي تقدم النائبة سوزى ناشد ، بمشروع قانون من شأنه أن يُلزم بـ«تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة»، فيما اعتبر عدد من المؤيدين لمشروعها من النواب، أن الوقت قد حان لدخول المرأة المصرية مجلس الدولة، بعدما أثبتت نجاحها في جميع المجالات التي تقلدتها، مؤكدين أن الدستور المصري كفل المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والواجبات.
 
 اللجوء للرئيس أسلم حل 

لم تجد المرفوضات من قبول أوراق تعيينهن ، بمجلس الدولة سوي اللجوء للرئيس للتدخل بشخصه بعد استنفاذ كافة المحاولات للحصول علي حقهن، خاصة بعد مواقفه الحريصة علي دعم حقوق المرأة.
 
وقالت أمنية جاد الله، احدي خريجات الحقوق والثانية على دفعة 2013 بتقديرامتياز مع مرتبة الشرف- كلية الشريعة والقانون- جامعة الأزهر-  إنها رفعت دعوي قضائية أمام المجلس للطعن علي قرار استبعادها،  وتحددت جلسة  24 نوفمبر الجاري ، لنظر القضية ،  لافتة أن مناصب القضاء حق لنا كفتيات وحق وللرجال ، لافتة أنهم منذ عام 2014 وهم يطالبون بحقهن في التعيين كقاضيات بمجلس الدولة ، ويصارعن من أجل منع حرمانهن من حقهن الدستوري والقانوني".
وأضافت جاد الله : من حق الخريجات التعيين قاضيات بمجلس الدولة  دون اقتصاره على الخريجين فقط ، رغم تفوق بعض الخريجات أكاديميا في مخالفة صارخة للمادة 11 من الدستور، التي تكفل تعيين المرأة قاضية في كافة الهيئات القضائية دون تمييز ضدها،  لأن هذا التمييز فيه ضرب بعرض الحائط بالمادة 53 من الدستور التي تنص على اعتبارالتمييز جريمة يعاقب عليها القانون". 
 
واستكملت قائلة:   تم حرماني من حق التقاضي على درجتين وانتقاصه لدرجة واحده فقط وتحويل القضية للمحكمة الإدارية العليا مباشرة دون المرور بالدرجة الأدنى وعدم وجود جهة أعلي لكي يتم الطعن أمامها،  إذا كان هناك مقتضي وتظلمت من الحكم، وتم جعل الحكم حائزا حجية الأمرالمقضي وليس من حقي إثارة الموضوع والمطالبة بحقي الدستوري مرة أخرى، مما يعد إخلالا بحق التقاضي المكفول لكافة المواطنين ،ومرما يقرب من عامين في إجراءات وخطوات تمهيدية قبل أن تعرض القضية على المحكمة والفصل فيها، وسنظل نكرر العدالة البطيئة أسوأ أنواع الظلم".

بداية الأزمة ورفض المجلس تعيين المرآة 
 
 كانت بداية الأزمة في أواخر عام 2009 وبداية عام 2010  عندما ثارت الأمور داخل المجلس،  بعد طرح موضوع تعيين الإناث بمجلس الدولة ،  بعد سنوات من الرفض المستميت ، فقد انقسم قضاة المجلس بين مؤيد ومعارض، إلى أن انتهت الجمعية العمومية لمستشاري المجلس والجمعية العمومية لنادى قضاة المجلس برفض تعيين خريجات دفعتي 2008 و2009، وتأجيل مناقشة تعيين الإناث لأجل غير مسمى، بحجة عدم صلاحية الإناث للعمل القضائي في ظل الظروف الحالية لأبنية المحاكم والنصوص القانونية واللائحية القائمة.
 
وظل الهدوء سيد الموقف حتى جاءت العاصفة مرة أخرى بعد الثورة، من خلال المادة 11 من الدستور التي نصت علي أحقية المرآة في التعيين بالهيئات القضائية، وحتى يواجه المجلس الأمر فقد دعا الفتيات خريجي دفعة 2014 إلي تقديم أوراقهم إلي جانب الذكور، لكنه أكد في ذات الوقت على أن تسلم أوراق الخريجات الإناث لا يعتبر قبولاً لتعيينهن، ولن يتم حسم تعيين الإناث فى المجلس إلا بقرار من الجمعية العمومية لمستشاري المجلس، وأن الأمر سيقتصر على تسلم طلبات التعيين وصورة المؤهل الدراسي، ولن يتم تسليمهن ملفات بيانات المتقدمين التي يتسلمها في المعتاد الخريجين الذكور.
 
وكشف مصدر قضائي أن الجمعية العمومية لمستشاري المجلس،  هي الجهة الوحيدة التي يمكنها العودة في قرارها السابق،  لافتا أنه لا سلطان لأحد عليها حتى المجلس الخاص،  وقال إن حل الأزمة في أيدي الجمعية العمومية وحدها.
وأكد المصدرأن المادة 11  شددت على أن "تكفل الدولة" وليس "إلزاما" عليها تعيين المرأة في الجهات الهيئات القضائية، كذلك فإن بعضا من نصوص الدستور تحتاج لقوانين تطبقها، وبالتالي فلا بد من إقرارقانون أولا ينص على كيفية تعيين المرأة كقاضية بالمجلس وإجراءات التعيين وغيرها من الأمور. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة