"ازدراء الأديان".. طريق الباحثين عن الشهرة والتلاعب بالدستور
الثلاثاء، 07 نوفمبر 2017 10:10 م
"ازدراء الأديان"..هو الطريق الأمثل للوصول إلى الشهرة والنجومية، وذلك بحجة أن الدستور كفل حرية العقيدة والتعبير، فى الوقت الذى وقف فيه القانون للتصدى والحفاظ على سلامة المجتمعات من عملية الإختراق للثوابت الدينية والتقاليد والأعراف .
اليوم، فتحت نيابة استئناف القاهرة التحقيق فى البلاغات المقدمة ضد كل من أحمد فاورق الفيشاوى الممثل السينمائى والمخرج وصاحب السيناريو عمرو سلامة، على خلفية اتهامهما بإزدراء الأديان بسبب فيلم "شيخ جاكسون"، بينما أحال بالأمس المستشار أحمد عز الدين عبد الشافى المحامى العام الأول لنيابات جنوب القاهرة، شخصين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، على خلفية اتهامهما بـسب الذات الإلهية وازدراء الأديان، فى القضية المعروفة إعلامياَ بـ"تنظيم ملحدي لابوار" .
التهمة وجهت من قبل للكاتبة نوال السعدواي والمخرجة المثيرة للجدل إيناس الدغيدي والكاتب سيد القمني والمطرب الشعبي حكيم الذي اتهم بازدراء الأديان، بعدما ظهر في أحد مشاهد كليبه الجديد "عم سلامة"، وهو يسند قدمه على حائط مكتوب عليه الآية القرآنية: "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين"، وأدت أغنية "الحسن والحسين" من فيلم "عبده موتة" للفنان محمد رمضان والراقصة دينا إلى اتهام الاثنين بـ"ازدراء الأديان".
إلا أن السؤال الذى يطرح نفسه هو؟ متى أدرجت تلك الجريمة ضمن قانون العقوبات المصري؟ وما عقوبتها ؟ وما رأى الخبراء القانونيون فى إزالة وتعديل المادة فى القانون .
فى البداية، يقول ياسر سيد أحمد، المحامى بالنقض، أنه لا يوجد لهذه الجريمة باب مستقل بقانون العقوبات المصري، لكنها تندرج تحت نصوص مختلفة تنظم حالات معينة يتعلق بعضها بطريق مباشر بالأديان وبعضها يتعلق به ولكن بطريق غير مباشر.
وأضاف أحمد فى تصريح لـ"صوت الأمة" أنه المواد الخاصة بالقانون أدرجت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ومنها المادة 98 ووضعت عندما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحي، فوضع السادات قانوناً يجرم به استخدام أي دين لسب دين آخر، مؤكداَ أن اذدراء الأديان بمثابة الإعتداء والتحريض على قدسية الاعتقاد الديني، والإساءة للأديان والرسل، ومهاجمة العقيدة بالباطل.
تعريف ازدراء الأديان فى القانون
وأشار إلى أن القانون يعرّف جريمة ازدراء الأديان بأنه احتقار الدين أو أحد رموزه أو مبادئه الثابتة أو نقده أو السخرية منه، لأن مثل هذه السلوكيات تثير الفتن، ومن هنا فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعتبر ازدراء ولا يسمح به، والقانون يعاقب عليه، مؤكداَ أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ضمنت الحق في العقيدة وحرية التعبير من بين الحقوق الأساسية والحريات العامة للإنسان، إلا أن المواثيق والقرارات الدولية التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة، أولت الخصوصية الثقافية والدينية والاجتماعية للمجتمعات المختلفة الاعتبار والعناية، حيث قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2008 حظر مجاوزة الأفراد للحدود القانونية للحق في التعبير. كما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على طلب مصر ودول المؤتمر الإسلامي تقييد حرية التعبير بما يتفق مع خصوصيات كل مجتمع والقوانين السائدة فيه ومراعاة واحترام وتوقير العقائد الدينية.
رفض دعوات إلغاء عقوبة ازدراء الأديان
فيما، قال الدكتور أحمد مهران، رئيس مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية أنه ضد الدعوات الخاصة بإلغاء عقوبة ازدراء الأديان ضمن تعديلات قانون العقوبات المصري، لأن وجود عقوبة رادعه ضد متطرفي الرأي الديني تعتبر إحدى الوسائل التي تستخدمها دولة القانون في حجب المفاسد التي من شأنها أن تؤدي إلى خلق الفتن بين أبناء الوطن الواحد وإثارة الشبهات .
وأضاف مهران فى تصريح خاص أن هناك ضرورة ملحة للحفاظ على النصوص القانونية التي تجرم هذا السلوك، حفاظًا على الأمن القومي المصري، والعلاقات الاجتماعية المتوارثه بين الأجيال من أفراد الشعب المصري، مشيراَ إلى أنه ضد دعوات البعض من الحقوقين والمفكرين، الذين يطالبون بإلغاء العقوبة، ذلك أن إلغاء عقوبة ازدراء الأديان سيجعل الأديان السماوية في مهب الريح، ويعطي فرصة للمشعوذين أن يفتئتوا على دين الله في الأرض بالباطل، بصورة من شأنها زرع الفتنة والانقسام بين الشعب، والذي ينتج عنه بطبيعة الحال انهيار الوطن وانتشار الكفر و الإلحاد .
وعن جريمة "سب الذات الإلهية" أشار إلى أن سب الذات الإلهية جريمة بكل النظم القانونية في العالم ودونما النظر إلى دين الدولة، حتي ولو كان الإله بقرة كما الحال عند الهندوس أو لو كان الاله نار كما عند بعض الهنود، ذلك أن إحترام الذات الإلهية واجب وطني و قومي لان من شأنه حجب التنازع و الانقسام و الاقتتال حول صحة المعتقدات الدينية و الفكرية .
رأى القانون فى تهمة ازدراء الأديان
وبالنسبة للشق القانونى، قال وحيد الكيلاني، أمين عام لجنة الحوار والشئون النقابية بنقابة المحامين، أن المادة 98 من قانون العقوبات تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز الـ5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز الـ1000 جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار منطوقة بقصد الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي.
وأضاف الكيلانى فى تصريح خاص أنه فيما يخص المادة 161 من قانون العقوبات تنص على أن يعاقب بتلك العقوبات على كل تعد يقع بإحدى الطرق المبينة بالمادة 171 على أحد الأديان التي تؤدي شعائرها علناً، حيث يقع تحت أحكام هذه المادة كل من طبع أو نشر كتاباً مقدساً في نظر أهل دين من الأديان التي تؤدي شعائرها علناً إذا حرف عمداً نص هذا الكتاب تحريفاً يغير من معناه أو قدم تقليداً أو احتفالاً دينياً في مكان عمومي أو مجتمع عمومي بقصد السخرية به.
وأوضح أن المادة 176 نصت على: "أن يعاقب بالحبس كل من حرض على التمييز ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام" .
نص مواد القانون
المادة 98 فقرة "ا" من قانون العقوبات "تؤثم الازدراء بالعقيدة الدينية وتعاقب مرتكبها بالحبس من ستة شهور إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه إلى ألف جنيه مصرى" .
المادتان "160-161" من قانون العقوبات تتحدد الجنح المتعلقة بالأديان، وهى واحدة من الأفعال الإجرامية الآتية:
ـ كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال دينى خاص بها أو عطلها بعنف أو التهديد.
ـ كل من ضرب أو كسر أو أتلف أو دنس مبانٍ معدة لإقامة شعائر دين أو رمز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء الملة
ـ كل من استغل الدين فى الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى، أو الطعن فى كتاب مقدس أو تحريفه عمداً، أو السخرية من الاحتفالات الدينية.